المجتمعات المتحضرة تُخضِع مسؤوليها والقائمين على شؤون الحكم فيها لفحوصات صحية سنوية لتقرير قدراتهم البدنية والنفسية والعقلية اللازمة لتحمل المسؤولية , والقيام بواجبات الحكم بعافية وطنية وسلوكية تحقق مصالح البلاد والعباد.
والمجتمعات العربية في معظمها لا تمتلك هذه الآلية , فحالما يجلس الفرد على الكرسي يتم إخراجه من الواقع البشري وتجريده من آدميته , وإضفاء صفات ومسميات ذات معاني إلهية عليه , حتى يتحول إلى موجود مقدس لا ينطق إلا صحيحا ولا يقول إلا حقا.
وما هو إلا بشر بقضه ونفيضه , ويحتاج لمراقبة ومعاينة وعلاج وتوجيه وتصحيح وإلتزام بمعايير أخلاقية وسلوكية , ويكون تحت طائلة القانون والمحاسبة والمساءلة والتقويم.
وقد لعب هذا الإغفال المروع للحالة الصحية البدنية والعقلية والنفسية للمسؤولين دورا خطيرا في التداعيات والتفاعلات الخسرانية الفادحة الأضرار.
فالعديد من المسؤولين والحكام من المصابين بأمراض بدنية ونفسية وعقلية وإنحرافات سلوكية , تم تمجيدهم وتعظيم ما يقومون به حتى إنتهى حال الأمة إلى ما هو عليه اليوم.
ولايزال عدد من المسؤولين بحاجة لتقييم نفسي وعقلي وبدني , لكنهم يستحوذون على السلطة , فيبتزهم الذين من حولهم والمستفيدين من وجودهم.
والتأريخ العربي يحدثنا عن عدد من الخلفاء والسلاطين من ذوي العاهات البدنية والنفسية والعقلية ممن فعلوا ما فعلوه في الأمة فتسببوا لها بالويلات القاسيات.
والقرن العشرون أوجد عدد منهم دمروا بلدانهم وهجّروا شعوبهم , وإنتهوا في حضيض الخسران والذلة والهوان , ولهذا يبدو من الضرورات الملحة أن يَخضع ذوي الكراسي للتقييم النفسي والعقلي والسلوكي.
وما يبرر هذا الإقتراح أن السلوكيات الظاهرة والمعبر عنها بالخطابات والقرارات , تؤكد على عاهات نفسية وسلوكية بل وعقلية تستدعي التقييم والنظر والقرار الحصيف.
ولا يمكن تفسير ما جرى لأمة العرب إلا بسبب العاهات النفسية والسلوكية للمسؤولين والحكام التي أبتليت بهم مجتمعاتهم!!