كان يمقت الكذب لكنه أصبح مضطرا إليه، كرهه له ليس عن فضيلة أخلاقية يتمسك بها، ولكنها فكرة رسخت في ذهنه منذ الطفولة، حذروه أن الإنسان حين يكذب يطول أنفه. كان يتحسس أنفه مع كل كذبة جديدة، يسأل الآخرين هل هناك تغيير في طوله؟! ، يتعجب حين يجيبونه بالنفي، يشعر أنهم يجاملونه بسبب موقعه الحساس، تذكر تلك الملكة في الحكايات الشعبية التي تسأل مرآتها السحرية، هل هناك من هي أجمل منها؟ لترد بالنفي. كم تمنى لو يمتلك مثل تلك المرآة..
بحكم عشقه للنساء أصبح يتفنن في تأليف الأكاذيب واختلاق الحجج، مع حزمة من الأيمان الغليظة، يعزز بها كذبه، سواء حين محاولته الإيقاع بهن أو عند الانسحاب والتخلي عن وعوده التي يقطعها.
أصبح أنفه يطول، يشعر بثقله وصعوبة حمله، إذ كان يحجب رؤية الأشياء، حتى امتنع عن قيادة السيارة معتمدا تماما على سائقه.
علاقاته الغرامة تلك لم تمنعه من عشق إمرأة بعينها، لم يكن مخلصا لها، لكنه يشعر بأنها قريبة إلى نفسه، لا يستطيع الاستغناء عنها. كانت غيورة، تراقب تحركاته وتقف عند كل أنثى يضيفها إلى حسابه. حين صادفته متأبطا ذراع إحدى خليلاته لم ينتبه لوجودها، إذ كان أنفه الذي قارب المتر يحجبها عنه. اتصلت به عندما تجاوزته مستفسرة عن مكانه، أقسم لها بأغلظ الإيمان أنه في مهمة سرية وحساسة، وطلب منها أن لا تتصل حتى يعاود الاتصال بها، أغلق الهاتف مرتبكا، وأغلقته هي بغير رجعة.