لا يخفى على المنصفين من المتابعين لرياضة الكبادي في العراق ان انجازات هذا الاتحاد الفتي قد فاقت بكثير ما كان يتوقعه حتى اصحاب اللعبة نفسها ، بالرغم من ان الطموح كان عاليا والهمة والعطاء كان كبيرا جدا ، فلو استعرضنا اهم الانجازات خلال السنوات التي حققها العراق على المستوى الدولي لرأينا ان الحصول على الوسام البرونزي في بطولة شباب اسيا للرجال والنساء يتصدر تلك الانجازات ، ولأهميته كونه جاء بدون اي دعم حكومي يذكر بل نتيجة دعم اصحاب اللعبة انفسهم لسفرهم ومصاريفهم الذاتية ، تم استقبال الابطال من قبل السيد الوزير وتكريمهم بمبلغ لا يتوافق مع عطائهم وانجازهم ، ولعل احد المتابعين الاعلاميين ذكر لي حينها انه اول انجاز لفريق عراقي على المستوى الاسيوي ان يحصل على وسام برونزي في مسابقة اسيوية جماعية ، ولكن لم يؤخذ الامر بمستوى المسؤولية من قبل المسؤولين آنذاك .
الالعاب الاسيوية ..ثقة .. واحباط حكومي
واستمرت الانجازات الدولية حتى جاءت دورة الالعاب الاسيوية في جاكرتا عام 2018 عندها تم اللقاء برئيس اللجنة الاولمبية الوطنية العراقية ( السابق ) رعد حمودي الذي كان يعتقد ان الكبادي لا يمكن ان تحقق شيئا على المستوى الاسيوي ، عندها تعهد المرحوم حميد الحمداني مؤسس هذه الرياضة في العراق والوطن العربي بان يوقع له على ورقة بيضاء ومستعد ان يتحمل كل التبعات المالية والقانونية في حال عدم تحقيق وسام للعراق ، هذه الثقة الكبيرة عند الحمداني رحمه الله كانت متأتية من خلال قراءته للفرق الاسيوية ومعرفته بمستوى لاعبي المنتخب العراقي ، ولكن كان الرفض من قبل الاولمبية مصدر صدمة كبيرة ، وبالتالي فقدنا وسام برونزي في محفل عالمي مهم .
العراق مؤسسا ورئيسا للاتحاد العربي للكبادي
ولعل تأسيس الاتحاد العربي للكبادي واختيار العراق رئيسا لدورته الاولى وبغداد مقرا له هو انجاز كبير لم يحصل عليه اي اتحاد عراقي من قبل ، وهذا لوحده يتطلب دعم حكومي كبير من ايجاد مقر رسمي وتجهيزه ودعم هذا الاتحاد ، كما ان اختيار رئيس الاتحاد العراقي الاستاذ كريم عبيد وسمي لمنصب رئيس الاتحاد العربي و نائب رئيس الاتحاد الاسيوي من قبل الجمعية العمومية للاتحاد الاسيوي هو انجاز اخر يضاف لإنجازات الكبادي العراقية ، واستكمل العطاء العربي بتنظيم اول بطولة عربية نسوية في لبنان بدعم ذاتي من قبل الاتحاد العراقي للكبادي وكانت بطولة ناجحة فنيا وتنظيميا .
اتحاد رسمي تحت خيمة حكومية
واستمرت الانجازات والعطاءات دون توقف ورغم عدم توفر اي دعم مالي حكومي ، حتى استطاعت الكبادي العراقية ان تكيف اوضاعها وفق قانون الاتحادات الرياضية رقم 24 لسنة 2021 فيصبح لدينا اتحاد رسمي ضمن الاتحادات الوطنية تحت خيمة اعلى سلطة وزارية متمثلة بوزارة الشباب والرياضة واللجنة الاولمبية الوطنية العراقية ، عندها استبشرنا خيرا بدعم حكومي لرياضة من الممكن جدا ان تجلب للعراق الاوسمة الملونة وترفع رايته عاليا بين دول العالم لما نمتلكه من قاعدة رياضية مسندة بقاعدة فنية من الحكام والمدربين ، وجرت انتخابات الاتحاد العراقي للكبادي تحت اشراف وزارة الشباب ةوالرياضة واللجنة الاولمبية الوطنية العراقية وتم تشكيل اول اتحاد رسمي للكبادي في العراق برئاسة الاستاذ كريم عبيد وسمي ، وهنا بدأت الكبادجي العراقية مشوارا ومنعطفا جديدا .
