22 ديسمبر، 2024 1:48 م

الكاظمي رئيس وزراء المرحلة والامر الواقع

الكاظمي رئيس وزراء المرحلة والامر الواقع

تسلم الكاظمي مسؤولياته في مرحلة حرجة ومهمة من تأريخ بلادنا، وبعد ما يسمى بعام الخوف والحزن والفزع بسبب سقوط اعداد كبيرة من الشهداء في ساحات الاعتصام والتظاهر، نعم هو خوف على حاضر البلاد ومستقبلها لعدم وجود ضوء في نهاية النفق المظلم في هكذا بيئة وظروف وحياة داخلية معقدة بسبب الانسدادات والتعقيدات التي حصلت في مسالك العملية السياسية بعد ان شاعت ثقافة الفساد و التفكك والتخندقات الطائفية والمذهبية والعنصرية بدل ثقافة التعايش والعيش المشترك والاهتمام ببناء الهوية الوطنية.
في ظل هكذا ظروف قدم رئيس الوزراء السابق( عادل عبد المهدي) استقالته، وطال الانتظار للتوافق على ترشيح بديل جديد يتحمل مسؤولية حكومة استثنائية، حكومة حرب مع الواقع الفاسد وتحدياته ومخاطره المعقدة والمركبة.. وطرحت اسماء وكلفت شخصيات لم يتم التوافق عليها لاسباب كثيره ومعروفة للناس اجمع، وفي ظل هكذا ظروف جاء حكم المرحلة والامر الواقع بتسمية الكاظمي، وتم الاتفاق عليه بالاجماع و اقسم اليمين الدستوري على خدمة العراق والعراقيين واصلاح وتعديل الحال ومارس مهامه وهو يعرف ما يريد بدقه متسلحا باطلاع كامل عن الكثير من خفايا الامور، مما لم يتاح لغيره، وحتى ممن هم في الحكم وعلى راس السلطة ومن رشح لمنصب رئيس مجلس الوزراء، وان كانت هذه الاكثريه في الاطلاع والمعرفه والتفوق على الاخرين بالمعلومات هي نسبية.
وللكاظمي انسيابيته وتسلسله في تكوينه المهني وما يمتلكه من رؤى واضحه ومعلومات خاصة بعد ترؤسه لجهاز المخابرات العام 2016 ابان حرب العراق على عصابات”داعش”، وانطلاقا من هذا الموقع اصبح للكاظمي علاقات واسعة مع العديد من الدول خاصة العاملة مع التحالف الدولي، ولما يتميز به من دبلوماسية وهدوء وعلاقات واسعة بناها مع الاخرين تساعده على تصريف برنامجه الحكومي، اضف لذلك أنه ليس (الكاظمي) بغريب على الساحة السياسية، فطالما طرح اسمه لمناصب عديدة لما يمتلكه من ثقافه مهنية معتمدا العمل الميداني في تصريف مهامه.
الكاظمي بدى متعايشا مع احتياجات الناس منذ اول ساعات تسلمه السلطة، وكما فعل في هيئة التقاعد العامة، اذا هي رسائل تطمئن الناس وتجعلهم يمدون يد العون والمساعده له، وهم ينتظرون النتائج للفعل المتحقق لرئيس مجلس وزرائهم الجديد ينتظرون وهم يراعون الظروف والتركمات والكوارث الكبيره والكثيرة التي جاء على انقاضها الكاظمي ليمارس مهامه كريئس لمجلس وزراء وبخزينه خاويه ( ايده والكاع)… جاء على انقاض حكومة ( مطوفة)، لهذا هو ادرك ان عليه ان يكون بين الناس في الميدان ليشعرون به ويشعر بهم، وليعملوا سوية وليبني من الناس سورا له يحتمي بهم، اذ لا مفر امامه غير طمأنة الناس بقرارات عملية مدروسة لتحقيق اهداف الاصلاح بعد ان فقد العراقييون املهم بالحكومات السابقة التي اعقبت الاحتلال، واليوم لن ينظر الناس الى الزمن الذي سيبقى فيه الكاظمي في الحكم، بل سوف ينظرون الى ماذا فعله وقدمه في هذا الزمن، قصر ام طال، لذا فهو امام حرب مع تردي وتراجع الاقتصاد و ملف المتظاهرين وانحسار و تراجع الدور الحكومي بعد ان ساحت وتبخرت هيبة الدولة وسطوة الانظمة والقوانين ، وتصاعد الغليان الشعبي الذي يطالب بالخدمات والاصلاح والتغير، وتوفير فرص العمل واصلاح النسيج الاجتماعي الممزق.
