من الصعب أن تعثر على نظام حكم في دول الدنيا يتحدث بلسان طائفي في أي مجتمع مهما كان متأخرا , وتجدها على لسان المسؤولين في بلداننا المنكوبة بحكامها المسخرين لتأمين مصالح الآخرين.
يعرفون ويتبجحون!!
تبجح: تكبر , إفتخر , تباهى بصلف , وإدعى العلم والمعرفة
التبجحية ظاهرة سائدة في الأجيال التي تعاقبت على البلاد , خلاصتها أنهم يعرفون ويتغافلون , فلا توجد حادثة أو مواجهة إلا وعرفها مَن عرفها قبل حصولها بزمن طويل , وما أتخذت الإجراءات اللازمة لمنعها أو الوقاية منها , وينتهي العارفون ببواطن الأمور بالقول أ لم نذكر ذلك مرارا؟!!
إفتتاحيات جرائدنا في سبعينيات القرن الماضي كانت تكتب عمّا سيحصل في المنطقة تحت عنوان “المنطقة إلى أين” , وما ذكرته تلك الإفتتاحيات حصل وتأكد.
وفي تسعينيات القرن الماضي توقع الكثيرون ما سيحصل وما هي التداعيات الناجمة عن ذلك المطب الرهيب , وما أتخذت أي إجراءات ضرورية للوقاية والحفاظ على سلامة البلاد والعباد , بل تمترس المتعنتون في خنادق السذاجة والنكران والأوهام المريضة , ودارت سفينة الويلات في بحار دماء الأبرياء , وداست الزناجير الأشلاء , وأصبح من يرتدي الدشداشة في خانة الأهداف المطلوبة.
ووصف ما جرى بأنه ثورة وتغيير وإنتقالة إلى زمن جديد , متحرر من العبودية والإستبداد , وإذا به يتوحل بمستنقعات الطائفية والمذهبية والمناطقية , ليذيق الشعب المنهوك مرارة العيش السقيم المحروم من أبسط متطلبات الحياة الكريمة.
لا كهرباء لا أمان , لا رعاية صحية , لا إهتمام بمدارس الأطفال , لا تعليم معاصر , بل إنحدارات في وديان الضياع والتبعية والخنوع للطامعين بالبلاد والعباد.
ولا يزال الحبل على الجرار!!
وطن أضاع واوه , وتحول إلى وعاء إصطلاء وعناء , وخطف وتغييب وإغتيال , وإنمحاقٍ لقيمة الإنسان ودوره في صناعة الحياة , وبناء البلد الذي ترعرع فيه.
فهل أن السذاجة والتبعية أوجدتا الظائفية ؟!!

د-صادق السامرائي