الكتابات الدينية بأنواعها غالبة على المشهد في الصحف والمواقع والخطب والتصريحات والمقابلات , حتى تحول الدين إلى مجرد كلمات , أما الدين العمل فلا وجود له في واقع المكان والزمان , وهي ظاهرة تستحق النظر , لغياب ما يماثلها في مجتمعات الدنيا المعاصرة.
فأبناء الأمة يحشرون كل شيئ بالدين , أو يحشرون الدين في كل شيئ مهما كان حجمه ودوره , بل أن العلاقات في المجتمع تؤطر بمنطوق ديني , لتأمين إدامة إنتهاك حقوق الإنسان والإمعان بالفساد المبرمج بفتاوى تسمى شرعية أو دينية , حتى إختلط كل شيئ بلا شيئ.
فلماذا الطابع الديني الغالب والمهيمن على الوعي الجمعي؟
فهل أننا لوحدنا أصحاب دين؟
وهل التمنطق بالدين وسيلة خداعية لتبرير مآثم أمّارة السوء الفاعلة فينا؟
أسئلة تتوارد وأجوبتها ليست باليسيرة , ويمكن لأي متأمل أن يأتي بتفسير وتأويل وتحليل , ما دام الكلام بلا قيمة ومعنى ودور , بل كما يقال في اللهجة العامية ” هروتة” (إطلاق الكلام على عواهنه: أي بلا تفكير ولا روية).
الخطاب ديني والفعل لا ديني , فلا عدل ولا ألفة ولا رأفة ولا أخوة , ولا رحمة , بل عدوان وكراهية وإمعان بإغتصاب حقوق الآخرين وتدمير وجود أركان الدين , الذي تحول إلى فعاليات طقوسية تتعدد , وتحقق أرباحا كبيرة للمتاجرين بما يسمونه دين.
المهم أن تصلي وتصوم , أما أن تتعلم العمل الصالح , فهذا ضعف وعدم إنسجام مع بيئة الفساد القائد.
ترى هل أن من علامات الأمم الفاشلة الخامدة المقعدة , أن تتلهى بموضوعات تسميها دينية , وهي شيطانية تدميرية لذاتها وموضوعها , ومعتقلة لأجيالها في ظلمات التداعيات والويلات المتراكمة القابضة على مصيرها المحتوم.
إنها لمحنة كبيرة أن يتحول النور إلى نار , والدين إلى دخان!!
و”ظاهرة التدين هي أعظم ظاهرة بشرية في الوجود , وأعمقها تأملا في الكيان الإنساني”!!