كل هذه التحديات والمطبات امام الكاظمي، وهي تؤكد ان العراق يعيش فوضى على كافة الصعد، وهي نتيجة طبيعية للفساد الاداري والمالي وتوقف المشاريع الاقتصادية والزراعية والصناعية وابعاد الكفاءات فضلا عن المحاصصة التي شملت بها حكومته وبشكل لا يختلف جوهريا عن تشكيل الحكومات السابقة، وهنا لابد من ازالة العقبات التي تعترض طريق الحكومة، والبدء بمحاصرة كل العوامل والاسباب التي ادت الى هذه الكوارث والافات ومعالجة اثارها لتحل محلها البيئة العملية والظروف والمناخات العملية بارساء بناء ومنطلقات وقواعد صحيحة للمشاريع الوطنية الستراتيجية وليس بقرارات او خطوات ترقعية.
وفضلا عن ما تقدم، فالكاظمي بحاجة الى مد يد العون له من قبل رؤوساء الكتل والاحزاب وكل القادة السياسيين، لتكون قوة التغيير هذه المرة حقيقية، فنحن امام تحديات لاتقبل اي تهاون في التغير والاصلاح ومواجهة الفساد، وهو يمتلك الشجاعة الكافية في الاجهار بمواقفه كما فعل في دفاعه عن العراقيين الذين خرجوا الى ساحات التظاهر للمطالبة بحقوقهم المشروعة ، واعتباره الكل الذين سقطوا فيها شهداء ولهم كل حقوق الشهيد، وامنياتي على الكاظمي ان يرى ويستمع لأصحاب الاختصاصات والكفاءات، اكثر مما يتحدث في الوقت الحاضر ليتمكن بعدها فعله المتحقق اكثر ايجابية وواقعية.

تأثير الازمات ورسم الستراتيجيات
اعتقد ان الازمات التي مر بها العراق، ومازال، والتي طال امدها وكبر وتضخم حجمها، ستكون حجر العثرة في عمليات الاصلاح و التغير، لكن بالمقابل لابد من انهاء معاناة الناس، وذلك (وفق نظر الكثيرين) مرتبط بالتخلص بما يوصف ويسمى بالدولة العميقة ورؤوس الفساد القابضين والماسكين بشراين الامن و الاقتصاد العراقي، الذي انعكس على الحياة العامة والخاصة للعراقيين، بعد ان تم من قبل هؤلاء ومن عليهم القيام بالتدمير المتعمد للبنى التحتية للدولة وتدمير جميع المنشات الاقتصادية وانهاء دور الصناعة الوطنية في كافة المجالات وبهذا التعطيل تعطل دور الدولة في عمليات البناء والاعمار والاستثمار وتضخمت البطالة وزاد الفقر وتوسعت خنادق التفاوت الطبقي وقصت اجنحة الطبقة الوسطى بعد ان دمرت الثقافة والاداب والفنون وتوسعت دائرة الولاءات اللا وطنية.. كل هذه هي غاطسة في مستنقع ازمات العراق والكاظمي عليه البدء حتى ولو بخطوه واحده لردم هذا المستنقع، وهي خطوه تعزز من سور الناس الذي يحتمي به ولا حمايه له مثل حماية سور الشعب وهو يدرك هذه الحقيقة وتحدث عنها بصراحة.
