23 ديسمبر، 2024 12:26 ص

الكتلة الأكبر في العراق؟

الكتلة الأكبر في العراق؟

دخل أعضاء “الإطار التنسيقي” الذي خسر الانتخابات الأخيرة الى قاعة البرلمان في جلسته الأولى التي عقدت قبل أيام وهم عازمون على انتزاع الأغلبية ليهيمنوا من جديد على المشهد السياسي، لكن مرة أخرى، بعد احتجاجاتهم على نتائج الانتخابات وتظاهراتهم البسيطة لاقتحام المنطقة الخضراء ، تأتي الرياح بما لا تشتهيه سفنهم فلم يحصدوا من “خدعة” تمرير احزابهم ككتلة اكبر قبل الكتلة الصدرية الفائزة الا الفشل ومع ذلك فأن محاولاتهم لم تنقطع عن وضع العصي والشروط امامهم بدءا من تهديدات على لسان بعض النواب مثل عالية نصيف الى تهديدات بالتصفية الجسدية وبأطلاق عبوات على مقرات وبيوت أعضاء بعض الكتل كي تنضوي اليهم او لإرهابهم واطلاق الصواريخ باتجاه بعض القواعد العسكرية الخالية من القوات الامريكية او قوات التحالف وقصف التواجد التركي في شمال العراق. لقد نجحت قائمة “دولة القانون ” التي يرأسها نوري المالكي عام 2010 بالالتفاف على الدستور عبر رئيس المحكمة الاتحادية العليا لإيجاد تفسير غير دستوري لمفهوم الكتلة الأكبر لإبعاد الفائز وتحاول هذه المرة إعادة الكرة بيد ان هؤلاء تناسوا ان قانون الانتخابات الجديد الذي صوتوا عليه بضغط من ثوار تشرين تنص المادة 45 منه على انه لا يحق لأي نائب او حزب او كتلة مسجلة ضمن قائمة مفتوحة فائزة بالانتخابات الانتقال الى ائتلاف او حزب او كتلة او قائمة أخرى الا بعد تشكيل الحكومة” الا ان “الإطار التنسيقي” الذي لا يمثل كتلة أصلا، أستبق الاجراءات الإدارية وقدم قائمة تتضمن 88 نائبا معتبرا انه هو الكتلة الأكبر بينما يملك الصدر 87 مقعدا.
اما أعضاء التيار الصدري فقد دخلوا الى قاعة البرلمان وهم يرتدون “الاكفان” ويرددون الشعارات والهتافات بحياة الصدر عدت حركات غير مقبولة من الشارع العراقي ، اندفعوا محتجين على رئيس الجلسة لاستنكار تسميتة الاخرين بالكتلة الأكبر ليدعي هذا بتهجمهم عليه وينقل على أثره للمستشفى، فيما لم تتأخر بعد ذلك نشر صور له ضاحكا ويقف حوله قادة “الإطار التنسيقي” ويصرح بنفسه في فديو انه تلقى ضغطا بسيطا على جبهته وهو ما تم تكذيبه من النواب الاخرين الذين شاهدوا تسلم رئيس الجلسة لمكالمة تلفونية قام على إثرها بادعاء التهجم عليه لتعطيل الجلسة؟ هذه هي “مشاهد المعارك الكبرى” التي خاضتها أحزاب العملية السياسية من اجل الشعب العراقي في الجلسة النيابية الاولى بعد خامس انتخابات يشهدها العراق تحت الاحتلال. لقد أظهرت الانتخابات التي تمت مراقبتها دوليا وبشهادة من شارك فيها ان عدد العراقيين الذين ذهبوا للانتخابات كان ضئيلا جدا وأبرز مراسلو الاعلام الغربي والامريكي بالذات النسب التي نشرتها مفوضية الانتخابات التي تقل فيها المشاركة عن 10% قبل ان تتدخل الأصابع السحرية لممثلة الأمم المتحدة “جنين بلاسخارات” لترفع النسبة ويقوم مجلس الامن بعدها ولثلاث مرات متتابعة بإسباغ الشرعية اللازمة لتسويقها في حدث غير مسبوق لم يعرفه تاريخ أي بلد ولا تاريخ المنظمة الدولية ومجلس الامن!
