تعد القيادة السامة إسلوبا من أساليب الفكر القيادي الاداري،التي ظهرت وانتشرت ممارستها في الكثير من منظمات الاعمال العالمية،رغم ان الفكر الاداري زخر بالنماذج القيادية الاخلاقية والتي ضمنت رقي ونمو منظمات الاعمال.
لقـد حظي النمط القيادي السام بإهتمام كبير من الكتاب والباحثين الاداريين لكونه يعد أحـد الجوانب(المظلمة للسلوك القيادي، وأحــد أبـــرز المقدمات لانتشار مجموعة من السلوكيات السلبية في مكـان العمل كـالتهكم التنظيمي وسلوكيات الانحراف التنظيمي) وايضا تحقيق(الصمت التنظيمي) .
والقيادة السامة Toxic Leadershipهي(نمط قيــــادي يفتقر إلى الاهتمام بالاخرين، ويتسم ســـلوك القائد بالانانية وتغليب المصـــلحة الشـــخصـــية على مصـــالح المرؤوســـين والمنظمة).
والقائد السام هو الذي(يتحمل مسؤولية منظمة او مجموعة من الأشخاص ،والذي يسيء إلى العلاقة بين القائد والمرؤوسين من خلال تركهم أو المنظمة في حالة أسوأ مما كانت عليه عندما وجدوها لأول مرة).
ولذلك عندما يوجد القائد السام ،توجد المنظمة المسمومة،وهي ُمنظمة(تتفشى فيها العديد من السلوكيات المختلة والهدامة، والاستغلالية والتعسفية دون وجود رادع حقيقي).
والسمية صفه تلتصق ببعض الاشخاص تحدد سلوكيتهم ونرجسيتهم،وقد ذكرت في القرآن الكريم هذه الصفة السلبية من خلال اشارته الى السموم ،حيث قال الحق:
{فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ} (٢٧) الطور.
{وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ، فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ} (41)(42)الواقعة.
ومثل هذه الايات الكريمات،تجسد الحالة السلوكية السمية التي يحملها بعض الافراد وفق مركب نقصهم.
فالسمومية سلوك بشري مشاع،بل هو أبشع شيء عند البشر والأسوء سلوكيا لمن يتحمل المسؤولية الادارية حيث يلجا اليه القادة الاداريين للتخلص ممن يعتقدون إنه عنيدهم في المنظمة. فالقائد الاداري اذا ماكانت نفسيته خبيثة وشريرة فهو يثير المشاكل لاسباب دنيوية وشخصية نفعية، يغلفون هذا الخبث وهذا الشر في اغلفته السميكة مما (يصعب على الكثير من الناس اختراق هذه الاغلفة السميكة ومعرفة الحقيقة)والاسباب التي تجعله ساما وظالما وغاشما.
والقيادة الادارية السامة تشكل مثلث مترابط الاضلاع،وكل ضلع يعبر عن صفة خاصة مثل:
1-القادة الذين لايرون عدم كفائتهم.
2-القادة غير الآمنون الذين يشعرون بالتهديد من نجاح الاخرين.
3- القادة الذين يملكون هاجس المشاكل.
والقائد السام يحمل من السلوكيات السلبية والقاسية،وهم بهذه السلوكيات(يسيئون استخدام مناصبهم في السلطة.إنهم يفصلون الآخرين عن العمل الهادف والمجز.إنهم يرصدون الموظفين ذوي الأداء العالي ويجعلونهم يشعرون وكأنهم خاسرون غير أكفاء).
والقائد السام يحمل صفات القائد السيكوباثي Psychopathy وهو القائد الاداري المعتل نفسيا(ويتسم بالجبن ويتمتع بعقلية خطرة مؤذية يخطط للاحتيال،يمارس سلوكا انتهازيا،يتلذذ بالنفاق ،ويتقن التملق، وقد يصل به الامر الى معاداة المجتمع) وهو شديد السمية وخطر على العاملين والمنظمة.
ومن الخصائص العامة والملامح الرئيسة للشخصية السامة والسيكوباثية(القدرة الفائقة في التأثير على الآخرين بعذوبة الكلام وكثرة الوعود التي غالبا لا يوفون بها، وبلطفهم الزائد وقدرتهم على استيعاب كل من يتعامل معهم بشهامتهم الظاهرية المؤقتة ووعودهم البراقة، ولكن من يتعامل معهم عن قرب ولفترة كافية سيكتشف حقيقتهم، وعندما نسأل أقرب الناس إليهم يصدمنا التباين بين صورتهم الظاهرية التي يراها الناس) وبين حقيقتهم التي يعكسها سلوكهم وتاريخهم الوسخ.
والشخصية السامة والسيكوباثية التي تصل إلى مناصب إدارية متقدمة ومرموقة تجذب إليها شخصيات تحمل صفات السمية والسيكوباث،ولهذا نجد ان القائد السام يلتف حوله من العاملين الذين يحملون ذات الصفات ويغلفون بذات السلوكيات (مما يؤدي إلى تكوين ما يسمى المنظمات السيكوباثية وتصبح هذه المنظمات حاضنا لهذه الصفات) وبذلك يكون تأثيرها على المنظمة والمرؤوسين والمجتمع أكثر ضررا وأشد أذى.
والسمات السمية التي يحملها القادة السامون حددت في مقال مهم للمبدعة Jean Kimحيث حددت ان القائد السام يتصف بسلوكيات سمية عدة منها:
1-عدم الاستماع للاخرين وتقبل آرائهم وتنفيذ آراءه التي تخدم مصالحه الشخصية.
2- النرجسبة والافراط في الترويج لتفسه خدمة لذاته على حساب أهداف المنظمة.
3-الخداع وتجاوز الانظمة والتعليمات وتغيرها.
4-الافتقار الى الفسلفة الاخلاقية التي توجه قرارته وعدم الاهتمام بقيم ومباديء العدالة والسلوك المنصف والتوجه لتحقيق الشهرة والمنصب والسلطة.
5- حبه للاطراء وتمجيد اعماله ومنجزاته.
6-مضايقة الاخرين والاساءه لهم وتهميشهم وتهديهم.
وبشكل عام فان القيادة الادارية السامة هي قيادة شرسة تخلق منظمة فوضوية،ويمكن ملاحظتها بشكل كبير في بيئات العمل(الفوضوية التي تتجاهل تطبيق الانظمة واللوائح والقوانين ذات العلاقة).