ثمة شيء اكثر اهمية، وهو رسم ستراتجية واضحة تعتمد لتصريف الاداء الحكومي، على ان تكون غير خاضعة للعواطف والمجاملات مع الكتل والاحزاب.. وعلى الكاظمي ان يطالب كل وزير باعداد وتقديم خطط وبرامج ومناهج عمل ستراتيجية لمعالجة واقع وزارته وتطوير وبلورة عملها بشكل امثل، وكذلك الهيئات المستقلة ومجموع هذه الدراسات الستراتيجيه للكابينة الوزاريه والهيئات غير المرتبطة بوزارة، ستكون مرأة عاكسه للصورة الحقيقية.
ومثل هذه الدراسات العلمية المهنية الدقيقة المستندة لخطوط بيانية وارقام واحصائيات، سوف تعتمد كخارطة طريق و نقطة شروع لتحقيق عملية النهوض الشامل بالعراق، وهي اهداف مهمة في البرنامج الحكومي.
ومما لاشك فيه ايضا، ان نجاح الكاظمي يكمن في اعادة هيبة الدولة والسلطة التنفيذية، وفرض احترام الانظمة والقوانين وتطبيقها على الجميع ، بشرط ان يكون النموذج في هذا التطبيق وفي مقدمتهم العاملين في الحكومة من اعلى المستويات ونزولا، لان سلوكيات العاملين التنفيذيين الايجابي يشكل حالة مشرقة يحتذى بها من قبل المواطنين بعد ان غابت مثل هذه السلوكيات والنماذج عن المجتمع بسبب تفشي الفساد الاداري والمالي الذي اسقط هيبة الدولة بشكل عام والسلطة التنفذية بشكل خاص، ونجاح السلطة التنفذية في تطبيق وحماية الانظمة والقوانين وتطبيق العدل والانصاف بين الناس سيعزز الثقة بين الطرفين.
الاصطفاف مع المواطن البسيط، واعتماد العمل الميداني هو النموذج الاكثر واقعية لمعايشة هموم المواطن، وهو مبدأ فعال لمتابعة شؤون الدولة عبر زيارة مؤسساتها ووزاراتها ودوائرها، مصطفى الكاظمي هكذا نهج منذ تسلمه المسؤولية، وقد اعد برامج لهذا الغرض حسب ما سرب لي من معلومات، لكن المطلوب ان تؤدي وتحقق هذه الزيارات الميدانية اهدافها وان لا تكون زيارة مجاملات بل زيارات عمل واطلاع ميداني على الخطط والاهداف المستخدمة والمعده لتطوير المؤسسات الحكومية والوقوف على جميع الفعاليات ومرافق ونقاط القوة والضعف فضلا عن بناءعلاقات وثيقة مع رؤساء العمل. لان ذلك يخلق شعورا ايجابيا مشجعا لدى جميع المواطنين، و يعطي صورة الاهتمام بالواقع الاداري و مراقبة الترهل الحاصل في دوائر الدولة، وهنا لابد من القيام بفتح نوافذ وابواب جديدة لتخليصها من البطلة المقنعة التي انعكست سلبا على نوعية وجودة الانتاجية و الاداء العام، كما وتهدف هذه الزيارات الى تنشيطها وتحسين انتاجيتها وتكريس امكانيتها لمواجهة الواقع والفساد الاداري الذي تعيشه جميع المراكز الادارية.

