22 ديسمبر، 2024 8:25 م

الكرامة الوطنية من وجهة نظر حزب الله

الكرامة الوطنية من وجهة نظر حزب الله

قال الشاعر الرصافي:
لا يخدَعنْك هِتاف القوم بالوطن فالقوم في السر غير القوم في العَلَن
لم يقصدوا الخير بل يستذرعون به رميًا إلى الشر أو قصدًا إلى الفتن

إستمعت الى كلام أحد قادة حزب الله اللبناتي يقول فيه ان المهم في لبنان الكرامة الوطنية والتي تتمثل في وجود محور المقاومة، ودفاعه عن سيادة لبنان وكرامتها في وجه الكيان الصهيوني، أما موضوع السياحة في لبنان وازمة الوقود والكهرباء وتراكم النفايات فإنها امور ثانوية، ولا تشكل إلا هامشا صغيرا أمام الكرامة الوطنية اللبنانية.
وأنا إستمع الى هذا النهيق العالي، تذكرت صراع آلهة الأغريق في الميثولوجيا فيما بينهم وإنعكاساتها على العباد، وهم ينظرون من الأعلى الى الناس ويحركونهم في الحروب واتفاقات السلام، فيبدو أن قادة حزب الله ينظرون الى الأوضاع في لبنان من السماء السابعة، ولا يعرفوا أي شيء عن أوضاع لبنان الداخلية ولا معاناة الشعب اللبناني اليومية، إهتمامهم يتركز على الكرامة الوطنية، والدفاع عن سيادة لبنان، ولا نفهم عن أية سيادة يتحدثون، وزعيم المقاومة وأطول ذيل للخامنئي في المنطقة (حسن نصر الله) يتفاخر بأنه جندي في ولاية الفقيه، والكيان الإسرائيلي يقصف سوريا بإستمرار من السماء اللبنانية المستباحة، ومعسكرات حزب الله في سوريا تتعرض الى هجمات يومية ولا يستطيع (محور الكرامة الوطنية) أن يرد على هجمة واحدة، فأية سيادة وكرامة وطنية يتحدث عنها قادة حزب الله؟
وهل يعرفوا معنى الكرامة الوطنية؟ وهل للبنان كنظام متآكل وفي طريقه للسقوط كرامة وطنية؟
مع هذا لنجاري الذيول في رؤيتهم، ونستعرض أوضاع لبنان الحالية، ونبني عليها تصورنا في معنى الكرامة الوطنية التي يبوقوا لها في محافلهم السياسية..
ـ مقدار المديونية الخارجية لأصغر دولة عربية يعادل (120) مليار دولار، مع عجز دائمي في ميزان المدفوعات، ولا توجد بوادر لسد 1% من هذه الديون، بل الحكومة اللبنانية تطالب صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للإعمار بقروض جديدة، ناهيك عن الفوائد المترتبة على الديون الخارجية.
ـ تفاقم أزمة الكورونا، وعدم توفر اللقاحات، حيث غادر معظم الكوادر الطبية لبنان، ذكر( فراس أبيض) مدير مستشفى رفيق الحريري الجامعي، وهو أكبر مستشفى حكومي في البلاد يستقبل مرضى كوفيد ” الطواقم الطبية والتمريضية تركت العمل، والأدوية التي كانت متوفرة نفذت، ونحصل على ساعتين أو ثلاث ساعات كهرباء، والفترة الباقية تؤمنها المولدات، نخشى عدم تمكن المولدات من مواصلة العمل، لعدم تمكننا من الحصول على المازوت الضروري لتشغيل المولدات”.
ـ يعاني البلد من أزمة حادة في الوقود، وارتفعت أسعار الوقود بنسبة 80% خلال الشهر الحالي، علما أن مادة المازوت متوفرة في السوق السوداء بسعر 140 ألف ليرة للصفيحة الواحدة. وتوقعت الأمم المتحدة أن تتوقف الأفران عن إنتاج الخبز بسبب شحة المازوت المستخدم في الأفران.
ـ يعاني لبنان انهيارا اقتصاديا وصفه البنك الدولي بأنه “من أعمق حالات الكساد في التاريخ الحديث، وهو ما يهدد استقراره”. وهو نفس ما عبر عنه رئيس حكومة تصريف الأعمال بأن لبنان مهدد بوجوده.
ـ حذرت اليونسيف من انهيار شبكة إمدادات المياه العامة في لبنان خلال شهر واحد، جراء الانهيار الاقتصادي المستمر، وما يترتب عليه من انقطاع للكهرباء وشحّ في المحروقات. وذكرت ممثلة المنظمة في لبنان (يوكي موكو) ” يتعرض أكثر من (4) مليون شخص لخطر فقدان إمكانية الحصول على المياه الصالحة للشرب في لبنان”. وعدّدت المنظمة أسباب عدّة بينها العجز عن دفع كلفة الصيانة بالدولار، وانهيار شبكة الكهرباء، ومخاطر ارتفاع كلفة المحروقات.
