كان طبيعيا ان تختار النخب الشيعية طقوس وولاءات الناس لآل البيت لان تكون شعاراتها في الانتخابات او في التحشيد ضد الآخرين ، وكانت الكتل الكردية تقف وراء مكسب الاستقلال في القرار عن المركز ، اما الكتل السنية فقد وقفت موقف المتأثر بسقوط النظام السابق والمترحم على ايامه ، وكانت هذه المواقف تصح عند السقوط ، عندما كانت الكتل جميها تحاول ايجاد قواعد شعبية تمهيدا للدخول في الانتخابات ، وقد انطلت مع الأسف الشديد تلك التمهيدات على الكثير من الناس ، وخاصة الشيعة عندما قدم القادة الجدد انفسهم من خلال تأريخهم في الصراع مع النظام السابق ، لا من خلال القدرة على تجاوز ذلك الماضي وبناء مستقبل جديد للعراق بعد الدمار الذي أصابه نتيجة الحروب المتتالية ، ولم يفهم الكثير من العراقيين شعاراتهم الا انها تنبعث من معاناة يحب ان تتحول إلى مستقبل ينهض بهم وببلدهم ، غير ان السنوات الأربع الاؤليى من حكم أؤلئك القادة والاحزاب كانت تؤشر الى بدايات خاطئة وتدور حول ايجاد مكاسب لهم ومغانم تمكنهم من اعادة تدوير الالة الحكومية والانتخابية لصالحهم ، وقد كانت تلك البدايات ويعلم الجميع انها لم تضع البلد على سكة التنمية او اعادة الاعمار ، وقد بدأت الاقلام الخييرة تكتب وتهاجم تلك البدايات الا ان القادة وكغيرهم من قادة االعرب والمسلمين يضعون أمام الناس نظرية المؤامرة ويحيكون حولها متاريس الدفاع عن أخطائهم ، وهكذا سار الزمن وتقطعت السنين وتقطعت معها أواصر اللحمة الوطنية وحل محلها الحث والتحشيد المذهبي والطائفي والعنصري ، وصارت الكتل الثلاثة تردد شعارات حب الذات وحب الهوية الصغيرة ، وصاروا جميعا يعبثون بمقدرات الوطن وبأمواله لبناء خطوط دفاع أمام الشعب الذي عرف اللعبة ، وثار عليها منذ العام 2011، وتوالت الثورات والمظاهرات الا انها خفتت بإنتظار ما يهز الضمير العام ، وكان هذا الضمير قد ظهر كالمارد يوم الاؤل من أكتوبر 2019 ، ليصبح على المدقعين الجياع كما قالها الجواهري أهينوا لئامكم تكرموا ، واليوم الشعب متمثلا بشبابه يعلن للعالم وللكتل الحاكمة ، ان ما كنتم تتمشدقون به بعد 2003 ، لم يعد ينفعكم ، وان زمن السقوط قد زال وحان زمن النهضة ، زمن الشعب الذي اراد الحياة ولا بد ان يستجيب له القدر ، ولا بد ان يصبح الصباح الأبيض على خييم الشباب ، فهم حملة ذلك القدر…