دعم حكومة الكاظمي

تشكلت حكومة الكاظمي وظهرت بعد صراعات وتجاذبات اكلت بالجرف الانساني والاجتماعي والوطني، والان وبعد تشكيل الحكومة نجد من الضروري ان تقدم مبادئ العقل والحكمة الوطنية على كل المبادئ الاخرى، وتتقدم وتخطو السياسة العراقية بشكل ايجابي وبدعم شعبي وسياسي صادق وحقيقي لتمكين الرجل من عبور الازمات وتجاوز حروبنا الخطرة والممتدة على جبهات متعددة منها اقتصادية وسياسية واجتماعية، وهي بكل تأكيد ليست حروب سلاح وقوة عسكرية بل حروب مبدأ واصرار على تحقيق النجاح وبعض الاحيان تكون اخطر منه، بل تؤدي الى حروب السلاح.. انها حروب بحاجة للعقل والحكمة حروب تكبل عمل واداء رئيس الوزراء والحكومة الجديده وتحجم قدراته، اذا لابد من استحضار العقل والحكمة لتكون المفتاح المركزي لفتح الابواب امام حكومة الكاظمي لتسهيل مهامها ورفع العقبات والحواجز من امامها من خلال الاحكام والقرارات والتوافقات الحكيمة والعقلانية لحلحلة ازمات الوقت الراهن من تحديات و من ظروف تتكاثر فيها التداعيات والمخاوف والقلق و مع وجود عدم ثقة من قبل الناس بالدولة.
المطلوب التعاون مع رئيس الوزراء ومراعاة الموقف و الوضع الذي فيه.. علينا مطالبته بالممكن وليس بالامور التي خارج ارادته وقدراته وسلطاته لكي لا نضيع (الخيط والعصفور) ونحن نعلم علم اليقين بظروف البلد وامكانياته خاصة الاقتصادية منها بعد ان ترك الفساد والفاسدين العراق والعراقيين بما نحن عليه الان.
نعم اليوم كل الوطنيين بالاجماع، ينادون ويطالبون بتغير الموجود من الواقع المر، ولكن يجب ان تكون ضمن برامج ومناهج واليات عمل تقترن بالحوارات الوطنية الهادئة، والكاظمي شكل حكومته والعراق في طوفان وبامس الحاجة للعمل الجمعي العقلاني الهادئ والحكيم من اجل التعاون لايقاف التداعيات ومحاصرتها اولا، ثم القيام بتقديم المنجزات لان البعض منها لا تمر وتتحقق الا من خلال المال، والكاظمي امام اوضاع اقتصادية صعبة تتحرك وغير ثابتة، وكل القادة والسياسيين عاجزين عن ايقاف حركتها وايجاد حلول لها على الرغم من تحرك حكومة الكاظمي على دول الجوار الاقليمي فضلا عن الاتصالات المفتوحة مع الدول المانحة لكن الكاظمي وحكومته في اوضاع لا يحسد عليها وهكذا حكومة في ظل هكذا ظروف بحاجة الى دعم الشعب اولا والقادة والسياسيين ثانيا، لتمكينها من تقديم انجازاتها بعد ان يضع الكاظمي في حسابته وبشكل دقيق انعكاس صراعات القوى على مسيرة واداء حكومته ويعرف ما يفعله جيدا لتمرير برنامجه الحكومي و الاصلاحات التي ينتظرها ويطالب بها الناس بعد سنين عجاف من المرارة التي اقترنت بابشع الصور وبكل اشكالها.
ليس المطلوب من الكاظمي ان يبدل الحال في ليلة وضحاها، وبخاصة في ظل هكذا ظروف وبزمن قياسي، لكن المطلوب ظهور ملامح وبوادر وبرامج ومناهج وخطط واشارات عملية ميدانية حقيقة تدلل على التغير الفعلي، ولابد من اعطاء رئيس الوزراء فسحة من الوقت ليرتب تسلسل مهامه العملية واكمال كابينته الوزارية، لكي لا تبتلع الاوضاع والظروف والتحديات برنامجه الحكومي بعد ان اصبح العراق امام مصير مجهول، والعراقيون يطالبون بوضع جديد لتفكيك الفاسد وضبط ايقاع حركة الحكومة لأيقاف نزيف الخراب الذي حل بالبلاد والسيطرة على الملف الامني وحماية حدود العراق وانتزاع سيادته .

