23 ديسمبر، 2024 8:50 ص

الكاظمي والحشد الشعبي!

الكاظمي والحشد الشعبي!

منذ أن قتل أبو مهدي المهندس نائب رئيس (هيئة الحشد الشعبي) هو (وضيفه) قاسم سليماني قائد الحرس الثوري الإيراني في غارة جوية أمريكية بداية العام الحالي أثناء خروجهما من مطار بغداد الدولي دخلت فصائل الحشد الشعبي في دوامة المناصب سواء رئاسة الحشد أو المناصب الحساسة الأخرى ومنها رئاسة الحشد والأركان!
الغريب أن المهندس ليس الرئيس الرسمي للحشد بل أن الرئيس هو فالح الفياض ورغم ذلك بدأت بوادر صراع محموم على الزعامة بين (قادة) الحشد!
فماذا يعني ذلك الخلاف على منصب الرئيس على الرغم من أن المقتول هو نائب الرئيس(المهندس) وليس الرئيس (الفياض)؟
قبل كل شيء يجب إثبات أن الأحداث كشفت بأن القائد الفعلي للحشد هو المهندس وليس الفياض بدليل عدم ظهور مثل هذه الخلافات قبل مقتل المهندس، أو ربما، يمكن القول، وبعبارة أدق، إن غياب سليماني هو السبب الأبرز على اعتبار أنه هو القائد الآمر لهم جميعا، ودون أي نقاش لأوامره!
وخلال الأشهر التي تلت مقتل سليماني والمهندس سمعنا بالكثير من الشخصيات التي رشحت لمنصب رئيس هيئة الحشد على الرغم من وجود الفياض، ومن أبرزهم أبو فدك المحمداوي، وهادي العامري، زعيم مليشيا بدر وغيرهما!
الخلافات داخل الحشد دفعت أربعة فصائل للانسحاب من الحشد الشعبي والانضمام للقوات الرسمية العراقية!
والفصائل هي فرقتي الإمام علي والعباس القتاليتين ولوائي على الأكبر وأنصار المرجعية، وهذا يؤكد حالة الخراب الإداري داخل هيئة الحشد، والتي طفحت للسطح، ولم يعد بالإمكان السيطرة عليها، وبعد أن تصاعد التوتر بينها وبين الفصائل المدعومة من إيران وصار قاب قوسين أو أدنى من المواجهة!
أبو فدك المعروف باسم (الخال)، والمتهم بقتل المتظاهرين، اعترضت عليه العديد من الفصائل، وحتى اللحظة لم يحسم أمر تسنمه لمنصبه الجديد والذي لم يتضح هل هو منصب رئيس الحشد، أم نائب الرئيس كخليفة للمهندس، لكن الواضح أن (الخال) متمسك جداً بالمنصب!
وقبل أسبوع تقريباً ذكر فالح الفياض رئيس هيئة الحشد ” اتفقنا على هيكلة خاصة للحشد تطبق في الأيام المقبلة، والهيكلية تخلو من منصب نائب رئيس الهيئة، وتعيين رئيس أركان الحشد من صلاحية القائد العام للقوات المسلحة، وأن أبو فدك يقوم بتصريف الأعمال ولم يثبت بأمر ديواني”!
ومع هذه الأجواء الإدارية التي يبدو أن فيها نهاية لمنصب نائب الرئيس، وتعيين رئيساً للأركان بدلاً عنه، لاحظنا أن زعيم تحالف الفتح المدعوم من إيران هادي العامري قد استغل الظرف غير المستقر ليعلن أنه منصب رئاسة الحشد قد عرضت عليه من مكتب المرجع الشيعي علي السيستاني!
وبعدها بعدة ساعات نفى مكتب السيستاني عرض رئاسة الحشد الشعبي على العامري!
وأشار بيان لمكتب عبد المهدي الكربلائي في كربلاء أن “عددا من وسائل الإعلام نشرت تصريحا للنائب عن تحالف الفتح، حامد الموسوي، عن تفاصيل زيارة رئيس تحالفه هادي العامري إلى ممثل المرجعية الدينية بشأن الحشد الشعبي، وأن العامري تلقى طلب الزيارة من الشيخ الكربلائي، ورفض عرضا منه لرئاسة الحشد الشعبي”.
وشدد بيان مكتب الكربلائي أن “ممثل المرجعية لم يطلب من هادي العامري ترأسه لهيئة الحشد، لأنها ليست من صلاحيته القانونية، وأن ما تم طرحه باللقاء هو بيان رؤية المرجعية حول ضرورة تطبيق قانون هيئة الحشد الشعبي وتفعيل هيكلية الحشد بحذافيرها مع توضيح المرتكزات التي من أجلها أسس الحشد الشعبي وفق رؤى وفتاوى المرجعية الدينية التي صدرت في حينها، وأن رؤية المرجعية الدينية تضمن ضرورة إجراء تقويم وتصحيح لبعض المسارات غير الصحيحة التي تجري عليها هيئة الحشد الشعبي، وأن تكون قرارات الهيئة بالتشاور مع ألوية العتبات المقدسة”!
وتداعيات بيان مكتب الكربلائي على المالكي كبيرة وصعب جداً بالنسبة للعامري، وكان الأولى به أن لا يقحم نفسه فيه، وفي تقديري فإن هذا الرد من المرجعية ربما قطع الطريق أمام العامري لتسنم منصب رئيس هيئة الحشد!
ومع هذه الأجواء والمناحرات والمنافسات واستمرار ارتفاع الأصوات المتأملة بتوجيه ضربة حكومية للحشد، حسم رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الموقف وذلك بزيارته يوم السبت الماضي لمقر هيئة الحشد الشعبي.
وأظهرت بعض صور نشرتها هيئة الحشد الكاظمي وإلى جانبه رئيس الهيئة فالح الفياض، وحضور ممثلي الفصائل الأربعة الخاضعة لمرجعية النجف، وقد جلسوا جميعهم على يسار الكاظمي، الذي ظهر في بعض الصور وهو يرتدي زي الحشد الشعبي.
زيارة الكاظمي للحشد فيها جملة من الرسائل لكن، يمكننا تلخصيها بأن الكاظمي لا يريد المواجهة مع الحشد على الأقل في هذه المرحلة!
هذا الصراع الكبير داخل هيئة الحشد، والذي حاول رئيس الحكومة لملمته ربما سيهدأ قليلا بسبب عودة داعش للظهور في بعض المحافظات الشمالية والشرقية والغربية، ولكن نار الخلافات ستبقى تحت الرماد ويمكن أن تحرق الجميع في أي لحظة!
وبعيداً عن الخلافات داخل الحشد، وقبل ذلك (قانونية تشكيل الحشد)، وعن الشخصية المتوقعة لقيادة الحشد فإن من يريد أن يبني دولة عليه أن يحسم ملف المليشيات، وأن يحصر السلاح بيد القوى الأمنية الرسمية، وإلا فكل هذه الخطوات هي تغذية لحالة اللادولة، وتمثل أرضية لضياع الوطن والمواطن على حدّ سواء!