وانا اشاهد المؤتمر الصحفي الاخير لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي طاردت افكاري الكثير من التساؤلات عن حجم “اللعنة” التي تلاحق بلادي منذ عشرات او مئات السنين، لانها ابتليت بقيادات تستخدم الاسلوب ذاته في محاولة “الضحك” على عباد الله، بعبارات مكشوفة لا يمكن تجاهلها والتي تظهر حجم التناقض بالمواقف والاراء بين دقيقة واخرى، هل هي لعنة قديمة كتب علينا ان نعيش معها او قد تكون لعنة حديثة جلبناها بانفسنا من خلال سكوتنا عن الاقلام التي تعبد الطريق لوصول “الفاشلين”.
فمن يتابع حديث الكاظمي بدقة يؤشر كمية من التناقضات التي بدأها بالحديث عن استقطاع رواتب المتقاعدين وكيف اتخذ القرار بسبب قلة السيولة ووجود خزينة خاوية ورثها من الحكومة السابقة، ليطلق وبشكل مفاجئ كلماته بالتراجع عن القرار وتوجيه الدوائر المختصة باعادة نسبة الاستقطاع للمتقاعدين، لكن بعدها بدقائق ظهرت علامات الانفعال على “سيادته” متحدثا بان هناك “جهات روجت لكذبة الاستقطاع لاغراض سياسية”، متناسيا حديثها عن التراجع عن القرار وتبريره بقلة السيولة، فهل لهذا الحديث وصف اخر غير التناقض وعدم الثقة بالنفس وتخبط يعكس حجم الازمة التي يعيشها رئيس الوزراء خاصة وانه ينقل ما يكتبه له مستشاروه الذين يتعمدون “تجهيل” المجتمع، كما فعلوها بحركة الاتصال بشقيقه عماد من داخل دائرة التقاعد والتي اتضحت فيما بعد بانها كذبة، لان عماد وباتصال هاتفي نفى تلقيه مكالمة من شقيقه الذي لا يعرف حتى رقم هاتفه، وهذه موثقة بمقطع فيديو سيأتي اليوم الذي يظهر فيه للعلن.
ليكمل بعدها رئيس حكومتنا مؤتمره بانتقاد وجود اربعة ملايين موظف يتقاضون رواتبهم من الحكومة على الرغم من اعتماد الاقتصاد على النفط فقط، متجاهلا انه لدى منح الثقة لحكومته في مجلس النواب تضمنت تسمية ثلاثة نواب لمنصب رئيس الوزراء، وهذه تعد “تخمة” جديدة تضاف لقائمة الرواتب الحكومية، فهؤلاء يحتاجون لمدراء مكاتب وموظفين ومساعدين، إضافة لاجتهاده بالحصول على موافقة البرلمان باستحداث وزارة جديدة للتركمان من “باب الترضية”، فهذه ستحتاج لوزير ووكلاء ومديرين وموظفين، هل كانت هذه “المكرمة” خارج حساباتكم حينما تحدثتم “بامتعاض” عن اعداد الموظفين، الذين التحق بهم جيش من المستشارين، عملهم مهاجمة من يؤشر اخطاء “دولة الرئيس” ويقدمون استشارات لا تختلف كثيرا عن النصائح التي كانت سببا بفشل الحكومات السابقة اخرها حكومة المستقيل عادل عبد المهدي التي خرجت بفضيحة مقتل سبعمائة متظاهر نتيجة مقترحات مديري المكاتب والمستشارين.
وبالعودة للحديث عن الخزينة الخاوية والتركة الثقيلة التي “شكى” منها الكاظمي خلال مؤتمره الصحفي، هل اصبحت ذاكرته ضعيفة لدرجة انه تناسى قبل ايام كيف امتدح عبد المهدي وحكومته حينما خاطبه بانك “مظلوم” لان الحكومة حققت الكثير من الانجازات التي يجب الحفاظ عليها، لينتهي هذا “المديح” بالتوقيع على كتاب احالة عبد المهدي وكابينته للتقاعد في قرار اخر مخالف للدستور الذي يمنح رئيس الجمهورية فقط صلاحية احالة الحكومات للتقاعد من عدمه، لكن بعد سلسلة التناقضات التي سجلها المؤتمر الصحفي توجه رئيس الوزراء لاستخدام اسلوب “خداع الرأي العام” من خلال افتعال الازمات للتعتيم على الازمة الحقيقية بالفشل في اتخاذ القرارات، حينما كشف عن إحباط محاولة لاغتياله خلال زيارته لمدينة الموصل في ذكرى سقوطها بيد تنظيم (داعش)، لكنها لم تؤتي ثمارها، كما اراد “المستشارون العباقرة”، لانها اسلوب قديم كان يلجأ له من سبقه لرئاسة الوزراء بالحديث عن “المؤامرات والانقلابات”، ليتوجه لاسلوب اخر بمهاجمة الفاسدين والحديث عن مشاريع وهمية فقدت الدولة بسببها ملايين الدولارات وعن ملفات فساد يجب اعادة النظر فيها لمحاسبة المتورطين، لكنه كبقية رؤوساء الحكومات الذين تعايشنا معهم لم يكشف عن اسماء تلك الجهات وقياداتها، وهذا يذكرنا بحديث زعيم دولة القانون نوري المالكي حينما سئل عن اسباب عدم كشف ملفات الفساد التي كان يتحدث عنها خلال ترؤسه الحكومة لدورتين، فكانت اجابته “لو ذهبت بها للبرلمان لاصبحت بالبوكسات”، فهل ستكون حجة الكاظمي المقبلة بنفس الطريقة.
الخلاصة… إن القرارات “الفاشلة” التي اتخذها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي تعتبر بداية غير موفقة في مسيرته التي اختارها بالتصدي للعمل الحكومي من خلال منصبه، فالقضية تحتاج لقرارات حقيقية تعتمد على مواجهة “كبار وزعامات” الفساد وليس المواطن الفقير سواء كان موظفا او متقاعدا باعتباره الحلقة الضعيفة، فبناء الدولة لا يتمثل بالاعتماد على “منظرين” هوايتهم جمع “الايكات” على منصات التواصل الاجتماعي وتسقيط الاخرين، انما على رجال دولة حقيقيين يمتلكون القدرة على التصحيح بتشخيص “منابع الفشل” ومعالجتها وليس محاولة تشويه الحقائق لمصالح شخصية.. اخيرا… السؤال الذي لابد منه… من ورط الكاظمي بقرارات الفشل؟…