19 ديسمبر، 2024 3:20 ص

الكاظمي يمسك عصى السلطة من المنتصف

الكاظمي يمسك عصى السلطة من المنتصف

رئيس الوزراء الكاظمي، يكاد يكون الوحيد من بين جميع من سبقوه، الذي احيطت به وبشخصيته ومرجعيته؛ الكثير من الشكوك والتأويلات والأسئلة عن ارتباطاته الإقليمية والدولية. فقد هلل قسم كبير من العراقيين لوجوده على رأس حكومة اصلاحية، ستقوم بإجراء اصلاحات حتى ان البعض ذهب الى ابعد من الاصلاحات بمعنى ان الاصلاحات سوف لن تكون سطحية بل تكون بنوية وجذرية، بأنهاء مرحلة اللادولة، وحصر السلاح بيد الدولة. في ذات الوقت اعتبره اخرون؛ بانه رجل امريكا في العراق، وبانه سينفذ اجندة امريكا في العراق بمحاربة الوجود الايراني في العراق. الكاظمي من جهته وفي كل مناسبة وبدونها كان يؤكد بان من اهم مهماته هو استعادة هيبة الدولة وحصر السلاح بيدها، اضافة الى اعادة الحياة الى الصناعة والزراعة، لتوفير فرص العمل للعاطلين، والتهيئة للانتخابات المبكرة. على هذا المسار؛ وضع الفريق الأول الركن عبد الوهاب الساعدي، على رأس مكافحة الارهاب الذي كان قد اقاله من منصبه عبد المهدي الذي هو الأخر، استقال لاحقا بضغط الشارع العراقي المنتفض؛ بتهمة تردده على السفارة الامريكية في المنطقة الخضراء، وعين قاسم الاعرجي من كتلة الفتح على رأس مركز الأمن الوطني، اضافة الى عبد الغني الاسدي. وقام بالسيطرة الى المنافذ الحدودية وهي عملية مهمة بل مهمة جدا لكنها لم تكتمل بعد، وربما لا تكتمل لأسباب قد تكون خارج قدرته وامكانياته أو اسباب اخرى قادرة على تعطيل تلك القدرة والامكانية. الكاظمي براغماتي يحاول الإمساك بعصى السلطة من المنتصف، فهو لا يريد اغضاب اصحاب القرار الفعلي من ذوي التأثير المنتج للفعل على صعيد الواقع، ومن الجهة الثانية؛ يؤكد بالأقوال التي تداعب رغبات وهموم الناس، من انه سوف يقوم بالإجراءات التي تلبي طموح الشعب بالتغيير نحو حياة افضل، من قبيل استعادة هيبة الدولة والقضاء على اللادولة، الى اعادة الحياة الى الصناعة والزراعة، الى التهيئة للانتخابات المبكرة، الى محاسبة قتلة المتظاهرين. الكاظمي حتى الآن، لم يقم باي اجراء فعال على طريق الاهداف سابقة الذكر وهنا نقصد الاجراءات الحاسمة والفعالة بقدرة وكفاءة عاليتين، تثبت وجودها في مسار الاحداث التي تقود الى احداث تحول جدي، على طريق الاصلاح، بل العكس تماما هو الصحيح، فهو يتراجع لاحقا عن كل اجراء يقوم به بإخراج سياسي يغطي على هذا التراجع أو اجراء يبدو جديدا على طريق الاصلاح بينما الحقيقة غير هذا الطريق تماما؛ تغيير مسؤولي مركز الأمن الوطني مثلا. من الواضح ان ايران قبلت بالكاظمي على مضض بفعل قربه من دوائر صناعة القرار في الولايات المتحدة الامريكية، لكنها وفي عين الوقت؛ تعرف من انها قادرة على تطويعه بدرجة او بأخرى، لاحقا تبين لها ان وجوده على رأس الحكومة ذي فائدة لها؛ حين تبين لها، طريقته في الإدارة، ووقوفه على مسافة قريبة منها.. مع قربه الواضح والمعلن من الإدارة الامريكية. الايرانيون يديرون مفاوضات سرية مع الولايات المتحدة، المفاوضات، ينفيها الجانبان، الايرانيون والامريكيون، لكنها موجودة، وهذا النفي لا يغير من حقيقة وجودها اي شيء، عبر وسطاء، سلطنة عمان مثلا او غيرها، او الكاظمي نفسه، كحامل رسائل من الجانبين لبعضهما البعض. ان ما يؤكد ها، هو هذا الهدوء في العلاقة بينهما، بالإضافة الى تبادل السجناء بين الجانبين في الاشهر الأخيرة، على الرغم من التفجيرات الاخيرة التي حدثت في ايران، فهي اي هذه التفجيرات لا تنفيها بل تؤكدها، فهي رسائل ضغط، تدخل في صلب المفاوضات التي ستستمر لفترة طويلة من دون التوصل الى قاعدة مشتركة تنتج الحل، ألا بعد الانتخابات الأمريكية التي يعول الايرانيون على نتيجتها كثيرا، لذا يلعبون بالوقت بدراية وحنكة مشهودة لهم فيها. الكاظمي الذي زار اليوم، الثلاثاء، ايران؛ ألتقى بالمرشد الايراني، ووزير المالية، قبل ان يلتقي لاحقا بالرئيس روحاني؛ الناطق باسم الرئاسة الايرانية، اكد ان زيارة الكاظمي مهمة في ايجاد منطقة امنة ومحاربة الارهاب.. الايرانيون يحرصون اشد الحرص على استدامة العلاقة مع العراق وبالذات بل هي الاهم، العلاقات الاقتصادية والتجارية مع العراق التي تصل تقريبا، الى عشرين مليار دولار سنويا، جميعها لصالح ايران، فالعراق لا يصدر الى ايران اي شيء. في السياق بحث الجانبان العملة التي تدفع كأثمان للبضائع الايرانية الموردة للعراق، الجانب الايراني يريد ان تكون على الاقل نصفها بالعملة الصعبة اي بالدولار. لذا يعتبر العراق بمثابة جهاز اعطاء أوكسجين، يتنفس به الاقتصاد الايراني في ظل العقوبات الامريكية الخانقة له في الوقت الحاضر. يبقى السؤال المهم هنا بل هو الأكثر اهمية من جميع ما تم الاشارة له في اعلاه؛ هو الوجود الامريكي طويل الاجل في العراق، هل يكون موضوع مقايضة على منضدة المساومات؟ نترك الإجابة لما ستتمخض عنها زيارة الكاظمي لواشنطن في القادم من الايام..

أحدث المقالات

أحدث المقالات