القول بأن الأمة تقتل عقولها , إنحراف رؤية وسوء تقدير , فلا يجوز تعميم حالة على أمة بأسرها.
الحقيقة المغفولة أن الذين قُتلوا هم الذين عبَّروا عن إرادة الأمة وجوهرها , وقتلتهم الكراسي الآثمة , فالأمة لا يمثلها كرسي متسلط يغتصب إرادة الشعب.
ومنذ تأسيس دول الأمة , والكراسي تعادي العقول المعبّرة عن الحرية والحق والعزة والكرامة , التي تأبى الخنوع والإستسلام للجبروت.
فأنظمة الحكم في القرن العشرين قتلت الآلاف من عقول الأمة المنيرة , وعطلتها وحجمتها وحاصرتها وهجرتها وفعلت بها الأفاعيل , فمن الظلم القول بأن الأمة تقتل أبناءها البارزين.
إن الكراسي الغابية الطباع وما يتصل بها من موظفين متنوعين , يساهمون بقتل عقول الأمة.
وفي التأريخ مجموعة من الذين أرادوا فرض رؤيتهم على أن القرآن مخلوق , وتمكنوا من إقناع الكرسي بذلك , فتبنى عقيدتهم , فتحول الموضوع إلى أنت معي أو أنت عدوي.
هذه الجماعة برموزها المستحوذة على وعي الكراسي , تسببت بقتل العقول الممثلة لإرادة الأمة.
ولا تزال الكراسي تسير على ذات السكة التي خلاصتها السمع والطاعة , ومن يشذ عنها يواجه مصيرا عسيرا.
فلماذا هذا الجزع في الطرح , والإتهام الجائر المتحامل , الذي يلصق بالأمة جورا وبهتانا.
فالذين قتلتهم الكراسي هم صوت الأمة الحقيقي الذي لا يخفت أبدا , وقَتَلتهم طواهم النسيان , وبقيت أسماؤهم ومواقفهم حاضرة تلهم أجيال أمة لا تلين ولا تهاب الظالمين.
فأوربا كم نابزت علماءها ونكلت بهم , فلماذا لا ينطبق عليها ما نقوله عن أمتنا , الفرق أننا خنعنا لهذه التصورات السلبية وبقينا معتقلين في أصفادها الخرقاء.
د-صادق السامرائي