18 ديسمبر، 2024 8:18 م

من عجائب الزمن المحفوف بالنيران , أن الرؤوس تنحني لذيل يتحرك متأمّرا ومدينا وموبخا لها , وكانت تحسب ذات قوة وإرادة وجبروت , فكيف للذيل أن يسود؟
دول ديمقراطية متقدمة قوية تبين أنها مرهونة الإرادة , وتابعة لقوة تفعل بها ما تريد , وتأخذها إلى حيث تقتضي مصالحها , ولا يعنيها ما سيصيبها , فالمهم أن تنصاع لمطالبها وتنفذ قرارتها بإذعان مطلق.
سقطت الأقنعة , وظهر أن الدنيا تجري بشراع واحد , تلعب به رياح المصالح والنوايا الإفتراسية , التي تتغير إتجاهات هبوبها بين فترة وأخرى.
ويبدو أن الشراع ربما أصابه بعض التلف من شدة الرياح , التي عصفت به وأفقدته قدراته وأضاعت بوصلته , وجعلته يدور حول نفسه , مستغيثا من الرمضاء بالنار.
وهذا الشراع المتخبط المصاب بالغثيان والدوران الشديد , سيرتطم بمَن سيكون في طريقه , ولا يعنيه من الأمر إلا أن يبقى قادرا على تسيير مركبة الدنيا وإدراة شؤونها , وليتدمر مَن يتدمر , وليفنى مَن يفتى , المهم أنا أبقى وأسود.
هذا حال الدنيا المعاصرة ’ التي تتلاطمها الأمواج والأعاصير والبراكين والفيضانات والتحديات , ودعوات المواجهة وتُرفع فيها شعارات “عليه وعلى أعدائي” , وتهيمن على وعي الكراسي نوازع الأرض المحروقة , المشحونة بالكراهية والعدوانية.
فهل تستطيع الدنيا أن يكون لها أكثر من قائد؟
التأريخ يحدثنا أن سفينة الأرض يقودها ربان واحد إلى أن يزيحه ربان آخر وهكذا دواليك.
البشرية لم تعهد سفينتها تحت إمرة أكثر من ربّان , والحروب الضارية تحسم الموقف لصالح أحد الأطراف المتنافسة على القيادة.
فالقول بعالم متعدد الأقطاب , معناه عالم متعدد الحروب , وأجيال تتواصل على صفيح متأجج اللهيب , وكأنه التنور الذي ستنسجر فيه.
فهل أدركت البشرية قانون الأرض الساطي؟!!
د-صادق السامرائي