كلنا فاسدون فكريا وفلسفيا نحن معشر الشعراء والكتاب ….. قراءة في نص الكاتب المغربي بن يحيى علي عزاوي
قرأت منذ زمن مقالا بعنوان ( كلمات الصمت ) للكاتب والفنان التشكيلي اللبناني امين الباشا في مجلة العربي الكويتي انبهرت حينها بسطور تختصر المسافات بين العقل والمشاعر والاحاسيس وتعلقت اصداء ذاكرتي بكل كلمة كتبت فيه بل اعلنت عشقي لها وطبعتها بحجم كبير واشتريت اطارا وجعلت من هذا المقال لوحة تشكيلية معلقة على احدى جدران بيتي بجانب لوحاتي السريالية التي ارسمها واصنعها من بضع مواد جامدة واعتبرت هذا المقال دستورعقلي وشريعة مشاعري واحاسيس التي تسير وفق نهج العواطف بعيدا عن الواقع الذي تعيشها الحضارة …..
لذا كلما شعرت ان قلمي بحاجة للدفء والثورة اتوجه نحو هذا الجدار واقف منتصب القامة لكي اقرأ هذا المقال من جديد الى ان حفظتها حتى علامات الاستفهام والتعجب لم اتجاوزها بل وقفت امامها طويلا لكي احللها وافسرها …..
فأنا كشاعر وقاص وكاتب وفنان تشكيلي مهما كتبت من الشعر ومهما سردت مغامراتي مع الانثى في قصص قصيرة ومهما كتبت مقالات فكرية وفلسفية وثورية واجتماعية ومهما رسمت يبقى كل هذا ملكا للقارىء هو الوحيد القادر على ابداء اعجابه بما اكتب فأنا مهمتي تبدأ عندما اكتب لكنني لا استطيع ان اقيم كتاباتي ونصوصي ولا استطيع ان ابرز موهبتي النرجسية في اعطاء صبغة مثالية ومتميزة لكتاباتي فالقارىء هو غايتي وهدفي فما يهمني هو ان ادخل الى ذاكرته وعقله وقلبه …..
حتى وانا كنت معجبا بما اكتب فأنا لا استطيع ان اقولها او ان اكتبها حينها سأفقد مصداقيتي كمبدع في عقول القراء لكنني احتفظ بأعجابي داخل شخصية المبدع التي اتقمصها احتراما وتقديرا لمن يقرأ كتاباتي …..
لذا اليوم وقعت عيني صدفة على مقال للكاتب المغربي بن يحيى علي عزاوي بعنوان ( متى ؟وكيف؟واين ؟ولماذا؟ ) هنا استوقفني عنوان المقال لأنني شاهدت فيه جملة من التساؤلات تبحث عن الاجابات فقررت قرأته ونسيت نفسي الى ان اكملت القراءة فعدت مجددا لقراءته الى ان فقدت الوعي الفكري فأجهشت مشاعري واحاسيس بالصمت وفي لحظة بعيدة عن الغرور والكبرياء اعلنت الوجع امام سطور كلماته وحروفه وقلت لنفسي هذا ما ابحث عنه كاتب متميز له قلم متميز ويكتب بتميز فقررت ان اطبع هذا المقال ايضا وان اشتري له اطاره واعلقه بجانب مقال الكاتب والفنان التشكيلي امين الباشا ( كلمات الصمت ) على الجدار ذاته لكي اعلن مجددا ولائي لدستور وشريعة العقل والمشاعر والاحاسيس …..
بن يحيى علي عزاوي يتكلم في مقاله عن اشياء غامضة نحن الشعراء والكتاب نعرفها لكننا نأبى الاعتراف بها فهو يلقب من يعيش في العالم الثالث والشعراء والكتاب جزءا منهم بالانعام وهذه صفة نحن نستحقها لأننا مغرورون كروشنا ممتلئة بالكبرياء نكتب نتغزل نصف نتملق نزايد ونمدح ونرثي لكن بفكر جاهل متعفن وفلسفة نحن اوجدنا معادلة لها وبالتالي حللنا وفسرنا واتضح لي في نهاية الامر اننا معشر الكتاب والشعراء لم نتجاوز نقطة الصفر وسنبقى هكذا لقرون قادمة وستمضي الاجيال تلو الاجيال والجهل والتخلف هو سمة الحضارة والثورة والعشق التي نكتب عنها …..
بن يحيى قال اشياء رائعة وكتبها بأتقان شديد فهو يروي المأساة التي نعيشها لكن بأسلوبه الجميل الذي يفضح عقولنا نحن معشر الشعراء والكتاب وينشر غسيلنا الوسخ امامنا لكي نتعلم لكن هل سنتعلم يوما ما …..