لم تأت نتيجة الانتخابات الأخيرة بأي كتلة يمكن ان تسمى بالكتلة الأكبر بل شهدنا نفس الأقلية وبمقاعد محسوبة للتوازن بين احزابها ومراكز القوة بينهم التي يتم تدويرها من قبل الاحتلال الأمريكي وعضيده الإيراني للمرة الخامسة. اقلية حزبية وميليشيات الفائز فيها التيار الصدري لم يغادر المحاصصة والطائفية والتبعية حينما وحالا بعد ظهور نتائج الانتخابات ينشر زعيمها تغريده هي أحد اقوال الخميني عن الحكومة التي سيشكلها بانها حكومه “لا شرقية ولا غربية”، تبعها بتغريده يتكلم فيها عن مكونات العراق بدلا من الكلام وبشكل صادق عن الشعب العراقي بدون تمييز ولا تسميات طائفية ودينية او عرقية. لم يخطئ الشارع العراقي باعتباره المستقلين الذين فازوا في الانتخابات ومن أدعى انه يمثل ثورة تشرين أرقام ليس لها وزن مقابل الاخرين الا إذا التحقت بجهة معينة من الأحزاب المتمرسة على الفساد وحصد امتيازات الوزارات واموالها وعقودها وبحسب أحد الأعضاء الذين صرحوا للأعلام بالقول “منذ الجلسة البرلمانية الأولى عرفنا دخلنا ان كل شيء قد تم توزيعه بين الأحزاب القديمة حتى اللجان ولم يبقى لنا الا الانضواء تحت احزابهم او لا مكان لنا الا لجنة المرأة الخالية من أي أموال وامتيازات!
امام الشعب العراقي وامام العالم، قدمت الأقلية الحزبية والميليشياوية الولائية في هذه الانتخابات والجلسة النيابية الأولى دليلا صارخا على انها ليست وطنية ولا تمثل الكتلة الأكبر لا في الانتخابات ولا في البرلمان ، وهي تقول وبصراحة عبر معاركها على الكعكة بأنها تابعة لا تعمل من اجل الشعب ولا من اجل العراق، وفي القريب العاجل ستختفي هذه المماحكات الاستعراضية ليتم التوافق من جديد على انتاج نفس الحكومات السابقة وبدون أي رتوش جديدة.
ان الكتلة الأكبر هي الشارع العراقي الذي رفض هذه الأقلية منذ سنوات وثار عليها في تشرين مطالبا اقصائها عن العمل السياسي وإقامة دولة ديمقراطية حقيقية، حديثة. الشارع العراقي هو الكتلة الوطنية الأكبر، صاحب المشروع الوطني الحقيقي المدعوم من كل أبناء الشعب العراقي من شماله الى جنوبه، هو مشروع الدولة والمؤسسات والقانون، هو من طرح مشروع المواطنة ضد المحاصصة الطائفية والعرقية التي تتمسك بها الأحزاب والاحتلال لشق الصف، هو صاحب التضحيات في ثورة تشرين التي أعطت مئات الشهداء والاف الجرحى من اجل سيادة العراق وتحرره.
ربما يكون احد اهداف هذه الانتخابات الأخيرة ونتائجها التي تسببت بخرابيش بين الاخوة لتصدر المشهد السياسي هو منع الكتلة الأكبر للشارع من النهوض ، أي تجدد ثورة تشرين وبالأخص عودة الثوار الى ساحات التحرير والشهادة والمطالبات بأسقاط نظام الاحتلال وعمليته السياسية المنكرة الغارقة في فساد ومقايضات ومزادات لبيع العراق لا آخر لها ، لكن شباب العراق عائدون وثورتهم توقفت ولم تنته بعد وغضبهم لم يبرد ولم يخمد بل من جديد ، اكثر واكثر يجمع على مطالبهم وثورتهم الشعب العراقي بعربه واكراده يتوحدون في قوة واحدة تنتظر اليوم الموعود للتخلص من طغيان عملية الاحتلال المزيفة.