18 ديسمبر، 2024 8:43 م

الكراسي العربية الغبية!!

الكراسي العربية الغبية!!

حاشى لله أن يكون العنوان تهجما أو عدوانا على أي كرسي متسلط عتيد , وإنما هو وصف موضوعي ومنطقي وبالأدلة التي تبرهن على فظاعة مديات الغباء , والإستهتار بالحقوق الوطنية للبلاد والعباد في أرض العرب المتشظية المتوقدة الأطراف.
فما هو الغباء؟
أحدث تعريفاته وأصدقها أن تكون عاجزا عن رؤية المستقبل , أو تكون قاصرا عن معرفة ما في جعبة المستقبل , فالذي لا يرى ما يكنزه الغد يتمتع بغباء تتناسب درجاته مع مساحة جهله لما في قبضة الزمن القادم , ومهما كان مقياس ذكائه عاليا فأنه سيعبّر عن سلوك الغباء بعجزه عن إستشراف الآتيات.
وعندما نطبّق هذا التعريف على الكراسي العربية , فأنها ستكون في خانة الغباء وبمستويات متفاوتة , فلو أخذنا أي كرسي وبعشوائية لتبين لنا وضوح هذا التعريف وتأكده في القول والعمل.
فجميع الكراسي ذات غباءٍ ما, فهي تشترك بتفاعلاتها الإنعكاسية الآنية مع المواقف والتحديات , ولا تمتلك ستراتيجيات بُعد النظر وتقديرات ما يحمله المستقبل , أو ما ستنجم عنه القرارات وما تتطلبه المواقف والتحديات , وعندما تتحلى بصفة الغباء فأنها تتحول إلى دمية أو ألعوبة أو بيدق في رقعة الشطرنج فيتم تحريكها وفقا للخطة المرسومة بإحكام.
ولهذا تجد الدول العربية مرهونة بآليات اللاعبين الكبار القادرين على رؤية المستقبل ومعرفة ردود الأفعال المطلوبة للوصول إلى الغاية المحسوبة المرغوبة.
ولا يوجد كرسي عربي واحد منذ تأسيس الدول العربية وحتى اليوم لم يكن ضحية لمشاريع وخطط وبرامج متقنة الإعداد والتنفيذ , والعلة تكمن في هيمنة الغباء المتمثل بفقدان قدرات الرؤية المستقبلية وفهم فسلجة المواقف والأحداث , وإغفال باثولوجية القرارات الإنعكاسية المُتخذة بإنفعالية وإستعار عاطفي أجّاج.
والأمثلة عديدة ومتكررة ولا تزال نواعيرها تدور بسرع متزايدة وقاضية بصيرورات إهلاكية مطلوبة لتمرير مشاريع مرغوبة وبإرادة وقدرات وأموال عربية , تؤكد إستفحال الغباء في رؤوس الكراسي المتمرسة بصناعة الويلات والمآسي.
وعليه فالأمة لن تتمكن من الخروج من قبضة الآخرين وأصفادهم , ما دامت الكراسي المتسلطة عليها تتمتع بغبائها المقيم , وتتوهم وفقا لما يتم حشوه في أدمغتها من أفكار ومنطلقات لخدمة الأهداف العدوانية على الأمة , وبمؤازرة وجهود الأغبياء من أبنائها الذين تأسدوا وإستبدوا وتسلطوا , وما هم إلا دمى وبيادق يفوح منها الغباء بعفونته ونتانته وهيمنته على ما تنجزه من خطايا وآثام وإضرام.
فهل للأمة أن تستعين بأذكيائها على أغبيائها المبجلين؟!!