27 ديسمبر، 2024 2:38 م

الكتب السماوية ما جاءت لتُقرأ على الاموات..بل جاءت وصايا ألزامية لتحقيق العدالة بين الناس…فأين نحن منها اليوم ..؟

الكتب السماوية ما جاءت لتُقرأ على الاموات..بل جاءت وصايا ألزامية لتحقيق العدالة بين الناس…فأين نحن منها اليوم ..؟

كل الديانات السماوية التي جاءت من عهد نوح الى محمد (ص) جاءت من اجل تطبيق الوصايا على الناس  ،منها من جاء بتكليف رباني موثق بكتاب ونبي ، ومنها ماجاء موثق بكتاب ورسالة ، كل منها لها فرقان عام وفرقان خاص .وكان عهد نوح هو بداية أتصال السماء بالأرض،حين عدَه المؤرخون بداية عهد الأنسان الحديث بأعتبار دعوته جاءت بلغة مجردة واضحة الفهم،يقول الحق :”انا أوحينا أليك كما أوحينا الى نوحٍ والنبيين من بعده،النساء 163″.أما قبل نوح فقد جاءت الديانات على هيئة نذر وملائكة ، يقول الحق :”وقوم نوح ٍ لما كذبوا الرسل أغرقناهم،الفرقان 37…مجمل الرسالات الآول تضمنت  ألنذر بتحقيق الاصلاح والعدالة..والتقوى بين الناس.

في العهد اليهودي جاءت الوصايا منقوشة على لوحي الشريعة في جبل حوريب وقد نادت بالعقل ..لا تقتل،لاتزنِ ..لا تسرق… لاتشهد شهادة الزور…لا تحنث اليمين ..وحد الأله الواحد.

وفي المسيحية جاءت الوصايا اعمل صالحا لترث الحياة الابدية ..احفظ وصية الرب بعدم الاعتداء..لا تأكل حراماً..لا تحنث اليمن..لا تخُن .. أحفظ العهد..

هذه الوصايا جاءت تحت أسم:”اسيرت فاريوم” وتعني الأمثال العشر باللغة القديمة. وجدت مكتوبة في توابيت العهد القديم وفي سفر الخروج والتثنية..انظر “الموسوعة الحرة” ويكيبيديا..

.

أما الوصايا فلم تظهر الابعد نزول القرآن في مكة المكرمة وهي الوصايا العشر :”الأنعام 151-153″ والتي سميت بالفرقان العام .أما الفرقان الخاص فهوغير ملزم لعامة الناس لكونه آيات حدودية، يقول الحق:”يا أيها الذين آمنوا ان تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً  (الأنفال 29).والفرقان هو الذي اراد به الله وضع الانسان في طريق الاستقامة وليس التهديد بالنارلمن كفر ..لان الكفر في القرآن معناه الظُلم .. او المكافئة بالجنة لمن عمل وأصلح ..فغاية الدين الاستقامة وحفظ حقوق الناس ، وليس المفاضلة بينهم ، والنار لمن لا يؤمن بمحمد ..ولا لتعيين اولياء امورلهم ليسومونهم سوء العذاب والتفرقة كما فعل الفقهاء المسلمون في أختراعهم للمذاهب المختلفة والمنتحلة بلا أساس شرعي ، وطبقتها مؤسسة الدين التي اوصلت المجتمع العربي والاسلامي الى اقصى درجات التخلف والأنحدار..والتي ليس لها في الدين من أصل..والقرآن لا يعترف برجال الدين ولا يخولهم حق الفتوى على الناس ولا يميزهم بلباس معين..ولا نص في هذا بالمطلق.

 

والا لماذا كل اصحاب الديانات الاخرى اثبتوا وجودهم في دول قانونية الحقوق لرعاياهم ،الا المسلمون واتباعهم عاشوا ولا زالوا يعيشون في اوهام التخلف..واللاحقوق ..يُقتلون بأمر الحاكم ولا من يسائل او يجيب..كما هو حال المواطن العربي اليوم ..فأين مسئولية مؤسسة الدين..؟ ألم يوجدها الحالكم لتُبرر له خروجه على القانون ودكتاتوريته على المواطنين …

.

