23 ديسمبر، 2024 2:31 م

الكتاب في العراق أسير الرف والمكتبة

الكتاب في العراق أسير الرف والمكتبة

كيف لأمة ان تكتب وهي لا تقرأ وكيف لها ان تعرف قيمة العلم وهي تتغنى به فقط وتتشدق في مجالسها وتردد قول النبي الاعظم محمد”ص” طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة ..اطلبوا العلم ولو كان في الصين..ها هو بين أيديكم وبثمن بخس لقد كُفيتم مئونة طلبه في الصين ها هو بضغطة زر في أي مجال أردتم تربية علم الاجتماع ,,علم النفس,, التفسير,, التاريخ أي شيء وها هي الكتب مأسورة في رفوف المكاتب لا تكاد يطالعها أي منكم تنظر الى المارة بحسرة وترى في وجوههم بؤس الجهل والتخلف تلوّح لهم بمصباح النور ومشعل المعرفة لكن لا احد يدرك ضوئه وان أدركها احدهم فانه يزين بها حائط البيت او ليقول عنه البعض بأنه يقرأ ومثقف ولكن ماذا بعد وضعها بالرف والمكتبة هل يوجد تفاعل معها هل هناك اخذ وعطاء ,,ان نسبة كبيرة من الأمة لا تعرف قيمة الكتاب ربما هي تدرس أحيانا في تخصص علمي يجلب لها الوظيفة ولكن لا علاقة لها بالثقافة العامة والوعي الذي يصنع المجتمعات اذ ان القراءة في شتى الثقافات من تاريخ واجتماع وسياسة وثقافة عامة لها دور كبير في إبراز هوية المجتمع ورفع وعي أبناءه بعكس القراءة في مرحلة معينة للحصول بعدها على مزاولة مهنة معينة  كالطبيب او المهندس او المدرس الذي والكثير منهم لا يمارس مهنة القراءة والثقافة وبذلك يكون أسير تخصصه ويكون إدراكه ضيق جدا لما يدور حوله وهو ليس بمثقف أبدا بقدر ما هو حرفي ولكن من نوع آخر كحرفة الصناعة والتجارة رغم الاختلاف الكبير بينهما ولكن اذا لم تكن مثقف وواعي وقارئ لما يدور حولك فان التحصيل الأكاديمي ليس له معنى غير الاستقرار المادي أحيانا ولا شيء آخر ,, الكتاب هو الذي يصنع المعرفة وهو الذي يضع بذور التسامح والألفة والحوار وينّمي ثقافة الأمة ويجعلها في ركاب الحضارة,, وحديثنا هذا عن الكتاب بدوره الايجابي,,قديما قالوا مصر تكتب ولبنان تطبع والعراق يقرأ ..لكن العراق اليوم لم يعد يقرأ كما كان وما زاد الطين بلة دخول وسائل كثيرة أخرى تجعل الشاب العراقي بالتحديد لا يفكر في القراءة أصلا لوجود وسائل الاتصال المختلفة كالفيسبوك وتويتر وغيرها حيث يقضي اغلب الشباب وقتهم في ((الدردشة)) وبهذا لا يتسنى لهم ممارسة القراءة إضافة إلى انشغال الشباب بتبادل المنشورات في الفيسبوك المنشورات الجاهزة والأقوال والحكم لبعض العظماء وهي وان كانت جيدة الا انها تصطدم بفهم القارئ احيانا وسذاجته وعدم تمتعه بوعي وعمق تحليلي وربما قيلت بعضها في واقعة معينة لمجتمع ما كان يحمل خصائص وصفات تشبه إلى حد كبير الحكمة التي قيلت آنذاك وأحيانا تكون وبال على صاحبها إذا اعتمدها شعارا لأنه لم يقرأ نقيضها ولنقرب الفكرة أكثر نقول مثلا يقرأ إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب ..وبهذا قد يتبنى موقف السكوت في موقف كان عليه ان يصدح بصوته ويقول الحقيقة ويرد الجهل لأنه لم يدرك ان هذه الكلمة قيلت في مخاطبة الأحمق والعمق التحليلي للأحمق هو السكوت معه أفضل من الكلام  فموضوع تأثير المنشورات والحكم والأقوال وخاصة لبعض المفكرين الغربيين لا تناسب كثيرا الشباب العراقي او الشباب المسلم بصورة عامة حيث نشاهد كثيرا تبادل منشورات من قبيل منشور ملون ((ان أي شخص اتصلت به ولم يرد عليك مثلا فأغلق الباب وارحل …)) في حين تجد في نهج البلاغة ثقافة الإسلام الأصيل ((احمل نفسك من أخيك عند صرمه على الصلة وصدوده عن اللطف والمقاربة.. وشدته على اللين ….حتى كأن له الفضل عليك …)) ويقابلها ايضا ((رغبتك في زاهد فيك مذلة ..)) وان عمق الشخص وفهمه وادراكه هو الذي يجعله يختار الحكمة والكلمة التي تناسب موقفه هذه هي حكمة الإسلام الأصيل في حين لا وجود للتسامح في كثير من تلك الحكم والأقوال المتداولة وهي تناسب ثقافة ومجتمع معين ولا تناسب بالضرورة ثقافة الفرد المسلم والعراقي بالذات نعود لنقول ان القراءة هي عيون الأمة ولا تستطيع أن تسير أي امة ما لم تنظر بعينيها  وتحارب الجهل والأمية المتفشية بشكل مرعب في العراق وبشقيها الأمية الأبجدية والحضارية والثانية اخطر بكثير من الأولى لذا لا نستطيع ان نغير واقعنا ما لم تكن هناك مناهج تربوية معتمدة تحث الشباب على القراءة الفاعلة والمثمرة في شتى المجالات المعرفية لتساهم في رفد الأمة بشباب واعي قرأ الكتاب الذي يجسد له تجارب الأمم وتاريخ أمته وحاضرها ومشاكلها ,, اذا لابد من إشاعة ثقافة  ((في كل بيت مكتبة)) وان لا تكون للزينة فقط لان قيمة كل امرئ ما يحسنه لا ما يملكه ولا يستطيع الإنسان أن يحسن لنفسه وأمته وهو يرتع في الجهل والتبعية والتخلف.
[email protected]