27 ديسمبر، 2024 10:49 م

الكتابة بمداد الحياة!!

الكتابة بمداد الحياة!!

الحياة إرادة واعية وطاقة تتوثب للقوة والإقتدار والنماء والرقاء والبقاء المتين , الواعد بالمستجدات المتصاخبة المتواصلة التفاعل مع معطيات مكانها وزمانها , والمتواشجة مع آليات الدوران الفاعلة في الكينونة الكونية بأسرها.
الحياة فعل مضارع يفيد الحاضر والمستقبل , ولا تعترف بالفعل الماضي التام أو الناقص , إنها نبض أكون ونكون , وتنأى عن كانَ لأنها تقيّدها وتضع أمام خطواتها العثرات.
والذين يعبّرون عن الحياة عليهم أن يكتبوا بمدادها , ويطعموا أقلامهم من دواة نكون وأكون , ولا يحق لها أن ترشف من مستنقعات كان.
فالمطلوب من أقلامنا بأنواعها أن تكتب بثقة وتفاؤل وإيمان بالكينونة الحضارية الرائعة , التي تمثل حقيقة الأمة بمكوّناتها ومخزونها الحضاري المديد.
ومن واجب الأقلام أن تُراجع مناهج تفكيرها ورؤاها , وتتحرر من قيود الإنكسار والإنهزام والإنتكاس والإنهدام وتعزيز مشاعر الدونية والتبعية وفقدان القيمة والدور.
فقد تعوّدت أقلام أعلام الأمة العزف على أوتار الأنين , فعندما حصل الذي حصل في عام 1967 , إنطلقت في أدبيات النكسة والهزيمة , وما تحدثت عن خسارة معركة أو حرب , وإنما أبدعت وعلى مدى عقود في كتابات سلبية تحكمت بالأجيال , فحَجّمت دورهم وتفاعلاتهم مع الحياة.
فلم تتعامل الأقلام مع ما حصل مثلما تعاملت ألمانيا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية , فما تكلم المثقفون والمفكرون عن النكسة , بل واجهوا مصيرهم بقوة وتحدي وإنتصروا على واقعهم وما أصابهم من تلك الحرب الشعواء , وتحقق تجاوز المحنة في بضعة عقود.
بينما واقعنا العربي لا يزال بارعا في الكتابات النواحية والتأبينية الرثائية الفتاكة , الداعية للقنوط وجلد الذات والتباكي على الماضي والأطلال.
فما يحكم تفكيرنا هو الرثاء , أي أننا رثائيون , ولا نمتلك القدرة التنويرية والتحفيزية المتحدية , المقدامة الطالعة نحو آفاق مشرقة وهدف واضح نريد.
وعليه فالمطلوب من الأقلام أن تغيّر مناهج كتاباتها وإقتراباتها , وترتقي إلى مَقام الحياة وتكون نبضها الدفاق وقلبها البثّاق , لصناعة حاضر ومستقبل فياض بالإشراق!!
فهل أن النهر يجري وأقلامنا العثرات؟!!