23 ديسمبر، 2024 4:50 م

الكرد بين سندان الأزمة ومطرقة السلطان – ٢

الكرد بين سندان الأزمة ومطرقة السلطان – ٢

· الكُرْدُ بَيْنَ سَنْدَان الأَزْمَةِ وَمِطْرَقَةُ السُّلْطَانِ الجُزْءُ / 2
· حــازم الشــهابي:
لقد بدا الغبار ينجلي عن المشهد الكردي بشكل تدريجي واضح , وذلك من خلال الأحداث الساخنة الأخيرة , وكما هو متوقع تماما إن وتيرة الأحداث المتصاعدة ألان في الإقليم , ما هي إلا ردة فعل طبيعية إزاء سياسة اللعب بالبيضة والحجر , لتي طالما انتهجتها الأحزاب الكردية الحاكمة , لتتساقط معظم الأوراق التي راهنت عليها السلطة الكردية , ومنها موضوعة الاستفتاء والأزمة المالية المُختلقة , وقطع رواتب موظفي الإقليم وتدهور الوضع المعيشي بشكل عام ,والتي ما هي إلا خطة خبيثة أريد منها إيصال رسالة مبطنة إلى الشعب الكردي, مفادها إن كل ما يحصل اليوم من تدهور للأوضاع المعيشية والاقتصادية وحتى الأمنية منها , هي بسبب سياسات الحكومة في بغداد! ليثيروا بذلك ضغينة الشعب الكردي وامتعاضه من الحكومة ورمي المركزية بسهام النقمة , لتكن كواحدة من مقدمات تمرير مشاريعهم الانفصالية , كبديل أو مُخلص من هذه الأزمات الطويلة التي ضربت بعمق بصميم المجتمع الكردي , في حين
إن الإقليم كان يستحوذ ولسنوات عديدة على كل الإيرادات المالية للإقليم ,الصادرات النفطية , المنافذ الحدودية , والمطارات , التي كانت تذهب اموالها مباشرة إلى خزينة الإقليم دون المرور حتى على الحكومة المركزية, بالإضافة لما يحصل عليه من أموال الخزينة الاتحادية , ,بينما الشعب الكردي كان يعاني الأمرين , التقتير المالي , والاضطهاد البرزاني , بمعنى أخر إن الأزمة في الإقليم ما هي إلا أزمة مصطنعة وقد انطلت للأسف الشديد على الشعب الكردي لفترة طويلة من الزمن , حتى جاءت قشة الاستفتاء التي قصمت ظهر هذا المخطط البائس .
فبدأ الشعب الكردي وفي وقت متأخر يدرك تماما حقيقة هذه اللعبة وروادها وأهدافها ليعلن عن حراكه الشعبي والذي أطلق على نفسه (الجيل الجديد) ليكون خير دليل على حجم الانزعاج والامتعاض من السلطة الحاكمة , الذي أكده النائب عن الجماعة الإسلامية ” زانا سعيد” في لقائه لإحدى الصحف المحلية حيث قال ما نصه “إن المتظاهرون يطالبون برحيل السلطة الحاكمة التي يسيطر عليها الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني ” .
سيدرك الساسة في بغداد ,إن الحراك الدائر اليوم في الإقليم ما هو إلا فرصة ثمينة قد لا تتكرر مرة أخرى , يمكن الاستفادة منه واستثماره لتمرير بعض الإرادات السياسية التي تصب في مصلحة كتلهم , ويكون ذلك من خلال إبداء الدعم والتأييد للحركات الكردية التي تتمتع بنسبة لأبأس بها من المقبولية ,مقابل ظمآن تأييدهم لتمرير القرارات المهمة في برلمان بغداد .
فان كتلة التغيير مثلا , تمتلك 24 مقعد في الإقليم والحركة الإسلامية 6 مقاعد , بالإضافة لتيار برهم صالح , وهذه النسبة يرجح إن ترتفع في الانتخابات القادمة أكثر مما هو عليه ألان في ظل الانزعاج الشعبي من الاتحادين الوطني والديمقراطي , وهذا يستدعي النظر بحنكة ودراية بالغة , بالإضافة إلى إن هنالك أطراف أخرى في الاتحاد الوطني مازالت متأرجحة بعض الشيء , ومن الممكن التأثير عليها من خلال الإغراء بالمناصب الحكومية ..
وقد بدأت بعض الأطراف والشخصيات السياسية محاولاتهم ركوب وإعادة توجيه الموجة بما يخدم مصالحهم السياسية والحزبية , من خلال ما نشاهده اليوم من تصريحاتهم, التي تبعث برسائل مبطنة , إلى الشعب الكردي تارة و إلى الأحزاب المعارضة لحكومة الإقليم تارة أخرى …