بدأت الوصايا العشر.. بالفرقان العام ، وهو التقوى الاجتماعية، ويقصد بالتقوى خشية الله من الخطأ،والاستقامة على الحق..وهي ألأخلاق المشتركة في الاديان السماوية الثلاثة ، لذا فرقها الله لوحدها وسماها الفرقان..وقد ذكرت في التوراة والانجيل والقرآن معا..

 

2

وعلى المؤمن ان يتعامل مع المسلم الأخر على هذا الاساس ان كان حاكماً او محكوماً،لأن الفرقان مُلزِم لكل أتباع الديانات السماوية. لكن لا على أساس التقوى الفردية  ، بل على أساس التقوى الاجتماعية لكل الناس،انطلاقاً من ان الله هو آله الناس “أنظرسورة الناس”.لذا فالدعوة تكون عامة وليست خاصة. . والفرقان العام هو الصراط المستقيم بالنسبة لموسى، والحكمة بالنسبة لعيسى،والحق المطلق بالنسبة لمحمد ، وهو من الأيات الحدية التي لا يجوز اختراقها بالمطلق ..فكيف أخترقها الحاكم بعد2003 وهو لا زال يحكم ؟, والفرقان الخاص لمحمد(ص) وهو غير ملزم لكل الناس لكونه يتبع أئمة المتقين يقول الحق:” يا أيها الذين آمنوا ان

 

تتقواالله يجعل لكم فرقاناً، الأنفال29″. وبهذا يصبح لمحمد وأتباعه من المؤمنين دستورا ًللمسلمين..وآياته حدودية يلتزم بها من يرغب ويريدها زيادة في الحرص على الاستقامة في التثبيت.

 

لذا يعتبر الفرقان هو القاسم المشترك بين التعاليم الدينية الثلاثة ،، من هنا فأن الاديان واحدة والانسان واحد والاختلافات في الجزئيات وليس في الكليات،فالكل بالمنطق القرآني  أخوة في الدين والانسانية.نظرة غابت عن الفقهاء ورجال الدين في الديانات الثلاث ،والتي احدثت شرخاً كبيرأ فيها، تناقلتها الاجيال عبر الزمن خطئاً، فأذا كانت الأديان كلها بوجب هذا التوجه الالهي واحدة فكيف يجيز للفقه الاسلامي أختراع تعدد المذاهب والاختلافات فيما بينها ،وكذلك لبقية الديانات الأخرى.أذن كلها جاءت من أجل تحقيق أغراض شخصية لخدمة الحاكم لا غير.لذا فهي  بحاجة الى أعادة نظر في النص القدسي،وفي التاويل الفقهي لتوكيد التوجهات الصحيحة في القرآن والتوراة والأنجيل ومراجعتها اليوم للتخلص من الفُرقة الدينية في المجتمع الواحد..” أنظر العهد القديم ..والعهد الحديث في كتاب الحياة المقدس،طبعة الأناجيل الأربعة لعام1994″ ..هنا يتقارب الفرقان القديم مع فرقان محمد الخاص والعام..فالديانات واحدة وان أختلفت في جزئياتها لكن الفرق في زمن النزول..وكلهم من المسلمين يقول الحق :” وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما انا من المشركين،الانعام 79.ويقول الحق ايضا :”فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا غير بيت من المسلمين، الذاريات 35-36 ” وهذا دليل قرآني ثابت على ان كل الديانات من بعد نوح كانت أسلامية..اذن اين الفرق بين الديانات اليهودية والمسيحية والاسلامية..أنه الوهم.. وما جاء به الفقه الميت.؟.

