23 ديسمبر، 2024 12:02 م

الكراسي الغير مؤهلة؟!!

الكراسي الغير مؤهلة؟!!

شحص عراقي وحيد قال الحق المرّ منذ ستينيات القرن العشرين , وبقي مؤمنا بما يقول حتى قضيّ عليه ,”أن الحكم بحاجة لقادة مؤهلين , والأحزاب العراقية غير مؤهلة للحكم , مهما إدّعت وتوهمت”.

فلا توجد أهلية عراقية للحكم!!

فالدولة العراقية أسسها رجال لديهم خبرة في الحكم وتجارب ومهارات قيادية وسياسية وفكرية ودبلوماسية , ومعظمهم قد تعرّك في مسارح التفاعلات السياسية الدولية حتى وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها.

رجال أسسوا دولة وكتبوا دستورها , وما إتفق العراقيون على قائد منهم , فكان لابد من إستحضار أمير ليكون ملكا عليهم.

ومع ذلك فأن الحكم كان مبنيا على أسس ذات قيمة وطنية , ويمتلك آليات الحكم المنضبط المستند على القوانين والمعايير والدستور.

وتواصل الأمر حتى يوم الرابع عشر من تموز عام ألف وتسعمئة وثمان وخمسين , هذا التأريخ الذي قطع حبل التواصل ما بين الأجيال , وأوجد أشخاصا لا خبرة عندهم بالحكم والسياسة والقيادة , ليكونوا هم أصحاب السلطة والقرار , وهم القانون والدستور.

فمرت البلاد بما أوجعها وتوالد فيها من النواكب والويلات لغياب الأهلية السياسية والقيادية , وبتوالي الإنقلابات تحققت المرارات , وما أنتجت المسيرات الإنقلابية أي صراط سياسي مستقيم تمضي عليه الأجيال.

حتى تم تتويحها في عام ألفين وثلاثة , بإنقلاب جديد وبقيادة جيوش جرارة وقوى عالمية , لتمحق وجود الدولة بكافة أركانها وأسسها ومؤسساتها وأمنها وجيشها , وما يمت بصلة إليها , وهو أقظع إنقلاب في تأريخ الدول والشعوب.

إذ تم محق دولة عن بكرة أبيها , وجيئ بمن لا ناقة لهم ولا جمل بالقيادة والحكم , ولا يملكون أبسط المؤهلات ليتصدروا المشهد , ويجتهدوا بالمصائب والويلات المروعة.

وبسبب إنعدام الأهلية , وصلت البلاد إلى ما هي عليه الآن , وستتواصل في تداعيات النوازل العظام , ما دام الجميع تنقصه الأهلية , ويتصرف وفقا لإنفعالاته وما تمليه عليه تصوراته ورؤاه أيا كان نوعها.

فلا سياسة في بلادنا منذ عام 1958 وحتى اليوم , وماذا نتوقع من بلد يحكمه – في كل فترة إنقلابية- مَن هم بلا أهلية قيادية ولا حنكة سياسية , ولا غيرة وطنية وإنسانية وأمانة وعدل وإنصاف ومخافة من الإجرام. فهل ستعترف الكراسي بعدم أهليتها وتتعلم , أم ستمضي في مشاوير الويلات والفساد والخسران؟!!