ـ تعاني لبنان مدينة الأضواء الباهرة وفينيسا الشرق السابقة من عتمة شديدة، بسبب تفاقم أزمة الكهرباء سيما في الأشهر الماضية، ما أدى الى رفع ساعات التقنين لتتجاوز 22 ساعة يومياً في بعض المناطق. ولم تعد المولدات الخاصة، على وقع شحّ الوقود، قادرة على تأمين المازوت اللازم لتغطية ساعات انقطاع الكهرباء، ما اضطرها بدورها إلى التقنين. ساعتان يوميا مع الكهرباء، و22 ساعة بدونه!
ـ وصلت العملة الوطنية اللبنانية الى الحضيض ولأول مرة في تأريخ لبنان، بسبب السرقات والفساد الحكومي وهيمنة حزب الله على مقدرات البلد، فقدت العملة المحلية أكثر من 90 % من قيمتها، مما تسبب في تضخم مفرط، والدولار يساوي اليوم (22000) ليرة.
ـ لا تزال لبنان تتربع الصدارة في الأوساخ وتراكم النفايات في الشوارع وتلوث البيئة، علاوة على تلوث الأنهار، ولا توجد حلول جدية لمعالجة المشكلة، وزاد الطين بله الحرائق الشديدة في شمال لبنان والتي أمتدت الى الحدود السورية. فحُرقت الغابات والمزارع، وهذه خسارة اقتصادية مضافة.
ـ تفاقم مشكلة المخدرات التي تُزرع في جنول لبنان، وتعتبر مصدر رئيس لتمويل حزب الله، وقد أحلٌ رجال دين شيعة زراعتها والمتاجرة بها، لأن المخدرات توفر مصدر مالي لحزب الله، وتضعف من قدرة أعداء حزب الله (المقصود دول الخليج العربي).
ـ أزمة تشكيل الحكومة التي استمرت عاما، بسبب تمسك الرئيس عون بالثلث المعطل، ومحاولة تنصيب صهره باسيل كرئيس بعده، وانسحاب الحريري من تشكيل الحكومة، وتكليف نجيب مقاتي المتهم بملفات فساد من خلال صفقات مكشوفة للرأي العام اللبناني. والغريب في الأمر ان حزب الله رفض تسمية الحريري كرئيس للوزراء، ولكن وافق على تسمية مرشح الحريري (أي ميقاتي) على التكليف! ومن المتوقع ان تفرض الولايات المتتحدة والإتحاد الأوربي عقوبات على لبنان.
ـ هناك ازمات اخرى، مستوى الفقر تجاوز 50%، وازمة البطالة تفاقمت، وتردي النظام الصحي والتربوي، وكل القطاعات الحكومية.
أخيرا
أقول هل بقي يا حزب الله كرامة للبنان وشعبها؟
كرامة الشعب يا حزب الله، عندما يعيش الناس بأمان بعيدا عن شبح الحرب ونهيق محور المقاومة الفارغة. وتدخلات الحزب في العراق وسوريا واليمن.
كرامة الوطن عند يعيش الشعب بسعادة وتتوفر له كافة مستلزمات العيش الكريم، من طعام وماء صالح للشرب وكهرماء مستمرة، وخدمات صحية وتربوية مرموقة.
كرامة الوطن عندما لا يكون عليه مديونية خارجية، بل عندما يكون عنده صندوق سيادي فيه مئات المليارات من الدولارات مثل الكويت (700) مليار دولار.
كرامة الوطن عندما تكون عملته الوطنية رصينة، وليس دولار واحد يعادل (22000) ليرة.
كرامة الوطن عندما لا يتعرض الى أزمات صحية وخدمية وبيئية، وتتوفي عند السبل اللازمة لمعالجتها.
كرامة الوطن، عندما ينتفي فيه الفقر والمجاعة والأمراض.
هكذا تكون كرامة الوطن والشعب، وليس الكلام الفارغ الذي تتقيئون به على الشعب.
أخرجوا من لبنان، وإذهبوا الى بلدكم الأم ايران، واتركوا لبنان للبنانين، أنتم وباء أصاب البلد، فإن خرجتم منه، إسترد عافيته وأمانه ورفاهيته، وعاد الى حضنه العربي.
لبنان كانت عروس العرب، ولكنكم جعلتموها أرملة وهي في عز الشباب والعنفوان والحيوية.
لعنة الله والتأريخ ستلاحقكم وابنائكم واحفادكم يا سفلة، وسيكون مصيركم مكب النفايات، او بالوعات المياه الثقيلة.
صدق من قال: الذي يمشي وراء الولي الفقيه عليه ان يتحمل ضراطه.