 

والفرقان (الوصايا ) قد تحددت في سورة الانعام ،الآيات 151-153)  قال تعالى: (قل تعالوا أتلُ ما حرمَ رَبُكُم عليكم ألا تشركوا به شيئاً وبالوالدين أحساناً ولا تقتلوا أولادكم من املاقٍ نحن نرزقُكمٌ واياهم ولا تقربوا الفواحشَ ما ظهرَ منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرم اللُهُ الا بالحق ذلك وصاكم به لعلكم تعقلون.

 

ويقول تعالى 🙁 ولا تقربوا مال اليتيمِ ألا بالتي هي أحسنُ حتى يَبلُغَ أشدَهُ واوفوا الكيلَ والميزانَ بالقسط لا نكلفُ نفسأ الا وسَعهَا واذا قلتم فأعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد اللِه أوفُوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون،152،).وأن هذا صراطي مستقيماً فأتبعوه ولا تتبعوا السبلَ فتفَرقَ بكم عن سبيلهِ ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون،153).

هذه الوصايا كلها جاءت موضحة في سورة الأسراء وهي من السور المكية ،وهي الأخلاق اي رأس التقوى الاجتماعية. وهي وصايا مُحكمة ، من يتبعها قولا وتطبيقا يخرج من آفة المجتمع خالياً من ادران الفساد والانحراف ،ان الحكومات الاسلامية اول من خرجت عليها بتخريجات الفقهاء الباطلة ، فماذا يقول حكام العراق ومرجعياتهم الدينية بعد2003 من خروجهم على هذه الوصايا والسكوت عنها ..أنهم اصبحوا خارج نطاق الدين..ولا تجوز طاعتهم شرعا وقانوناً.

 

3

ان الوصايا العشر في القرآن تمثل دستورا كاملا للمسلمين بحاجة الى دراستها بتأنٍ ووضعها منهجا للدارسين في مدارسنا وجامعاتنا لتكون بابا للهداية والحق والتآلف عند الناس بعد ان ضيعها الفقهاء والمفسرين علينا وجاؤا بتفسيرات طوباوية لا تخدم الانسان والتقدم. . ويجب ان تعتمد المواد الدستورية عليها لتوحيد المجتمع وسيادة العدل بين الناس والقضاء على الفرقة بينهم لا قوانين يضعها بريمر الحاكم الامريكي الجديد ونحن نطيع .لهذا اعتمد ججفرسن واضع الدستور الامريكي العظيم عليها عند كتابة الدستور..انظر الموسوعة العالمية للقضاء مكتبة الكونكرس الامريكية في واشنطن .

والوصايا هي:

الوصية الاولى:

(ألا تشركوا به شيئا) في هذه الوصية الربانية تنبهنا الى الفرق الكبير بين الكفر والشرك فقال:لا تشركوا ولم يقل لا تكفروا،لان الشرك هو الند للشيء الاخر.ان العرب قبل مجيء الرسالة كانوا مشركين ولم يكونوا كافرين،فالعرب اخذوا صفة الشرك كآلهة ثابتة  للاصنام خارج نطاق ظاهرة التطورالمنافية لظاهرة التطور الديني في الاسلام:( أفرأيتَ من أتخذَ ألهَه ُهواهُ،الجاثية 23).ومع هذا التوجه الخاطىء عند العرب قبل الاسلام ، لكن القرآن الكريم أعطى للحرية مكانة أسمى ما في الوجود،وهي حرية الاختيار لهم في الفعل والعمل الذي يريده.حين أمرهم بفعل الواجب ولم يجبرهم عليه ، بل ترك الامر أختيارأً لأرادتهم ، لكنه حذرهم من المعصية وأوعدهم بالعقاب والثواب.يقول الحق:(وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفرأنا أعتدنا للظالمين نارا،ألكهف 29).ولم يقل للكافرين نارا،فالأية الكريمة أقامت علاقة جدلية بين الكفر والايمان،لأن الظلم يرتكب من الأثنين الكافر والمؤمن معاً.هنا هي عدالة القرآن المطلقة التي لا جدال فيها أبداً. فلسفة غابت عن الكثيرين من الفقهاء والمفسرين واصحاب الديانات الاخرى..فطبقت خطئاً..

