خص الله نفسه بفعل الكتابة وخص خلقه بفعل القراءة، فالذي كتب القران والشيفرة الوراثية ورسم خارطة الكون جسيما جسيما وذرة ذرة وجزيء جزيء يقول (سنكتب ماقدموا واثارهم ) و (كراما كاتبين) و( سنكتب ماقالوا) و(كتبنا في الزبور من بعد الذكر) فيما خاطب خلقه بكلمة (اقرأ) و (قل).
الكتابة بهذا صفة الهية والقراءة صفة بشرية
الكاتب غير القاريء في الرسالة والمسؤولية وطبيعة الشعور فالكتابة خلق والقراءة انخلاق لذلك نجد الكاتب يجهد ويعاني ويتعذب ويقضي عمره خائفا مطاردا وربما معزولا ووحيدا وهو يكتب منتصب البدن متوتر الذهن مشدود الاعصاب فيما القاريء ربما تمدد على فراشه الوثير او جلس على طنفسته مسترخيا
يقضم الطعام او يعب الشراب وهو يقرأ دون ان تسبب له القراءة اي شعور بالمسؤولية.
كان ولايزال الحساب والعقاب يقع على الكاتب لذلك هناك لائحة طويلة بكتاب سجنوا وعذبوا وقتلوا وتشردوا فيما لم نسمع بقاريء حكم عليه بعقوبة الموت لانه قرأ مكتوبا.
على الدوام نجد ان الكاتب مقتولا فيما القاريء قاتلا، اي ان هناك استعداد نفسي مسبق لدى القاريء على القيام بالقتل اما الكاتب فلا يعتور روحه هذا الخلل.
ان من صفات الكاتب في عمله وليس حياته الشخصية ان لايكون له دين او اخلاق او قومية او وطن او شرف فهناك اناس غير شرفاء يفترض ان تصلهم
كتابته ولا ان يكون له منزلة اجتماعية لان هناك اناس مسحوقين يقعون في اسفل السلم يجب ان ينزل اليهم بكتابته ليمثلهم.
ومن صفات الكاتب ان لايرى نفسه فوق الطبيعة فهو على درجة سواء مع اي مخلوق من وحيدات الخلية الى الثدييات العليا وعليه عندما تسمع بكاتب ينزعج عندما يوصف بانه حمار او قرد او كلب فقل هذا شيخ عشيرة او رئيس حزب اوقائد جماعة لا انه من الكتاب.
ومن لوازم الكتابة ان لايكون للكاتب اصدقاء او اعداء وان لايحب او يكره ولا يضمر ولايحقد ولايغضب ولا يرضى انه حالة من التوازن تصل الى انعدام الذات فان كان للكاتب ذاته وذاتيته صار طرفا بلعبة الحياة بينما هو خارجها.
ان حياة الكاتب منفصلة عن كتابته فليس كل مايكتبه الكاتب يجب ان ياخذ به هو نفسه والا كان على الخباز ان ياكل خبزه والنجار ان يضع كل الابواب في بيته ان الكاتب هنا مثل الحمال الذي يحمل اثقال الاخرين ويوصلها الى بيوتهم.
يفترض ان لايحصل الكاتب على اي اجر ولا يحقق اي منفعة مادية او معنوية وان تكون الكتابة عملية خسارة متواصلة له في قوى البدن والمال والسمعة.
ان الذين يضعون صورهم مع كتاباتهم انما يريدون ايصال صورهم الى الناس وكم هو عظيم الله الذي خلق الورد والاطفال والماء والتراب والنخل والبر واخفى صورته.
القاريء يريد الكاتب مكنسة له يوجهها اينما توجد مكنوسات لذلك تسمع صراخ القاريء يتعالى اذا ابتعد الكاتب عن تمثيل مصالحه الشخصية ونزعاته ورغباته.
حماية الحياة من الفساد هي جوهر عمل الكاتب وقد يختار طرقا يراها الاخرون غير شريفه تماما مثل الذي يضع الخميرة في اللبن وهي ليس سوى بكتريا كي ينتج الزبد.
من ظواهر الكتابة والقراءة في الشرق هو ان القراء لايدفعون للكتاب بل يقرؤون مجانا مع ذلك يفتشون في جيوب الكتاب عن السرقات والرشى.
لايفكر القارئ اي قارئ كيف يمكن ان يعيش هذا الكاتب وليجرب اي كاتب ان يطلب دينارا من كل قارئ وليرى كيف سينفض عنه الجميع كانه جلد اجرب.
القراء في الشرق على استعداد لدفع ثمن المراحيض ولو على مضض لكنهم من المستحيل ان يدفعوا فلسا لكاتب لذلك ترى عمليات النهب على شبكة الانترنت للكتب حيث تنزل مجانا.
لقد فاتك ان اعظم مكتوب هو القران ووضعت احاديث هائلة للترغيب بقراءته ومع ذلك لايتذكره الشرقيون الا في مجالس العزاء او حينما يصابون بمرض يقربهم من الموت.
ادعاء النزاهة وتصنع الشرف ونفي التهم كلها، يعد ربما نوعا من المنفعة الشخصية لذلك لن نقترب من هذا الباب.
من حقوق القاريء على الكاتب حق الرد وعليه نقول ان هذا الموقع اخطأ بحق قراءه عندما اغلق خدمة تعليقات الفيسبوك بعذر عدم لياقتها.
في جسم الانسان تسع فتحات العين التي يرى فيها يخرج منها القذى المالح والانف الذي يشم به الهواء يخرج منه المخاط الحامض والفم الذي ياكل به فيه ٢٥ نوعا من البكتريا التي تجيفه ويخرج منه اللعاب القلوي وكذلك محل التكاثر ومحل الافراغ وجهاز السمع والمليارات من مسامات الجلد التي يخرج منها العرق فلماذا يؤاخذ القاريء بكلمة شتيمة او فاحشة تنقرها اصابعه على الكيبورد؟
الكلام كله من حق البشر اذا كان خاليا من الدعوة للعنف.
دعه يفرز…دعه يعلق.