فأقلامنا فاسدة وعقولنا فاسدة ونحن شعراء وكتاب فاسدون وانا اولهم لكنني لست اخرهم فالقئمة طويلة وانا لا استثني احدنا واذا ما كنت واقفا على منبر امام معشر الشعراء والكتاب سأقولها علانية وبشكل مباشر لأننا نفكر بطريقة غريبة ونكتب بطريقة قبيحة فريدة من نوعها فنحن نفكر ونكتب تحت اسفل كروشنا بضع سنتيمترات وصولا الى عقولنا على عكس الانسان الغربي الذي يكتب ويفكر بعقله وصولا الى عضوه الذكري …..
لذا سأوجه سؤالا لمعشر الشعراء والكتاب ماذا قدمنا للفكر والفلسفة والحضارة وماذ صنعنا بأستثناء الجنس والضحك على ذقون البسطاء والفقراء بكتاباتنا ونصوصنا الادبية …..
فالشعر وسيلة نحن نمارس الرذيلة من خلاله نعاشر العاهرات ونتغزل بنهودهن
نضحك على الانثى ونقول عنها انك جميلة وناعمة وتستحقين العلامة الكاملة لأنك كل المجتمع بينما نحن لا نعترف عندما تطلب حقوقها ومساواتها مع الرجل حينها نكتب ونتملق ونزيح الركام عن حقدنا وكراهيتنا للانثى ولما لا فنحن نمثل شخصية الرجولة …..
بن يحيى علي العزاوي اثار قضية هامة وشائكة وهي العلاقة ما بين العقل والانسان التي هي في مجتمعنا الشرقي مفقودة وفي السطر ذاته يعيد سرد معاني الجهل والتخلف فينا فنحن قوم الشعراء والكتاب اسياد في فن الغرور ونملك في شخصياتنا علامات تدل على مرض اسمه داء العظمة الذي استأصل كل القيم والمفاهيم الثورية والانسانية التي كنا نمتلكها في احلامنا وقهقهات ضحكاتنا التي لا تمت بواقع الازمة التي تعيشها الانسانية فهنالك تضخم فكري وانكماش روحي في عقولنا وهذه حقيقة يجب الاعتراف بها نحن معشر الانعام الذين يسموننا بالشعراء والكتاب لكن هل سترضي طموحاتنا وغاياتنا التي تعشق الافتراس والصيد في الماء العكر بكتاباتنا ونصوصنا …..
فدائما اقول ان الشعر بدايته نزار قباني ونهايته نزار قباني اذن فليصمت الشعراء لكنني تعبت من البحث عن كاتب سطوره هي البداية وهي النهاية لكي استرد ما ضاع مني فكريا وفلسفيا فأحاول ان اصنع لنفسي قلما يحترم عقلي قبل ان يحترم عقل معجباتي لذا النصوص الفكرية التي تشبه معالمها خيوط العقل يجب ان تختزل الحالة الهيستيرية الشيزوفرينية التي وصلت لها اقلامنا والكاتب المغربي بن يحيى علي عزاوي اضاف المزيد من الزيت على النار بمقاله الذي استفزني اغضبني افرحني جعلني اجهش بالصراخ فمقال هذا الكاتب المغربي المتميز بنيحيى علي عزاوي رائع بكل المقاييس بل يجسد روعة الابداع الفكري في سطور قصيرة تحكي عن الالم الوجع والارهاق والتعب في عقولنا فهو يحاول ان يخلق فجوة لكي تكبح جماح العقل وهو يدنو من حافة الجنون لكي يعيد ترتيب اروقته من جديد ولكي اكون صريحا فلقد نجح الكاتب في ايصال هذه الرسالة الملحمية الاسطورية الى عقلي واصابتني حالة من الاثارة الفكرية لكي اعلن انتمائي لجموع الانعام فهو يجسد تفاصيل واقع الانسان والحضارة بدقة شديدة ويحاول ان يصنع لغة للحوار بينه وبين احد الحكماء لكي يضفي طابعا من الميلودراما على هذا النص المتميز الذي يجمع ما بين الشعر والقصة والمقالة ويذكرني بكتابات الشاعر والاديب السوري محمد الماغوط والمفكر السوري صادق جلال العظم في رائعته ما بعد ذهنية التحريم التي ما زلت اقرأها بعدما انتهيت من قرأتها مرارا وتكرارا ومؤلفات العلامة والبحارة المفكر والفيلسوف العالمي الدكتور علي الوردي فهؤلاء يعتبرون اساتذة في فن الكتابة ولهم من فصاحة اللغة وذكاء التعبير ونقاء التفسير والتحليل ما يضاهي عقل الانسان الواعي المدرك لحقيقة المنطق الذي بنيت على اساسه معظم المدارس الفكرية والفلسفية لذا فمقال الكاتب المغربي بنيحيى علي عزاوي له ايضا مدرسة فكرية علما انه لا يوجد ترابط ما بين كتابات هؤلاء ونص الكاتب لكن من الناحية الفنية هنالك تشابه اي الكتابة بطريقة تركز على اهمية التواصل ما بين العقل والانسان …..
