23 ديسمبر، 2024 1:43 ص

الكرامه والتضحيه

الكرامه والتضحيه

ان من الصفات الحميده هي ان يتعلم الانسان كل يوم درس جديد من معترك الحياة فتارة يكون سلبا واخر ايجابا وربما نتعلم ممن هم اقل من المستوى العلمي الذي نملك … وبما اني هذبت نفسي ان لا ابخس الناس اشيائهم وجدتها تحترم كل المستويات من الناس وبالمقابل احصل على نفس الاحترام في ذاتهم لي . من المواقف المثيره التي استوقفتني وتاملتها طويلا هو حاله مرضيه لسيده عجوز تجاوزت العقد السابع من عمرها فاحدودب ضهرها وقل بصرها ولم تعد تقوى على الوقوف والسير الا بمساعدة عكازها الخشبي المصنوع من شجر المهاكاني القوي والخفيف .هذه العجوز تنحدر من اصول سبانيه عاشت قسم من حياتها في فنزولا ثم انتقلت الى بليز في البحر الكاريبي لاكمال مسلسل حياتها . في يوم من الايام اتصل بي منسق استقبال حالات الطوارئ في مستشفى المدينه بوجود حاله تحتاج الى اسعاف سريع جدا والمريض في حالة خطره حظرت مع اطباء اخرين للمساهمه في انقاذ حياة المريض فوجدنا ان السيده قد تعرضت للدغة ثعبان سام قاتل اسمه كوبرا    بعد اجراء الرعايه الصحيه للسيده تحسنت وعادت الى الوعي بعد يومين فقمت بزيارتها واخذت معها بالحديث من اجل دعمها معنويا وتهدئتها نفسيا . سألتها  “كيف تمكن الثعبان من لدغك او كيف توصل اليك ” اجابتني بكل شجاعه “الثعبان لم ياتي الي بل انا الذي ذهبت اليه ”   قلت لها كيف ولماذا … اجابت لانه غزى حديقة بيتي وربما ياكل دجاجاتي فهاجمته لادافع عنهن ولم اخف منه ولم اتراجع حتى لو لدغني ……. خطر على مخيلتي كم هذه السيده العجوز تملك من الغيره والشجاعه والكرامه وقيم المبادئ في الدفاع  والتضحيه عن ممتلكاتها مالايملكه ثلثي الشعب العراقي الذين هللوا لاحتلال غاشم  وتامروا مع القاصي والداني ودول الجوار لتدمير هذا البلد العملاق بحضارته وتراثه واهله الكرماء من اجل ديمقراطيه مزيفه قسمت البلد الموحد الى طوائف متقاتله يموت بها الالاف من شبابنا يوميا وتهدر المليارات من ثرواتنا مسروقة من قبل حفنه من زبانية الاحتلال حتى تحول العراق الى بلد خراب ينافس الصومال  على التخلف والفقر المدقع الذي ينهش وينخر في عظام الارامل والايتام والسجناء .                                                  

 خطر على بالي كذالك  ان فقدان قيم المبادئ أو التنازل عنها لأي سبب كان لا يمكن بأي حال من الأحوال السكوت عنه ولعلّ هذا الوصف هو ما يشكّل الفرق بين من يقاوم ويناضل ويجاهد ويصابر بالساعد والقلم واللسان فيجمع المجد من أطرافه محافظا على قيم المبادئ  الأصيلة لانشاء جيل من الثوار حي وفاعل وخلاق .فمن فقد قيم المبادئ والرجولة معا هو كمن فقد القلب والعقل والبصر في آن واحد وهذا هو حال الفئة  الضالة في العراق والتي تحكم اليوم بالحديد والنار وتلجم الأفواه وتحبس الأنفاس حفاظا على كرسي الحكم المقام فوق جماجم وجثث الشهداء من أبناء هذا الشعب وتحتمي بالأجنبي لحماية عروشها العنكبوتية مما ساهم بشكل مباشر في تدهور حال البلد من سيئ الى أسوء حتى تطاولت علينا جحافل المحتلين والطامعين والحاقدين…  فحب الدنيا والرهبة من الموت هما السمتين المميزتين لأشباه الرجال ممن فقدوا قيم المبادئ والرجولة وإنبطحوا ركّعا سجودا لأسيادهم الغزاة المحتلين كما فعل عملاء المنطقة الخضراء في العراق لا همّ لهم سوى البقاء في سدّة الحكم ولو على حساب الشرف والكرامة والمروؤة والعزّة والأنفة والكبرياء ولا معنى عندهم للقيم والمبادئ والأخلاق فقيمهم العمالة ومبادئهم الخيانة وأخلاقهم الذلّ والمهانة أولائك هم الفئة الضالة التي وجب إستئصالها من تربة هذا الوطن الجريح من خلال التمسّك بقيم المبادئ والحفاظ على قيم الرجولة المتجسدة في الوقوف بوجه الباطل وقول كلمة الحق ومواجهة الظلم والقهر والاستعباد والاستعداد للتضحية بالغالي والنفيس من أجل بقاء هذه الأمة واستمرارها ولن يتمّ ذلك ما لم يتوفّر شرط الإيمان بحتمية النصر والثقة في المستقبل والجهاد المستمر ضدّ مظاهر الخنوع والخضوع والانبطاج .لا يهنأ العملاء والخونه بحياة الذل ولو كانوا يرفلون في الحرير وينعمون بأطايب الطعام وموفور المال، لأن نفس الخائن يمرضها الذل مرضاً شديداً  وتعصف بها قدرة الرب الجبار الى الهاويه وقد قرن الله الخائنين بالكافرين حيث قال (( ان الله لايحب كل خوان كفور ) والعربي الشريف ينفر من العماله والخيانه والذل كما قال الشاعر عنترة بن شداد : لا تسقني ماء الحياة بذلة … بل فأسقني بالعز كأس الحنضلوقال المتنبيمن يهن يسهل الهوان عليه …..مالجرخ بميت ايلام فإن القيم الخالدة لا يمكن أن تموت أو تزول كما أن مبادئ الشرف والأمانة والكرامة والعزّة والوفاء والإخلاص باقية الى يوم الدين ببقاء رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه كرجال المقاومة الوطنية الباسلة والمناضلين الصامدين المرابطين في أرض الرافدين والمجاهدين الواقفين بالمرصاد لكلّ خائن عميل مهد ويمهد للاحتلال بطول البقاء