أثبتنا بالدليل القاطع للعالم أن كرة القدم ليست مجرد رياضة تحمل مفاهيم نبيلة وسامية توثق ولا تفرّق، بل العكس تماماً إنها لعبة التهديد والوعيد ، والتلاعب بالمقدرات، ومسرح للفساد والإفساد والثراء على حساب الوطن وسمعته ، وضحيتها جمهور أصيب بالإحباط والجزع، وأمراض مزمنة نتيجة هذا التلاعب، والصورة القاتمة التي نتعايش معها قسرًا ، حيث أصبح المنصب والسفر والمكافآت هي الأهم ، ولتذهب النتائج إلى الجحيم .
ما نراه ونسمعه اليوم من تقاطعات داخل اتحاد الكرة يعكس بوضوح حجم الاختلافات ، والتشبث بالمناصب حتى وإن كان ذلك على حساب الخطأ ، فضائح تتكشف يومياً ، ونشر غسيل على الملأ، وفرجة مجانية عالمية بين من يرفع ومن يكبس ، ومن يقلب مصالحه مع اتجاه الريح ويميل معها!
محاكم ، شكاوى ، ملفات مفتوحة في ديوان الرقابة ، وابتزاز ومساومات على عينك يا تاجر فيما ترزح الكرة العراقية تحت خط التدني في كل شيء ، من المنتخبات الوطنية إلى الفئات العمرية ، ومن الكرة الخماسية إلى الشاطئية والنسوية وغيرها .
أما منتخبنا الوطني ، الساعي للتأهل إلى المونديال ، فقد حُشر قسرًا في عنق الزجاجة بمصير مجهول ، وحالة يُرثى لها ، دون أي بوادر إصلاح لا من داخل الاتحاد ولا من خارجه نخسر الأيام بسرعة ، ومعها يضيق أفق الأمل فلا معالم واضحة لمدرب، ولا لمعسكر ، ولا لقائمة لاعبين ، في ظل تركات ثقيلة خلفها المدرب السابق ، وسط واقع فولاذي عصيّ على الحل .
لذلك كله، أصبح تدخل دولة رئيس الوزراء بقوة أمراً ضرورياً لوضع النقاط على الحروف ، ووقف مسلسل المهازل الاتحادية اليومية . تدخّل شجاع كهذا سيُحسب له ، ويضع اللبنة الأولى في طريق الإصلاح، ووقف نزيف المال العام ، ووضع حدود مثالية لتغوّل سلطة الاتحاد وتعاليه على جميع المؤسسات .
أما إن واصلنا التعامل مع هذا الخراب بـ”الترقيع”، فكأننا نخفي حقلاً للألغام تحت كومة رمال سرعان ما تزول ، لنعود إلى المربع الأول ، ونعود بعدها إلى الجلطة، وضغط الدم ، والسكر ، وأمراض القلب .
وعساها بحظ الطوبة… وبخت أهل الطوبة .