معياران أساسيان بموجبهما تتحدد المعاني الصحيحة لأي نظام حكم مهما كان نوعه وطبيعته, فإذا فُقدت قيمة الإنسان فقد نظام الحكم قيمته , وإذا إنتقت القيادة الصالحة فأن وجوده سيكون وبالا على الناس.
والأمثلة في مسيرة البشرية متراكمة , وأوضحها ما جرى في أوربا في النصف الأول من القرن العشرين,
حيث أوجدت الأنظمة الديمقراطية في بلدين نظامَي حكم جرّعا الدنيا الأهوال.
وما تقدم يأخذنا إلى النظر في جوهر وطبيعة سلوك نظام الحكم.
فالقول بأن نظام الحكم ديمقراطي لا يعني أنه نظام جيد , والقول بأنه نظام دكتاتوري أو فردي أو إستبدادي لا يعني بالضرورة أنه نظام سيئ وفاسد , ذلك أن تقييم نظام الحكم يجب أن يكون مرهونا بصلاح القيادة وصيانة قيمة الإنسان وإحترام كرامته وحقوقه.
فلا يمكن القول بأن نظام الحكم في الصين غير صالح , وقيادته التي تتدبر شؤون مليار ونصف إنسان ولا تجد فيهم جائعا أو متشردا , إنه نظام غير ديمقراطي وفاسد كما نتوهم ونرى.
وفي مجتمعاتنا هناك أنظمة تسمي نفسها ديمقراطية , وقد أوصلت بلدانها إلى حضيض الفساد والإفساد , وإنتفت فيها القيادات الصالحة للحياة الحرة الكريمة.
أما عن قيمة الإنسان فحدّث ولا حرج.
من هنا لا بد أن نكتسب الموضوعية والعملية في تقييم أية تجربة حكم أو مسؤولية في الحياة.
فأي مسؤول مهما كان نوعه أو درجته علينا أن نقيمه بما يقدمه من إنجازات ذات إتصال بمعاني القيادة الصالحة وقيمة الإنسان , وما عدا ذلك يكون الإقتراب من هذه الموضوعات مليئا بالأضاليل والأكاذيب والإبتزاز والتحايل والمراءات.
ومما تعاني منه مجتمعاتنا هو إغفال قيمة الإنسان وكرامته وحقوقه في الحياة , والتركيز على تلميع صورة المصادرين لحقوقه الإنسانية , وعدم الإكتراث لمعاناته ومقاساته اليومية وتدمير حاضره ومستقبله.
ويأتيك مَن يقول بأن النظام الفلاني ديمقراطي ولولا هذا لما تمكنا من الكتابة بحرية , ويتناسون أن العصر هو غير ما كان عليه قبل بضعة عقود , وأن الدنيا قد صارت حالة واحدة رغم إرادة الجائرين المتاجرين بالبشر والدين.
فهل سترعوي الأفهام وتستفيق من التضليل والأوهام؟!!