التعامل مع مستنقع الازمات
اغرق العراق في مستنقع من الازمات وبملفات شائكة غاية في التعقيد ورثها الكاظمي منذ عقد ونيف بسبب الهروب المستمر الى الامام من قبل الحكومات السابقة وبدون استثناء، والكل يتساءل وبكل صراحة (بما فيهم السياسيين الوطنيين) متى يردم مستنقع الازمات وتنتهي معاناة العراقيين وكوارثهم ويحصلون على حياة حرة كريمة؟
والسؤال المطروح هل بمقدور الكاظمي وكابينته الوزارية اخراج العراق من هذا المستنقع والبدء بردمه لوحدهم؟، ام لابد من اسهام ومشاركة جميع سلطات الدولة وكل القادة والسياسيين الذين طالموا تحدثوا ويتحدثون عن الوطن والوطنية ولم نجد احد منهم تنازل لهذا الوطن او للوطنية؟ فيما الجميع يتمسك بالمحاصصة غير الشرعية والكاظمي الان بامس الحاجه ان يمد له جميع القادة والسياسيين يد العون والمساعده لتفكيك جزء من هذه الازمات وطرح الحلول بدل الانتقادات وتشخيص الاخفاقات والخلل.
والحقيقة هذا الاسلوب والطريقة متبعة من بعض القادة والسياسيين واعضاء البرلمان وهم يتحدثون عن الاخفاقات والمطبات والفساد والكوارث والخلل في اداء الحكومة ولكن لم نجد طرحا او تقديم مشروعا حقيقيا للحلول تخلصنا من مشاكلنا وتخفف من ازماتنا!! واليوم لا يوجد عراقي لا يعرف مواطن الخلل والاخفاقات واسبابها.. المطلوب اليوم ان يشارك الجميع قادة وسياسيين واحزاب وجميع سلطات الدولة لطرح وبلورة مشاريع خلاص للخروج من مستنقعات ازماتنا بدل الانتقادات التي نسمعها كل يوم بلا جدوى.
الكاظمي ورث ملفات (حارقة) ومشاكل داخلية كثيرة في مقدمتها الملفات الاقتصادية والسياسية والفساد الاداري والمالي،واهم الملفات هي التناحر الامريكي الايراني و ملف تصفية الحسابات بين الطرفيين على ارض العراق وبالشكل الذي انعكس على امنه واقتصاده على الكاظمي هنا ان يلعب دوره القيادي و السياسي كرجل دولة يحافظ على الامن والسيادة والاقتصاد الوطني وبشكل متوازن وبادارة حكيمة هادئة لاطفاء الحرائق.

الدستور
من الازمات الخطرة التي تحتم على رئيس الوزراء مجابهتها، ضعف الدولة وتفكك العملية السياسية بسبب ثغرات الدستور التي اربكت الاوضاع واوشكت ان تؤدي بوحدة العراق ارضا وشعبا وتاريخا، لان في البعض منها تقسيم ضمني للعراق بعد ان اصبحت هناك مكونات شبه مستقلة في شمال وغرب ووسط وجنوب العراق.
ولنقلها بصراحة على سبيل المثال.. اليوم لا يستطيع الجيش العراقي الاتحادي من الدخول او التحرك في كردستان الا بموافقة البرلمان الكردستاني او حكومة الاقليم او من قبل اصحاب القرار هناك!! وبالتالي كان لابد على جميع الحكومات العراقية المتعاقبة التعامل مع تلك العقبات وفق الدستور.. وحكومة الكاظمي امام هذه الثغرات الدستورية وغيرها الكثير ممن تعيق عمل الحكومة وتعطل الكثير من برامجها الشاملة لاعادة بناء العراق على جميع الصعد بشكل متماسك متضامن متحد، بل ان هذه الثغرات حققت مراكز قوى فاعلة و مؤثرة على العملية السياسية والبناء والاعمار والاستثمار ودعمت وضخمت افة الفساد وهي كوارث وقنابل امام حكومة الكاظمي وعليه ان يبذل جهود كبيرة من اجل القيام باصلاحات دستورية لرفع الحواجز من امام الحكومة الاتحادية لتتمكن من القيام بمهامها وتصريف اعمالها بما فيها الملفات الستراتيجية.

