الكاظمي وزيارة مشبعة بالسهام

الكاظمي وزيارة مشبعة بالسهام

عاد رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي إلى بغداد ، محملًا بغيظ ظاهر وسهام كلامية موجهة نحو حكومة محمد شياع السوداني ، لكن هذه السهام سرعان ما ارتدت عليه بعد أن واجهها المختصون في السياسة والخدمات بردود واقعية فضحت تناقضاته .
كانت الزيارة أشبه بمحاولة لتصفية الحسابات أكثر من كونها حدثًا سياسيًا نزيهًا ، مما أثار تساؤلات كثيرة حول أهدافها الحقيقية .
من اللافت في حديث الكاظمي الذي بدا متكلفًا ، أنه حاول أن ينسب لنفسه كل المشاريع التي أنجزتها حكومة السوداني ، متجاهلًا أن الشارع العراقي يدرك تمامًا أن حكومته السابقة لم تخرج بأي منجز جوهري ، سوى إضاءة الجسر المعلق وصبغه ، وكأن هذا هو الإنجاز الذي يستحق أن يُذكر في فترة مليئة بالاضطرابات والفشل في معالجة الأزمات .
الكاظمي لم يكتف بذلك ، بل سعى لاستقطاب بعض المحللين السياسيين والظهور بالبرامج السياسية ، محاولًا تسويق صورة مضللة عن إرثه السياسي إلا أن هذه المحاولات لم تلقَ صدى لدى الرأي العام ، ببساطة لأن الناس لا ينسون ، ولا يمكن لأي خطاب أن يغطي الفراغ الكبير الذي خلفته حكومته .
فحكومته لم تكن حكومة بقرار موحد ، بل كانت عبارة عن كانتونات متفرقة ، كل جهة تعمل بمعزل عن الأخرى ، دون رؤية واضحة ، ودون أي اكتراث لمصلحة الشعب.
شهد العراقيون خلال تلك الفترة استفحال الفساد ، وتكديس الثروات في جيوب المقربين منه حتى أصبحت تلك الحقبة علامة فارقة في غياب الانضباط الإداري والسياسي
لم تكن القيادة بالنسبة للكاظمي ممارسة ممنهجة ، بل بدت وكأنها مغامرة هواة ، بلا تخطيط ، ولا حزم ولا قرارات جريئة تصب في مصلحة الوطن وهذا ما جعل حكومته عاجزة عن مواجهة الأزمات الاقتصادية والخدمية التي عصفت بالبلاد حينها
رغم كل ذلك ، فإن محاولة الكاظمي التقليل من إنجازات حكومة السوداني كانت صادمة ، فالجميع، حتى المعارضين لا يستطيعون إنكار المشاريع التي تحققت خلال الفترة الماضية نعم ، هناك ملاحظات وسلبيات ، وهذا أمر طبيعي في أي حكومة ، لكن الفرق أن السوداني تعامل مع الحكم بواقعية، ولم يغرق في التصريحات الرنانة كما فعل سلفه .
السوداني انطلق من احتياجات الشارع ، وعمل بخطوات واضحة سواء في الملفات الخدمية أو معالجة بعض القضايا الاقتصادية بينما الكاظمي لم يترك وراءه سوى وعودًا معلقة ، وشعارات لم تتجاوز المنصات الإعلامية .
زيارة الكاظمي الأخيرة لم تكن سوى محاولة يائسة لاستعادة دور انتهى ومرحلة لن تعود ، فالعراقيون باتوا أكثر وعيًا ، ويدركون أن الأفعال هي التي تتحدث ، لا الخطابات الجوفاء أما محاولاته لنسب إنجازات غيره لنفسه ، فهي حيلة مكشوفة لن تغير شيئًا في حكم التاريخ على فترته الباهتة .