وفي الشرك .،يقول الحق:( ان اللهَ لا يغفُر ان يُشركَ به ويغفُر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يُشرك بالله فقد أفترى اثماً عظيماً،النساء 48).

.من هذا التصور الرباني فقد ربط الشرك الظاهر والخفي بالظلُم لقوله: “ودخلَ جنَتهُ وهو ظالمٌ لنفسهِ،الكهف 35”. لذا فالثوابت في الشعارات الاسلامية هي (لأا أله الا الله ،محمد رسول الله ولا غير).

اما لفظة الكفر:

فتعني نفي وجود الخالق.. وعدم الأيمان بالشريعة..,وتكذيب الرسل..أما التغطية فهي الأ نكار..  والتستر ونكران الموجود بتقصدٍ او بجهل مطبق كما في قوله تعالى:( كمثلِ غيثٍ أعجبَ الكفارَ نَباتُه ُثم يَهيجُ فتراهُ مصفراً،الحديد 20). اي الزراع الذين يزرعون ويغطون زروعهم املا في حصد ثمارها.

وجاء ايضاً بمعنى التكفير والكفارة والكفران وهو التغطية عن سابق معرفة لستر الذنوب والتجاوزات الاخلاقية على الاخرين كقوله تعالى:(لأُكفرنَ عنهُم سيئاتِهم ولأُدخلَنهُم جناتٍ تجري من تحتها الانهارُ،195 آل عمران ).وآيات اخرى كثيرة

فاذا كانت كل الديانات منزلة من الله ..ولها اتباعها..فكيف نسميهم كفاراً..والقرآن يسميهم المسلمون..أنظر الآيه 35 من سورة الأحزاب..يبدو ان الفقهاء الآول لم يدركوا المعنى فوقعوا في خطأ التقدير…

 

هنا نرى الفرق بين الشرك والكفر ،فالشرك ممكن ردعه بالايما ن بينما الكفر فقد غلظ عليه الله لخروجه عن منطق الايمان جملة وتفصيلا،حين يقول في الآول:وقاتلوا المشركين  كما يقاتلونكم كافة وأعلموا ان الله مع المتقين،التوبة 36 ) .أما الكفار فيقول فيهم:( يا ايها النبي جاهد الكفار والمنافقين وأغلظ عليهم،التوبة 73). لذا لم تاتِ الا آية واحدة في القرآن تقول:( وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء….فهل على الرسلَ الا البلاغُ المبين،النحل 35).

 

                                                                        4

مع الاسف في مجتمعاتنا العربية والاسلامية اليوم نعاني من شرك خفي قانوني ومعرفي كما في قوانين المرأة في الاسلام .  وبقيت الامة بدون قوانين متطورة وظلت ظاهرة الشرك الظاهر سائدة. لذا لا محرمات من عندالله الا ما جاء في الرسالة الحدودية فقط  ، فعلينا ان لا نطلق بكلمة حرام على الخالي والمليان فهي كلمة كبيرة جدا ً عندالله في التطبيق،استخدمها الفقهاء في أمور عديدة دون وجه حق وخاصة في حقوق المرأة،حتى تبين لنا أن المرأة لها وضعان: وضع في الكتاب ،اي في النص المقدس ،ووضع في الفقه الاسلامي الذي يحمل صفة التطور التاريخي،كل منهما يناقض الأخر…….. وللمرأة حديث مستقل ان شاء الله.

