اود ان اقول ان القوى الثلاثة ، الجمهورية ومجلس النواب ومجلس الوزراء تضاف لها القوة القضائية هي مؤسسات تمثل الشعب و التي يأوي إليها المواطن لحفظ إنسانيته ورعاية حقوقه، وصون كرامته، وهي التي تشعره بهيبة الدولة، التي يعيش في كنفها، وبالتالي تجعله يتمسك بمواطنته الحقة، وتدفعه للتمسك بوطنه ووطنيته ،نحن نعيش منعطفا تاريخيا حاسما. ومن الطبيعي، في مثل هذه الأوقات، أن يبحث الناس عن نقاط مرجعية أو أوجه تشابه تاريخية. لكنه لا يوجد أي شيء يمكننا أن نشبه به ما نمر به اليوم، وفي حال اهتزاز اي من هذه القوى المساهمة في السلطة ، وفساد بعض أجزائه، فإن هذا يؤدي إلى اختلال صورة النظام، وذهاب هيبته، وربما دعا إلى الخروج عليه، مع غياب العدل والحق، وكثرة انتشار صور الظلم والمحسوبية ،فساد اين منها يعني فساد الحكم، فساد السياسة، فساد الاقتصاد والاستثمار والتجارة، فساد التربية ومحاضنها والمربين، فساد المجتمعات، وضياع الأخلاق، وتفكك الأسر، وبمعنى أدق فسادها يعتبر منبع لكل شر وفساد، لأنها هي الجهة التي يفترض فيها صون الحقوق، وحماية الناس، وحماية ممتلكاتهم وأعراضهم، وإقامة ميزان العدل والحق، فإن فسد احدهم وفقد مكانته وهيبته يعني انحدار النظام بالكامل نحو الهاوية.
في العراق الحالي لا يمكننا التعويل على القوى الحاكمة للمساهمة من تلقاء نفسها في تبني مقاربات أكثر واقعية وشفافية عند التعامل مع المتغيرات، لأن أولوياتها هي شخصية وفي حدود مصالحها ، تبقى مختلفة تماما عن الأولويات التي تهم البلد. ويضع هذا الواقع مسؤولية كبيرة على عاتق الحركات الحقيقية السياسية “اذا كانت موجودة ” والنخب الفكرية ومنظمات المجتمع المدني للاستمرار في دفع النظام دفعا نحو التغيير والمضي في الاتجاه الصحيح على الرغم من الصعوبات البالغة والتحديات العملية التي تواجهها. وهذا يحتم على هذه الحركات والمنظمات والنخب أن تجد طريقة للتخلص من الاتكالية الخاصة لاي جهة والشعور بالمسؤولية في فهم المستقبل ، اذ لا يمكن لهذه المنظمات والحركات من هذا النوع أن تغير شيئا أو تنجح في ما فشلت فيه سابقاً حتى لو توصلت إلى سدة الحكم دون اصلاح الطريق واسلوب العمل مع خلق وعيا جديدة ونخبا فكرية وسياسية واجتماعية أكثر قدرة على تحمل أعباء القيادة. و تتبنى منهج يتلائم مع المرحلة الصعبة التي تمر بثقلها على كاهل المواطن لبناء الوطن، وامن واقتصاد الوطن ،واستقرار المواطن .
إن إصلاح الادارة العامة هو واحد من مجالات الاصلاح الاكثر أهمية في أي دولة، حيث أنه يوفر إطارا وشروطا مسبقة لتنفيذ ُمكان الادارة ذات الاداء الجيد للسياسات الاخرى. على سبيل المثال في تحقيق نتائج في العديد من المجالات، مثل ذلك التعليم والصناعة والاقتصاد والسياسة والامن الداخلي…الخ وتتطور الدول بمختلف اركانها وبأساليبها المختلفة في الحوكمة وتنفيذ الاصلاحات الادارية لها. وتوفر اللبنات الاساسية للادارة العامة الجيدة والقابلة للتطبيق، بالشفافية والكفاءة والفعالية. وتسلط المبادئ العالمية للحوكمة الرشيدة بالضوء على أن الادارة ذات الاداء الجيد لديها عدد من الابعاد المختلفة منها:- توفير القدرة ،والاجراءات اللازمة للتخطيط المسبق للسياسة والمخرجات التشريعية، توفر القدرات المؤسسية للاشراف والتنسيق لضمان الاتساق الافقي بين السياسات ، تزود صناع القرار بالنصائح التي تعتمد على التعريفات والادلة الواضحة والتحليل الجيد للقضايا، والتي تحتوي على مؤشرات واضحة لحالات التضارب والتناقض المحتملة، تنظيم وإدارة الخدمة المدنية ، تطوير وتنسيق السياسات والهياكل والاجراءات ، ترتيبات المساءلة سواء بين الافراد ومؤسسات الدولة، والاشراف على نظام الادارة المالية العامة بشكل عام، بعد التخلص من الارتكاسها المستمر إلى الأيديولوجيات العقيمة البعيد عن التمسك بالارض والمجتمع وعليها تبني مقاربات أكثر مرونة في النشاط والعمل في التصدي للتحدي الأساسي قبل الوقوع في الفخ الذي دأبت هذه القوى الوقوع فيها باستمرار والانقلاب على الواقع المرالى واقع اكثر استبشاراً بالمستقبل ،وستظل الصيرورة تحبل على الدوام بمجازفات ومخاطر وتقلبات ،لكن يمكن ان تنطوي كذلك على القدرات الابداعية لتطوير للفهم والادراك والحلم والاصلاح والوعي الانساني الجديد.