18 ديسمبر، 2024 10:00 م

الكراسي والسيدة ميركل!!

الكراسي والسيدة ميركل!!

ميركل (17\7\1954 – ) , متخصصة في الفيزياء وحاصلة على شهادة الدكتوراه , وإنضمت لحزب النهضة الديمقراطية سنة (1989) , وشغلت وزيرة المرأة والشباب (1991) , وزيرة البيئة (1994) , الأمين العام لحزب الإتحاد الديمقراطي المسيحي (1998) , ورئيسة للحزب (2000) , وتولت منصب المستشارة (22\11\2005 – 26\9\2021).
أكتب عنها لأنها مثلت الخلق السياسي الإنساني القويم , الذي يندر وجوده في مجتمعاتنا , التي يدّعي ذوي الكراسي فيها بغير ما يقومون به من سلوك فاسد رجيم , فما رحموا أوطانهم ولا مواطنيهم , وأذعنوا لأمّارات السوء والفحشاء الفاعلة فيهم.
المدون في كتب التأريخ ينقل لنا أن الذي كان يستلم منصبا ما في الدولة (والي أو أمير) , كان يدخل إلى البلاد التي سيتولى المسؤولية فيها , وأول ما يخاطبهم بما معناها ,جئتكم براحلتي هذه فإن خرجت بغيرها فحاسبوني.
هل كان ذلك حقيقة أم تصورا خياليا , لاعلم لنا بذلك , لكن الفحوى هي أن المسؤولية أمانة وعلى المسؤول أن يصونها , ويرتقي بسلوكه إلى مقامها.
فكم من الكراسي في بلاد العُرب أوطاني وفي دول مسلمة قد صانت أمانة المسؤولية؟!
في الواقع العربي حدث ولا حرج , فالكرسي في المفهوم الجمعي يعني الإستبداد والإثراء والإستحواذ على حقوق الآخرين , ولا يوجد كرسي لم ينل من الثراء ما أراد إلا ما ندر.
فهذا وزير , ومعناه أنه يعيش في ثراء ويتعالى على الناس , وعليهم أن يخدموه لا أن يخدمهم.
وكم من رئيس ورئيس وزراء غنم ما لا يخطر على بال من أموال الشعب , وصارت بإسمه , وعندما تسأل عن أولاده وأحفاده وما يغرقون فيه من البذخ الفاحش , يكون الجواب كان أبوهم أو جدهم رئيس أو رئيس وزراء , أو وزير وغيرها من المناصب.
وقد تعود الشعب على هذه الصورة المشوهة والسلوك المنحرف , المتكرر بتكرر الإنقلابات أو الثورات أو أنظمة الحكم المفترسة للبلاد والعباد.
فالمناصب في مجتمعاتنا مواضع للسلب والنهب والفساد , وكذلك في بعض المجتمعات التي تسمي نفسها بالمسلمة , وما حصل في ماليزيا دليل على ذلك.
ونعود إلى السيدة ميركل , ليست عربية ولا مسلمة , لكنها قدمت خدمات للعرب والمسلمين المهاجرين إلى بلادها , ما لم تقدمه أية حكومة عربية أو مدّعية بالإسلام.
فأين الخلل؟
هل يجوز إغفال أن العلة أخلاقية؟
السيدة ميركل تتمتع بأخلاق عالية ذات معايير إنسانية نبيلة سامية , وكراسي أمتنا ترفع لافتات الإنحطاط الخلقي وتتفاخر بالفساد , وقهر المواطنين , ونهب الثروات , ففي ذلك تتجسد قوتها ومعاني وجودها العدواني على البلاد والعباد.
فقارنوا بين سلوكها وما جنته وما أنجزته , وبين الذين يتمنطقون بما ليس فيهم , وتصرفاتهم تنضح بما فيهم , وكلهم سرّاق وأعداء أمتهم ودينهم , ويتمشدقون بالهراء والدجل والنفاق!!
فعن أي وطن ودين يتحدثون وهم الفاسدون؟!!
أفلا تخجلون من أنفسكم , يا ذوي المعالي والألقاب في مجتمعاتٍ أوجعتموها بالإنتكاب والإستلاب؟!!