ذكّرني زميلي بلقاء حصل مع أحد المشاركين في الحرب العالمية الثانية , بعد أن أرسل لي حديثا مسجلا لأحد الناجين من تلك الحرب.
فقبل بضعة سنوات إلتقيت في باريس بفرنسي تجاوز التسعين من عمره , لكنه لايزال معافى الحواس ويجيد الإنكليزية ويعبر بها بوضوح , وكان محاربا ضد الإحتلال الألماني لفرنسا , وهو من الجيش السري الذي كان الذراع الداخلي الناشط لديغول , والذي كان يعد قواته في إنكلترا , وراح يقص حكايات تلك الأيام , وكيف كانوا يقتلون الجنود الألمان , ويشاركون بنقل المعلومات عن الجيش الألماني وتحركاته ومواضعه.
وبعد أن أفاض بأحاديثه وقصصه , حدق بوجهي مبتسما , ومن ثم مقهقها وهو يقول: الكراهية لا تدوم…كنا نكره الألمان ونقتلهم…
واليوم…
إبني متزوج من ألمانية…وأحفادي فيهم دم ألماني …. وعندما أزور ألمانيا لا اشعر بالكراهية…إنها المحبة والتفاعل الإنساني…
ومضى يضحك ويعيد: الكراهية لا تدوم…
ويضيف: فها نحن اليوم في الإتحاد الأوربي ونتزاور ونتزاوج , لقد ولّت أيام الكراهية , ونعيش زمن المحبة ..
تأملته بإعجاب وقلت لنفسي: نعم لن تدوم الكراهيات , وسنعيش أيام المحبة والبهجة والتفاعل الإنساني الجميل…
فالمجتمعات البشرية لا ترغب بالكراهية , وقلبها مليئ بالمحبة , فمهما تنامت الكراهية فأنها ستؤول ذات يوم إلى موانئ المحبة والوعي بالرابطة الإنسانية الجامعة ما بين البشر.
فأيهما افضل الكراهية أم المحبة؟
إن البشر يسعى للمحبة لأنه يريد البقاء ويحيد عن الكراهية لأنها ضد إرادة البقاء والتقدم والرقاء
نعم إن الكراهية لا تدوم والمحبة أمر محتوم!!