عُرّفت القيادة بانها ((القدرة على التأثير وتحفيز الأفراد للقيام بأمر ما يوصل لتحقيق الأهداف)) بغض النظر عن نوع الأهداف المراد تحقيقها سواء كانت أهداف سياسية او اجتماعية او اقتصادية او دينية وكلما حظي المجتمع بقائد او قادة قادرون على تحفيز اتباعهم لتحقيق الأهداف المرجوة كلما كان المجتمع اكثر استقرارا ورفاهية خاصة اذا كانت القيادات تتمتع بحس عالي ورؤية إستراتيجية عميقة لما يدور حولها من الأحداث وقدرة على صياغة أوامر وإرشادات تناسب المرحلة , في ظل مجتمعاتنا التي تنتمي الى العالم الثالث او ما يسمى البلدان النامية فاننا بحاجة الى القيادة اكثر من الدول الغربية والأوربية كون هذه الدول قطعت شوطا كبيرا وخلقت لها نظام مؤسساتي لم يكن القائد فيه الا منفذ وحارس لمصالح المجتمع اما في بلداننا التي تفتقر الى نظام قائم على المؤسسات فان القائد هو المؤسسة بحد ذاتها ؟ وهنا تحصل مشكلة كبيرة وعويصة قد تتسبب بهلاك المجتمع واضطرابه في حال كون القائد غير ناضج وغير واعي لما يدور من حوله ,,القائد في البلدان النامية خصوصا يجب ان يتمتع بكاريزما من نوع يستهوي الأتباع كنبرة الصوت والإطلالة والقدرة على التأثير في الخطاب والقيام بحركات ومواقف تربط الجمهور عاطفيا وتحرك مشاعرهم نحوه لتؤدلجهم بكل مواقفه وآراءه بغض النظر عن صحتها او سقمها وبغض النظر عن كون هذه الآراء تصب في خدمة المجتمع ام العكس, ففي ظل ارتباط المجتمع بالقادة والمنافسة التي تحصل بينهم للاستحواذ على جمهور موالي كبير تحصل صراعات بين القادة تنعكس بدورها على عدم استقرار المجتمع وحصول أزمات كبيرة تتسبب في تصدع المجتمع وإرباكه كنتيجة طبيعية لأي خلافات وانشقاقات داخل جسد المجتمع الواحد في اي بلد من البلدان,القيادة في العراق عادة ما تكون وراثية فلم نلاحظ شاب مثلا استطاع ان يكون قائدا بما يمتلك من مؤهلات فمثلا ليس لدينا قائد مثل السيد حسن نصر الله حيث لم يكن من اسره دينية ولم يكن ابوه مرجعا بل كان أبوه رجل بائع للفواكه والخضار حسب موسوعة (ويكبيديا)
اغلب القادة السياسيين والدينيين في العراق الذين أصبح لديهم أتباع كثيرون اليوم هو ليس استحقاقا ومؤهلات تميزهم بل لانهم ورثوا القيادة أو امتلكوا السلطة واستطاعوا من خلالها استخدام وسائل معينة لجذب وتعاطف الكثير معهم ,,اننا اليوم بأمس الحاجة الى قادة من رحم الشعب يمتلكون مؤهلات قادرة على قيادة المجتمع وترميم التصدع الكبير الذي لحقه بسبب طيش القيادات السياسية والدينية لأننا عاجزون عن بناء مؤسسات حكومية حقيقية تجعل الناس في غنى عن اتّباع القيادات وتضخيمها والتصفيق لها والاّ سنبقى مصداقا لعنوان كتاب المفكر عادل رؤوف (عراق بلا قيادة),فلا يمكن للمجتمع ان يتحرك الى الأمام وينهض بلا رأس سوى كان هذا الرأس مؤسساتي كما في الغرب او قائد حكيم كما في الدول النامية لذلك سنبقى نلف وندور حول أنفسنا في حال عدم استطاعة مجتمعنا إنجاب قيادة استثنائية لديها القدرة على الانصهار في المجتمع والتفاعل معه وجعله جزء منها كما هي جزء منه ولكن على المدى القريب لا يمكن ان نرى مثل هذه القيادة لعدة عوامل في مقدمتها ارتباط المجتمع بالمؤسسة الدينية وعدم الالتفاف حول قيادات من خارج المؤسسة عدا التفاف البعض حول بعض قيادات سياسية مصلحية تنشد المنفعة لنفسها ولحزبها ,,نحن بحاجة الى قائد يستطيع ان يجذب المثقف والجاهل من خلال صياغة خطاب واضح وصادق نابع من الايمان بالمبادئ الانسانية العليا التي تنشدها النفوس الحرة اينما وكيفما كانت , بانتظار مثل هذا القائد ستبقى عيوننا ترصد هبة السماء بعد ان عجزت أو ظنّت به ارض السواد !