الدورة الاسيوية في الصين وحرمان العراق من وسام اولمبي مضمون
كم تمنينا ان تكون الكبادي ضمن دورة الالعاب الاسيوية في الصين ، رغم ان الحديث عن تلك الامنية ذو شجون لمسناه ورأيناه بأم اعيننا ، حيث تم استدعاؤنا كأحد الحكام العراقيين من قبل الاتحاد الاسيوي للكبادي بان نكون ضمن طاقم تحكيم دورة الالعاب الاسيوية في مدينة “هوانجزو” ، ليكون هذا انجاز جديد يضاف الى انجازات الكبادي العراقية على المستوى الدولي ، ومع ذلك لم نرَ اي تحفيز من قبل المؤسسة الرياضة لهذا الانجاز ، وعندما رأينا مستوى الفرق تأسفنا ان لا يكون العراق ضمن هذه الفرق ، ولو كان لضمنا احد الاوسمة البرونزية وخصوصا على مستوى الفرق النسوية. حيث حصلت النيبال على الوسام البرونزي والجميع يعلم ان العراق افضل من النيبال على المستوى الفني فضلا عن مشاهدتنا الشخصية لمستوى الفرق الذي كان اقل من بكثير من مستوى فريقنا النسوي ، وبالتالي حرمنا من وسام اولمبي اسيوي .
بطولة الاندية العربية في بغداد نقطة مضيئة بمسيرة الكباديالعراقية
ولعل الانجاز الآخر الذي يفتخر به الاتحاد العراقي للكبادي هو تنظيمه للبطولة العربية العربية الاولى للكبادي للرجال في بغداد واحتضانه للدول العربية الشقيقة في بغداد المحبة والسلام ، حيث شاركت ثمان اندية عربية تضم لاعبين محليين ومحترفين في تظاهرة موازية لتظاهرة بطولات كرة القدم ومع ان الدعم الحكومي كان متواضعا نسبيا ولو لا تدخل بعض القيادات في وزارة الشباب والرياضة من ضمنها معالي السيد الوزير والسيد مدير عام الدائرة الادارية والمالية والقانونية وسعيهم لدعم البطولة لما ظهرت بهذا المستوى الفني الرائع الذي نال اعجاب الوفود العربية والاجنبية التي حضرت البطولة .
بالرغم من ان الدعم الاعلامي للبطولة كان متواضعا نسبيا لكن تواجد عدد من القنوات الفضائية اضاف سمة تفاعلية معتد بها استطاعت ان تخرس الاصوات النشاز التي سعت لتخريب البطولة والتقليل من مستواها .
ان الاتحاد العراقي للكبادي اصبح اليوم نقطة فارقة بين الاتحادات الدولية للكبادي بقدرته على استضافة البطولات الدولية وهذا ما اكده معالي وزير الشباب والرياضة عند استقباله لرئيس الاتحاد الاسيوي والامين العام للاتحاد الاسيوي حيث اكد معاليه ان العراق مستعد لاستضافة البطولات الدولية للكبادي وتنظيمها بالشكل اللائق بسمعة العراق ومكانته الدولية .
موازنة مالية فقيرة لا ترتقي لمنجزات الكبادي
وبعد تلك البطولة ولما رأيناه من دعم من قبل المؤسسة الرياضية للارتقاء برياضة الكبادي والوصول بها الى اعلى مكانة مرموقة بين الدول ومنينا انفسنا بدعم اكبر لتنفيذ المنهاج السنوي على المستوى المحلي والدولي ، حتى تفاجأنا بالميزانية المالية التي لا تفي بنسبة 10% من تغطية نشاطات الاتحاد خلال عام 2024 .
لقد جاءت تلك الموازنة المالية نتيجة عدم معرفة اصحاب القرار بمكانة الكبادي وامكانيات العراق بالرغم من ان الخطاب الحكومي وعلى لسان رئيس الوزراء واضح جدا بوجوب زيادة ميزانية الاتحادات الرياضية لتنافس الدول العالمية في المحافل الدولية وتطوير فرقها ومشاركاتها لكن المستغرب ان قرار لجنة تحديد الميزانية المشتركة بين الوزارة واللجنة الاولمبية ربما حتى لم تطلع على المنهاج المرفق مع الميزانية التخمينية التي تم تقديمها للوزارة .
لقد اصبحت الرياضة في جميع دول العالم هي البوابة الرئيسية لاطلاع العالم على حجم الانجازات لهذه الدول وبالتالي مكانتها الدولية فان اردنا ان نكون ضمن الدول التي كنا سابقين لها والان تراجعنا واصبحت هي في المقدمة لابد من وضع الاشخاص المناسبين للتخطيط للرقي بالرياضة العراقية ودعمها بشكل يتناسب مع اسم العراق ومكانته ، والا سنبقى نراوح في مكاننا الحالي الذي لا يسر عدو ولا صديق ، لنجعل العراق نصب اعيننا جميعا بالعمل من اجل النهوض به وجعله قائدا لا مقودا وهو يتمتع بكل مقومات القيادة على المستوى الدولي والعربي .
باسم ريسان الغالي الجابري
الامين العام للاتحاد العراقي للكبادي