 

  الوصية الثانية :

(وبالوالدين أحسانا) ،وقد جاءت بعد وصية الشرك مباشرة لسببين هما:

الاول جاءت نتيجة للأمر الرباني بأن يكون الاحسان اسانياً لا بشرياً حتى لا ننساهم كما تنسى البهائم والديها ونرعاهم ولا نقول لهم الا قولاً حسناً لقوله تعالى:( فلا تقل لهما أفٍُ ولا تنهرهما وقول لهما قولا كريما ،الاسراء 2). بينما لم نرَ ان الله قد أوصى الاباء بأولادهم لأن حرص الأبوين على الأبناء ليس من الوصايا الانسانية وأنما هو من الغرائز البشرية لقوله تعالى:( ووصينا الانسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن،لقمان 14)وفي آية أخرى( حملته أمهُ كُرهاً ووضعته كُرهاً،الاحقاف 15).لذا فعيد الميلاد للطفل في الاسلام هو عادة أنسانية وحضارية في الاسلام وغير مستهجنة كما يعتقد البعض، لأنه يمثل بداية الأعتماد على النفس دون حاجة للأخرين.

والثاني جاء  نتيجة صراع الاجيال فالأب والأم لم ينتميان الى جيل والاولاد بل الى جيل اخر مغاير،لذا قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) :(علموا أولادكم فقد خلقوا لزمان غير زمانكم). وهي ظاهرة تطورية ان يرفض الاولاد ما أعتاد عليه الأباء ،ولو اطاع الاولاد الوالدين في هذه المشكلة لوقف تطور الانسانيةعند حدٍ معين،وقد حسم الله سبحانه وتعالى هذا الموقف لصالح التطور والتقدم بقوله:( ووصينا الانسانَ بوالديه حُسناً وان جاهداك لتشركَ بي ما ليس لك به علم فلا تُطعهُما أليٍ مرجِعُكم فأنَبئُكم بما كنتم تعملون،العنكبوت8). والاية 15 في سورة لقمان مشابه للاولى،وفي الايتين جاءت كلمة الجهاد التي تعني بذل الجهد لجعل الامر وفق نظرية التطور والتقدم المستمر وهنا حسم الامر لصالح التطور من ناحية  ولصالح الاباء من الناحية الاخلاقية من ناحية أخرى. وهنا حالة تميز في الظاهرة بين الحيوان الذي لا يتطور والانسان الذي يجب عليه التطور والتقدم لصالح صراع الاجيال.فالعادة والتقليد هي عُرفية بينما حالة التطور هي حضارية أنسانية ملزمة التنفيذ…أي آيات حدودية .

.

هذه النظريات القرآنية  الكبرى غفلها المفسرون وتلاقفها علماء الغرب لينشئوا منها نظريات كثيرة ساهمت في تقدمهم وارتقائهم ومنها نظرية النشوء والارتقاء لدارون،ولكن من منا يقرأ القرآن بعيون علمية مفتوحة الا النزر القليل، هنا تقع المشكلة.فالقرآن اليوم يقرأ لسماع صوت القارىء وليس لفهم معانيه ومقاصده. كما في سماع صوت عبد الباسط عبد الصمد مثلاً..فهم يطربون على الصوت وليس على المعنى لكلمات القرآن العظيم..لذا فالترتيل لا يعني القراءة الصوتية.. بل تنظيم الموضوعات الواحدة الواردة في آيات مختلفة من القرآن،في نسقٍ واحد كي يسهل فهمها..

الوصية الثالثة والخامسة :

وتمثلتا في الآيتين الكريمتين وهما:( ولا تقتلوا أولادكم من أملاق نحن نرزقكم واياهم) ،والثانية 🙁 ولا تقتلوا النفس التي حرم الله الا بالحق) آياتان حدوديتان لا يجوز أختراقهما بالمطلق ..اذن فما ذنب من يقتل دون جرم…؟.

.

5

هنا لا يمكن فهم الوصية الثالثة الا اذا ربطت وقورنت مع الوصية الخامسةلأن كلتيهما تبدأ بأمره تعالى:( ولاتقتلوا).ففي الوصية الثالثة جاءت (ولا تقتلوا أولادكم) والولد هو الذكر والانثى، فالسؤال الاول الذي يطرح نفسه الآن: أليس الولد نفساً؟ لماذا لم يدمج الوصية الثالثة بالخامسة؟.