هنا حاولت التغلغل داخل اعماق نصه لكنني فوجئت بمعاني ذات قيمة لها وجود خفي خلف الكواليس حيث ان رؤيته المتفتحة نحو ثقافة الاخر قد رصدت حالة الغضب والانفعال والانشطار الفكري داخل عقله مما جعله يخاطب الكل اي الشعراء والكتاب الذين هم جزءا لا يتجزأ من ثقافة العالم الثالث وهذا دليل واضح وصريح على صدق المعاني في سطور المقال فهو يتبرأ من غرور وكبرياء شخصية الكاتب في الوقت الذي نحن كمبدعين نتواصل مع القلم والورق الابيض بطريقة منفردة سادية نرجسية نخاطب بها الجزء الخفي في عقولنا لكي نصل الى مرحلة الشعور بالانتماء الى العظمة التي نصنعها تلقائيا بخليط متجانس من بقايا الحضارة الشرقية وفوضى يومياتنا …..
هنا لو دونت ملاحظاتي على المقال فيمكن اعتبار هذا النص ثائرا يستوفي كل الشروط والقوانين لكي ينقل ملامح رؤية فلسفية بحتة لعقل الانسان فهو نص رجولي انثوي نقي يصف مجمل الاحداث المؤلمة التي يعيشها الانسان في الواقع الحالي …..
من خلال قراءتي لنص المقال لمرات عديدة وصلت الى النقاط الاتية …..
1- هنالك معاني ثورية تقابلها في الجهة الاخرى معاني انسانية لا تخلو من دسم المشاعر والاحاسيس .
2- المقال ينقل صورة مؤلمة لواقع الانسان الفاقد لشرعية العقل لكن في ذات الوقت يركز على اهمية اعادة هيكلة شخصيته الفكرية والفلسفية من جديد .
3- هنالك مساحة واسعة في النص تدعو الى اثارة اخطاء العقل وبالتالي تحويلها الى معرفة تعيد دفة القيادة للعقل ذاته.
4- النص يعتبر كشف للمستور اي بمعنى ان الكاتب هنا يتكلم بصفته الانسانية وليس بصفته الابداعية وهذه الصفة بعيدة كل البعد عنا نحن الشعراء والكتاب فنحن نكتب بشخصيتنا الابداعية وننسى الانسانية في دهاليز سطورنا .
5- هنالك ملحمة انسانية ذات ابعاد ثورية تسكن احشاء النص .
6- هنالك تسلسل زمني لواقع الاحداث في لب المقال فهو يبدأ من معاني الكبرياء والغرور مرورا بمعاناة المرأة والرجل وصولا الى ثورة العقل .
فنص( متى ؟وكيف؟واين ؟ولماذا؟ ) محاولة جادة لرسم طريق جديد لفن كتابة المقال الفكري الفلسفي ويحلل ويفسر الكثير من الظواهر المتشعبة في علاقة العقل والانسان …..
انه نص في غاية السحر والروعة انصح بقرأته مرارا وتكرارا فهو يستحق منا نحن معشر الانعام الشعراء والكتاب ان نبحث فيه عن هويتنا الضائعة لأننا نسينا موهبتنا الحقيقة الا وهي العقل واتجهت اقلامنا نحو حافة الغرور والكبرياء بل تجاوزناها …..
انا اقف امام هذا النص بصمت لذا يشرفني ان اعيد نشره من جديد ضمن مقالي هذا لكي يقرأ اكبر عدد ممكن من القراء والشعراء والكتاب فبهذا اكون قد اعدت قيمة فركية وفلسفية للعقل بعيدا عن الانانية والنرجسية والسادية التي تسكن نصوصنا وكتاباتنا …..