السياسة و الدعم الخارجي
ان الكثير من مشاكل السياسة والسياسيين في العراق، تستند الى الدعم والتدخلات الخارجية سواء كان هذا الدعم والتدخل اقليمي او دولي، لان مثل هذه التدخلات و الارتباطات اساس خراب الاوضاع في العراق واختراق سيادته، ولا مجال لتغير هذه المعادلة الا من خلال استيعاب الاحداث الوطنية والاقليمية من اجل تغيرها لانها تنعكس بالضرورة على اداء الحكومة، وان تغير هذا الواقع من الصعوبة بمكان ان تتحمله جهة بعينها.. والحال هنا ينطبق على الكاظمي، اذ انه لايتحمل مسؤولية هذا التغير لوحده، بل يتحمله جميع القادة والسياسيين وكتلهم لان مسؤولية العراق وشعبه مسؤولية تضامنية وطنيه، و خاصة السياسية منها ليتمكن الكاظمي من فتح ابواب ونوافذ جديدة فاعلة وعملية ومقبولة من اجل التغيير.
دول الجوار الاقليمي معنية بأوضاع العراق، وهذا الامر لابد من استثماره لتحقيق استقرار البلاد، ولما يتمتع به الكاظمي من امكانيات وعلاقات ودية مع هذا المحيط الاقليمي ، سيكون له القدرة الايجابية على التفاوض مع الدول وتحقيق نتائج طيبه لصالح الطرفين وبخاصة السعودية، وهو( الكاظمي) صاحب خارطة الطريق في تحقيق الانفتاح بين العراق والسعودية وعودة العلاقات الدبلوماسية بين الدولتيين وتبادل السفراء بعد استلامه رئاسة جهاز المخابرات العام 2016 والكاظمي يدرك رغبة العراقيين في مد جسور التعاون مع جميع دول الجوار الاقليمي وخاصة دول الخليج و تقع عليه مهمة كبيرة في تطبيع العلاقات معها واعادتها بشكل اكثر مما هي عليه الان عبراحترام ودعم استقلال القرار السياسي العراقي واحترام سيادته وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، وعلى جميع دول الجوار الاقليمي احترام رغبات الشعب العراقي في تحقيق سيادته واستقلاله والكل يعرف دور واهمية العراق في دعم استقرار وامان المنطقة .

للثقافة مسؤولية.. وللاعلام دور

يرتبط كل شيئ بالثقافة ولا منجز بدونها، فالثقافة ليست ترف ولا تقتصر على الشعراء والادباء والكتاب والفنانين فالبناء الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الناجح والمتميز أسسه ثقافية وهي عماده وهذا يعني إن لكل مفصل وجانب من جوانب الحياة ولكل نشاط وتميز وإبداع ولكل خصوصية ثقافتها ومن هذا المنطلق تعتبر الثقافة القاعدة الأساسية للانطلاق من المساحات الصغيرة إلى المساحات الأكبر والأوسع مثل المساحات السياسة والاقتصادية وبناء المجتمع والدولة و يتوجب على جميع سلطات الدولة والحكومة بشكل خاص الاهتمام بالثقافة والاداب والفنون كونها تشكل القاعدة الثابتة والبيئة الواسعة الكبيرة والعريضة التي تدخل في كل شيء ويتوقف عليها كل شيء في كافة الاختصاصات فبناء الدولة والمجتمع والنهوض بتطوير الزراعة والصناعة والاقتصاد يعتمد على الثقافة وأنواعها التي تناسب كل الاختصاصات و لا يمكن الفصل بين النهضة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والقيمية لذا تعتبر الثقافة من أولويات عوامل الاصلاح التغير و النجاح ومن مهام الحكومة تجاه مواطنيها.
