18 ديسمبر، 2024 10:05 م

الكراهية حاجة سياسية!!

الكراهية حاجة سياسية!!

بعضهم يتساءل هل أن الكراهية حاجة نفسية ، وهذا سؤال تبريري تعزيزي لسلوك الكراهية ، ومن الأصوب أن يكون السؤال : هل أن الكراهية حاجة سياسية؟
يبدو أن الوقائع والحقائق والأحداث بآلياتها ومنطلقاتها ودوافعها ونتائجها وتوالياتها ، تشير إلى أن الكراهية حاجة سياسية أو كرسوية.
فالبشر عندما يمسك بالكرسي، يتحتم عليه أن يشيع ثقافة الكراهية , لكي يوفر المسوغات ويعزز القدرات اللازمة لبقائه في موقعه أطول مدة ممكنة مهما كان الثمن.
وقد تكرر سلوك المتمسكين بالحكم , وفقا لإشاعة منهج الكراهية وثقافتها وآلياتها للوصول إلى غاياتهم الفردية ، ولا يعنيهم في الأمر والأحداث سواها.
ومن المعلوم أن البشر الذي يشيع ثقافة الكراهية ، يكون أما طائفيا أو متحزبا أو عنصريا ، أي أنه قد إنتمى إلى مجموعة أو جماعة وحزب ومذهب وكتلة وعصابة أو غيرها.
وعندما يمتلك فرصة التقدم فيها والإمساك بزمام قيادتها ، فأنه يسعى بكل طاقاته لتعزيز وحدة تلك الجماعة أو الفئة وزيادة قدرات إنضمامها وإرتباطها به ، فيربط مصيرها بمصيرهِ ، ويعمل من خلالها بجد وإجتهاد لتوفير الأسباب , وصناعة الأحداث والتفاعلات الضرورية لترسيخ ثقافة الإعتقاد بأن الآخر , أو الآخرين خارج المجموعة هم ضدها وأعداؤها ويريدون تدميرها والقضاء عليها ، وهذا يؤهل الجماعة لإطلاق العواطف والمشاعر السلبية , وتعهد الرؤى والتصورات الخاطئة والمنحرفة وتوقدها والعمل بموجبها.
فتصبح تلك الجماعة متأججة بالبغضاء والكراهية تجاه الآخر أو الآخرين ، مما يدفع إلى نزاعات وصراعات مروعة بين أبناء المجتمع الواحد.
وقد رأينا ذلك في مسيرة الأحزاب مدى العقود الماضية ، حيث كل حزب وقياداته يسعون إلى ذات الأسلوب الأناني الإستبدادي التسلطي , الهادف لإرضاء حاجات غريزية ودوافع لا تخدم المصلحة العامة ولاتنفع الجماعة وقادتها وإنما تنقلب وبالا عليهم.
وهذا ما تحقق في الكثير من الأحزاب في مجتمعاتنا ، فالتكتلات والفئويات وما شاكلها ، تتحول إلى سلوكيات غابية الطباع والتوجهات وتحرق الغابة التي تتصارع فيها.
ووفقا لذلك ، فأن الكراهية حاجة سياسة سلبية وضارة بالمجتمع والحزب والكتلة والفئة ، وقد أثبتت الأحداث التأريخية ذلك ، لكن البشر يكرر هذا السلوك بسبب الظروف المحيطية الناشئة التي تعززه.
فالذي يمسك بزمام الجماعة ، يسخّرها لتأكيد رغباته الفردية , ولكي يكون ذلك ، لا بد لها أن تحاط بالخوف والشك والتهديد وعدم الأمان والحاجة إلى التمسك بالسلطان ، وبهذه الأساليب تصنع الشعوب جلاديها ومستبديها.
فالمجتمعات التي سخّروها ومرروا عليها غاياتهم ورغباتهم ، تساهم في التحول إلى أرقام يكون مصيرها المحق والإمحاء.
وقادة الكراهية يعملون على تحقيق ذلك ، لكي يكونوا هم الرقم الوحيد ، الذي لا تمحقه إلا القوة التي تساعده على الوقوف لوحده.
والمجتمعات التي تريد صناعة الحياة , عليها أن تعي هذه العاهة السلوكية , فلا تنصاع لها وتكون ضحية سهلة لآثارها.