متى؟ وكيف؟وأين؟ ولماذا؟
بقلم الكاتب المغربي ….. بنيحيى علي عزاوي
اكتشفت أن موقعكم الحداثي يستحق الاهتمام والتقدير لأن رواده يتتبعون ما يفيد لطاقة العقل وحتى للقلب المستبصر هو بحاجة ماسة إلى الحنان والهيام الروحاني الذي يرفرف بأجنحته على الأرواح المؤتلفة المتناظرة ويتنافر مع الأرواح المختلفة المتنكرة،/ سنّة الله في خلقه/…عنوان المقال يبدو في الوهلة الأولى غريبا لكن مضمونه زاهي التساؤلات ما عليكم إلا ان تساهموا في تفيك آيته المثلى التي تتمثل في السؤال المعرفي والتساؤل المسكوت عنه في مجتمعاتنا البهيمية الصماء.
عالمنا نحن معشر “الأنعام” في البلدان المتخلفة/الجنوب/ مغرور غرور الغُرور وبشكل عجائبي””الغرور” مرقوم في ناصيتنا ومنحوت في حركاتنا وسلوكياتنا…..نحن معشر “الأنعام” المغررين بالثقافة الشعبوية والكتب الصفراء التي عطلت ميكانيزمات عقولنا حتى أصبحنا في أسفل السافلين نعيش ماضيا ونستند على كل قوانيننا وحججنا بعبر ومستند الأولين رغم أنهم رجال ونحن رجال..كما قال زمانا الحكيم أبو حنيفة النعمان..ثم جاء بعده حكماء فمنهم من مات موتة مظلومة ومنهم من هجر ومنهم من أصابه الصرع ومنهم استكن واستحيى لأن ثقافته طوباوية مسكونة بالجنون يعيش تناقضا وصراعا جدليا ما بين مطرقة العرفان وسندان الروحانيات لهذا حلل “الحياء” فوجده من صنيعة العقل وليس له صلة بالأخلاقيات ..فكر بحياء مستحيي من غرور المغرورين /الحكيم/..وقال:عندما يسافر أحدنا وراء البحار يدافع بشكل انفعالي وصياحا يدوي طبلة الأذن لمحاوره ثم يتشبث على أننا أحسن وأخير أمة أخرجت للناس ناسيا متناسيا المسكوت عنه من فضائحنا ابتداء حزام العفة وهتك عرض المحارم ولا تسأل على الحنث العظيم في كل تصرف أناني عجيب..عموما لنستبصر جيدا في تصرفاتنا وأخلاقنا وسلوكياتنا وتفكيرنا “الشوفيني” الذي لا يقبل الإنسان الآخر …لماذا؟ ما السبب ؟ هل هو التخلف الفكري فقط، …؟أم الثقافة والتربية التي ورثناها عن ماضينا المريض ؟ هل النخبة المثقفة المغرورة التي تستحم بماء من غسلين وتأكل من شجرة يقطين ظاعنة على أنها تقضي على رؤوس الشياطين ؟؟ هنا انتحب الحكيم حتى جفت عيونه من الدموع واحمرت جفونه فلبس نظارات زرقاء فأصبحت له عيونا مرتبطة بعيون القلب والعقل معا!!! ؟كتب الحكيم في مذكرته من جديد تاريخا إنسانيا نظيفا مستندا على الحفريات في مجال علوم اللغة وعلم التاريخ ثم حيّد من التاريخ “الماضويِّ المريض”كل عناصر النفاق و التبجيل المبجل للدكتاتوريين وأنصف شهداء الكلمة الحق المبين وأخيرا عرى الأفكار المحنطة التي حكمت الشعوب بالحديد والنار واستعبدتهم ثم أفرغتهم من شحنة إنسانيتهم بالخصية/خصي العبيد/ حتى يرغمونهم غلمان..وحزام العفة هو:) قفل للعضو التناسلي للمرأة) ثم ختان النساء بدون رحمة فحرمتهم من اللذة الكبرى التي أكرمها الواحد الأحد الرحيم الرحمن لبني البشر,ثم حيّد أساطير الجهلاء وأثبت بالعلم على أنها خدمة لسلطان الحكم –الشوفيني الديكتاتوري- المريض بنرجسية “الأنا”وحب الكرسي والغلمان والمال..!!!!!! فكر الحكيم وهو يكتب ولازال يكتب وان توفي سيترك وصية للأجيال “الاستشرافية” لإتمام مشروعه العقلاني..وقريبا سيعلن الحكيم للإنسانية جمعاء عن دواء شافي للعقل عل وعسى ينتفض الإنس والجان كالبركان لأن ساعة الإنسان الكوني قد اقتربت ودقت ساعته… لكن تساءل الحكيم من جديد: متى؟ وكيف؟ولماذا؟ وأين؟…لا زال الحكيم العاقل يسأل أهل العلم من نساء متنورات ورجال أحرار”كحنضلة” الباحث عن عشبة الذكاء.. ,وتنوير العقل العظيم.