لذا بات لزاما ان يلم ويتمتع المعنيين بإدارة ألدولة والحكم وتصريف المهام السياسة وألاقتصادية والاجتماعية، بالثقافة المهنية المطلوبة، واقصد هنا الثقافة الخاصة وبخلاف ذلك سوف يفشلون في أدائهم مهامهم ومسؤولياتهم وفشلهم هذا يكلف ألدولة والمجتمع خسائر كبيرة لان غياب الثقافة لدى المسئولين أو ضعفها يؤدي إلى تخلخل الفعل المتحقق في الإنتاجية الزراعية والصناعية والاقتصادية وكذالك في المفاصل السياسية والقيادية والإدارية وبالتالي ينسحب الخلل ويصيب المجتمع بشكل عام و وينعكس على التعاون بين إفراده لان توازن سلوكيات الناس يتم ويتبلور من خلال دور الثقافة ونوعيتها، فثقافة الحفاظ على المال العام واحترام حقوق الإنسان ثقافة مهمة وخاصة بهذا المجال لذي نجد عندما يكون خلل في التكافل الاجتماعي والتعاون بين إفراد المجتمع يعني بالضرورة هناك خلل وجزء كبير من أسباب هذا الخلل ضعف في أسس وقواعد الثقافة، وكذلك فشعور القائد والمسؤول بمعاناة مواطنيه والحضور بينهم ميدانيا للتعرف على أحوالهم ومطالبهم واحتياجاتهم يرتبط بمدى ثقافة المسؤول ، ومن هنا نتمنى العودة لأشاعة وتجذير الثقافة في المجتمع والنهوض باعادة الدور الحقيقي لوزارة الثقافة والاهتمام بشبكة الاعلام العراقي، اذ هما المفصلين الاساسيين لبث الخطط الثقافية التي تقدم من قبل الاعلام العام والخاص.
ولايمكن ان ننسى ان الكاظمي هو ابن مهنة الاعلام، وابن المهنة يعرف الكثير من اسرار مهنته ودورها وتاثيرها وكيفية تطوير صناعتها وجعلها مطاوعة لتكون ممر ساند لمشاريع الحكومة واداة فاعلة لتسهيل تصريف البرنامج الحكومي .
اصبح الاعلام اليوم لاعبا اساسيا في حياة الشعوب والمجتمعات بل هيمن واتسع تاثيره في حياة الناس الاقتصادية والاجتماعية والسياسية واثر في بيئتهم الثقافية والوطنية واصبح فعله كبيرا و مؤثرا في التوعية ومواجهة الازمات، خاصة الامنية منها… اذا الاعلام صاحب الدور المهم في عمليات البناء والتنظيم المتكامل في سلطات الدولة ومؤسساتها و في جميع اختصاصاتها وصنوفها و تحقيق برامجها واهدافها ومشاريعها.
ان التركيز على مهام وامكانيات وقدرات الاعلام العراقي العام المثمثل بشبكة الاعلام العراقي ومعالجة مناطق الضعف وابراز مكامن القوة والتحديات التي يواجهها غاية في الاهمية الان، كونه عضيد الدولة الاول والاهم والقاسم المشترك بين جميع مؤسساتها والمطلوب العناية والاهتمام باعلام الدولة والمجتمع وافساح المجال امامه ليحتل المساحات الواسعة بصفته الشريك الحقيقي للدولة في ادارة الازمات وتعبئة الناس لدعم واسناد مشاريع الدولة، وهو(الاعلام العام) بامس الحاجة الى التفاتة رئيس مجلس الوزراء لغرض انتشال شبكة الاعلام العراق من واقعها الحالي بسبب ما تعانيه من العديد من المشاكل والتحديات وبمختلف الاتجاهات وفي مقدمتها ازماتها المالية التي انعكست على ادائها.. والكاظمي يعرف قوة الاعلام وسلطته الحقيقية التي لا تقل عن قوة السلاح عند حدوث الازمات خاصة السياسية والامنية والقدرة على ادارتها ومؤازرة الدولة والعمل معها بخط شروع واحد في الترويج لمشاريعها الصناعية والزراعية والاستثمارية والسياحيه وتطوير القطاع الخاص والعام والمختلط، ويتم ذلك من خلال دور الاعلام في بناء راي عام ناضج بمقدوره ان يتبنى مشاريع الدولة ويساهم في نجاحاتها.