7 أبريل، 2024 7:50 ص
Search
Close this search box.

الكراسي مصدّات أجيال!!

Facebook
Twitter
LinkedIn

كراسي السلطة في معظم الدول العربية وبعض الدول الإقليمية مصدات أجيال بإمتياز فائق , لذلك تتسبب بإحتقانات وإضطرابات وفيضانات دامية , تحاول تصريفها بالحروب بأنواعها الخارجية والداخلية , وبالقمع القاهر الجبار الذي يتفوّق بوحشيته على أعتى نزوات الجرائم والخطايا والآثام.

فلو تدارستم أنظمة الحكم في البلدان العربية لوجدتم أن القاسم المشترك بينها هو توصيف المَصدات , فالجيل الذي يمسك بالكرسي يتمترس فيه ويعادي ما حوله في نهر الأجيال الجاري رغما عن إرادته وخياراته وأوهامه العقائدية والثورية والحزبية , وغيرها من التصورات التي يعتقل نفسه فيها , حتى يتآكل ويتساقط منخورا مذلولا ملعونا من الشعب والتأريخ.

فهل وجدتم في أنظمة حكم المنطقة غير الكرسي المَصد , الذي يقف سدا منيعا بوجه تيار الأجيال الهادر , وبسبب هذه الخندقة المتحدية لطبيعة الجريان وإرادة الدوران , يستحضر الكرسي ما يستطيعه من وسائل القمع والقهر لكي يذود عن عرينه الفتاك , وينسى أن لكل قبضة إرتخاء , فلا يمكن للبشر أن يبقى قابضا كفه إلى أمدٍ طويل , لأن ما فيه من آليات وتفاعلات تستوجب الركون إلى الإسترخاء.

ولهذا فأن المصدات تتآكل وتتراخى بتقادم الزمن , وبزيادة عنفوان مسيرة الأجيال الطالعة نحو غدها , والطامحة للتعبير عن دورها في الحياة.
فنهر الأجيال لا تصمد أمامه المصدات والسدود , ولا يمكن إستيعابه في خزانات أو مستنقعات , ولهذا فأن الكراسي تعيش في دوران دائب في دائرة مفرغة من الإنقلابات والإصطرابات.

ولكي تستعيد رشدها وتستنير بالعقل وتمارس الحكمة , عليها أن تجري مع الأجيال لا أن تمنعها من الجريان , وأن تكون قوةً فيها لا ضدها أو عليها , وهذا يتحقق بالتفاعل الإيجابي ما بين الأجيال المترافدة بخطواتها , ورؤاها المتواشجة المتسابكة المتوثبة بطاقتها الكلية الطالعة نحو إرادة مشتركة ذات مسارات متنامية.

فمعضلة الكراسي المَصدات من العاهات المستوطنة في الوعي الجمعي , وبسبب تكرار سلوكها صارت وكأنها الطريق الذي لا بد منه لكي يستتب الحكم للقلة على الكثرة من الشعب , وفي واقع الأمر فأن منهجها يتواصل منذ عدة قرون , ويحكمها منطوق التفرد والإستحواذ والقوة المطلقة , وعدم القدرة أو الرغبة في كتابة عقد إجتماعي وطني يصون الحقوق , ويرعى قيمة الإنسان ويحافظ على وجوده الكريم في البلاد.

ولن تتقدم المجتمعات العربية مهما توهمت إذا بقيت هذه العاهة فاعلة في أجيالها , وإذا عجزت عن إبتكار شرائع تكاتف الأجيال وتعاضدها لا تنافرها وتناحرها التي أوصلتها إلى حضيض كان!!

فهل لنا أن نتقوى بالأجيال لا أن نتآكل ونتبدد؟!!

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب