11 سبتمبر 2025 10:22 ص

من الموضوعات المغفولة في الواقع العربي , إضطراب قلق الكراسي , خصوصا بعد منتصف القرن العشرين , حيث فقدت الشعور بالأمان , لدمار الدستور وغياب قيمته ودوره في الحكم , فأصبحت الكراسي المتسلطة تعيش رعبا متواصلا من الآخر المتصور , ممايدفع بها إلى دوامات سوء الظن , والشك المريض المروع , فتستنزف طاقاتها في محاولات الحفاظ على موقعها في الكرسي , ومع الأيام تتصاغر نظرتها وتتمترس في الكرسي حتى لتجدها قد تهاوت على عروشها ذات يوم عصيب.

الكراسي بأنواعها إلا ما شذ منها , تعيش رهاب الخوف من الإنخلاع من الكرسي , وهذا الشعور العُصابي الوخيم يحتم عليها القيام بإجرارات عصبية وقائية , فتحيط نفسها بحراسات وحمايات , وتمعن في بناء المعتقلات والسجون , وأقبية التعذيب القاسية لكل من تراه مناوئا أو معارضا أو معاديا , فالكرسي لا يرحم حتى قوائمه , لأن السلوكيات الناجمة من إضطرابات عُصابية تضر بأصحابها وتدمرهم.

ومن الواضح أن الأنظمة الجمهورية في العديد من الدول العربية تتمتع بشخصيات ذات إضطراب عُصابي مما يدفع بها إلى سلوكيات تقضي على وجودها بعد حين.

ويبدو أن الطامعين في البلاد والعباد , يستثمرون بهذه السلوكيات العُصابية ويوظفونها لتأمين مصالحهم وتحقيق تطلعاتهم المستقبلية , وذلك بتغذية المخاوف وتعظيمها وتنمية القلق , وتقديم الأدلة العدوانية التي تقنع الجالس في الكرسي , بأنه في موقف دفاعي وعليه أن يباغت عدوه قبل أن ينقض عليه.

ووفقا لذلك فأن معظم أنظمة الحكم معطلة وطنيا , ومحفزة كرسويا , وفي تأجج إنفعالي وتصعيد عاطفي حارق , يصيبها بالعماء الشديد المضاف إلى عمائها العقائدي والحزبي والفئوي , وغلوّها وإمعانها في وهم إمتلاكها الحقيقة المطلقة , التي بموجبها تفعل ما تشاء بالآخرين من أبناء الشعب الذين تسلطت عليهم , وإستعبدتهمبالحرمان من أبسط حقوقهم الإنسانية لتبقى متحكمة بمصيرهم.