والسؤال الثاني هو انه في الوصية الثالثة حدد الشروط التي حرم فيها قتل الولد وهي من أملاق، أما اذا كانت الحالة ليست من أملاق فهل يجوز قتل الولد؟. هذه المشكلة تخص الوالدين فقط وحصراً هي مشكلة الأجهاض

،لأن الولد يصبح نفساً بعد الولادة ذكراً كان أم أنثى ،وهذه هي حالة تحريم الأجهاض في الاسلام ،لكن الأطباء وبعض المشرعين قد أحلوا الاجهاض حين تتعرض حياة الام لخطر الموت ،وهناك تخريجات اخرى كثير يصعب علينا الخوض فيها لمحدودية العرض وخاصة اذا كان المولود مشوه الخِلقة ،فذاك أمر يعود لوالديه،لذا ففي الولايات المتحدة الأمريكية قانون يمنع الاجهاض الا بموافقة والديه.

 

اما في الوصية الخامسة فجاءت(ولا تقتلوا النفس التي حرم الله الا بالحق،فهذا يعني بالضرورة يجوز قتل النفس التي لم يحرمها الله،لذا وضع شرطا  أخرلقتل النفس التي حرمها الله وهو(الا بالحق)،ويعني ان الذي يراد قتله يجب ان يكون قاتلا مجرما ًًتصديقاً لا تصوراً،أي لا يمكن قتل النفس الا بعد البينات المادية الموضوعية التي تثبت القتل.اما قتل النفس الأنسانية فقد حرمه الله في كل الاحوال حتى مع المجرمين فكيف يقتل الحاكم الانسان بدون حق “أنظر داعش الاجرام وما عمل”.

 والحق أمر تقريري ملزم في الاوامر  الربانية وهذا التوجه نوجهه للأرهابيين الذين يقتلون الناس اليوم بحجة الاسلام والكفر، والله والاسلام براء منهم الى يوم الدين، لأنه جرم وأثم كبير،يقول الحق:(وذروا ظاهر الاثمِ وباطنَهُ ان الذين يكسبون الأثم سيجزونَ بما كانوا يقترفون،الانعام 120)..فهذا يعني ان هناك فرقاً كبيراً جوهرياً بين الوصية الثالثة والخامسة.يقول البعض ان الوصية الثالثة جاءت لتحريم وأد البنات.ونقول ان هذا غير صحيح ، لأن العرب كانت تئد البنات بعد الولادة….ووأد البنات يدخل تحت بند الوصية الخامسة ولا غير،وهي حالات نادرة عند البداوة الموغلة في التخلف . وكلمة الاولاد جاءت للبنات والاولاد معاً دون تمييز، كما ان الآية جاءت للناس جميعا ولم تقتصر على المؤمنين و المسلمين ،لان محمدا جاء لكل الناس وليس للعرب فقط بدلالة الآية الكريمة:( قل يا أيها الناس أني رسول الله أليكم جميعاً،الأعراف أية  158.

 

الوصية الرابعة جاءت بآيتين هما: الأولى 🙁 ولا تقربوا الفواحش ما ظهرَ منها وما بطن،الانعام 151

الثانية  🙁 انما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن،الأعراف 33).

 

،وهي ثلاثة اعمال مختلفة تعتبر كل منها فاحشة .ان كلمة الفواحش جاءت حصراً في الآيتين بصيغة الجمع وهي كلها تتعلق بالعلافات الجنسية ،لذا السرقة وشرب الخمر والميسر لاتعتبر من الفواحش وانما هي من الآثام. فالعلاقات الجنسية المحرمة التي جاءت في الكتاب صراحة والتي سميت بالفواحش هي: قال تعالى:

( ولا تنكحوا ما نكحَ آباؤكم من النساء الا ما قد سلف انه كان فاحشةً ومقتاً وساء سبيلا،النساء22). وهذا ما نسميه اليوم نكاح المحارم حتى ولو بعقد نكاح .

وقال تعالى: ( ولا تقربوا الزنا انه كان فاحشة وساءسبيلا،الاسراء 32).

وعندما صرف الله سوء أمرأة العزيزعن يوسف قال 🙁 ولقد همت به وهمَ بها لولا أن رأى  برهان ربهِ كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء أنه كان من عبادنا المخلصين،يوسف 24 ) على كل المؤمنين والمسلمين ان يعوا ألاعيب المفسرين الغامضة..وما جرت علينا من احكام نحن لسنا بحاجة اليها ؟

.

 

6

فالفواحش ذكرت بصيغة الجمع  لجعل العملية الجنسية بين الرجل والمرأة لا تجوز الا بشروط عقد النكاح ،وهذا العقد أخذ صفة أجتماعية ثابتة بين الناس.لذا فألعلاقة بين الاثنين بلا جماع لا تأخذ صفة الفاحشة،وأنما ينظر اليها من باب الاعراف( الآداب العامة). لذلك يخطأ من يقدم على جريمة القتل للمرأة بحجة الفاحشة دون الشروط التي ذكرها الله في سورة النور آية( 4) والتي يقول فيها:( والذين يرومون المحصنات ثم لم يأتوا  بأربعة شهداء فأجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً وأولئك هم الفاسقون) …بقي لنا ان نفهم كيف نفسر ظاهرة ملك اليمين..هل تدخل ضمن الزنى..؟.

ولكن لم نجد تفسيرا للآية ..وما ملكت آيمانكم غير ملومين..فهي زنا بدون عقد أحصان ..كيف اجازوها الفقهاء على المؤمنين والمسلمين ..لا شك نحن بحاجة الى تآويل علمي صحيح…لهذه الظاهرة القرآ،ية الغامضة..

اما الفاحشة الاخرى التي سماها باللواط فهي مصنفة تحت بندالشذوذ الجنسي  كقوله تعالى:(ولوطاً أذ قالَ لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحدٍ من العالمين، الاعراف 80).أي ان الممارسة الجنسية بين الزوج والزوجة يجب ان تلتزم بحدود ثابتة غير مخترقة بما أحل الله ولا غير،بقوله تعالى:( واذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله،البقرة 222).

هنا تحدى الفواحش حين جاءت بآيات حدية لا تقبل النقاش والتسويف وهي ثابتة وفق قناعة المنطق.

 

وأخيرأ أقول:ان الأسلام فريد في تصوره للحياة،عظيم في توجهاته للناس، حكيم في أوامره الحدية في التنفيذ.ولا طريق أخر للبشرية الا بأتباع أوامره ونواهيه.وسيبقى عالم الاسلام يتأرجح ما بين الحياة والموت بعد ان حول النص المقدس الى فقه لا يعرف منه الا العبادات المتزمتة ، وأحادية الرأي في المذاهب المختلفة الباطلة التي لا اصل لها في النص،  وحكم السلطة الجائرة ، وتبريرات وعاظ السلاطين .

 

لقد تخلصت اوربا وامريكا والعالم المتقدم حضارياً من هذا التوجه الخأطىء فشقت طريقها نحو التقدم والتطور وحقوق الانسان ،ونحن لازلنا مكانك راوح.فالاخلاق هي الاساس،والقسم ذمة ومسئولية أمام الله لا يجوز اختراقه بالمطلق ،فكيف يقسمون ويخونون  ، والحقوق واجبة حدية التنفيذ.هذه كلها أمور ربانية ملزمة أجتمعت تحت عنوان الوصايا،ولوجاء القرآن الكريم بها فقط لكفاه فخرا بأنه مميز عن كتب الاخرين ،

فهل فهم من حكموا الوطن العراقي بعد2003 حكم القرآن والدين ليعترفوا بالخطأ…؟ لا والله ..انهم قوم فاسقون..أعجبتهم الحياة الدنيا فأخلوا بشروط الرحمن..؟؟.

 

والوصايا الخمس الباقية سوف نعرضها في عرض لا حق…

               أنظر الكتاب والقرآن ..للدكتور محمد شحرور في موضوع الوصايا..

          أنظر الموسوعة الحرة… في الوصايا..