23 ديسمبر، 2024 9:51 ص

القوى السنية.. ازدواجية المواقف

القوى السنية.. ازدواجية المواقف

من عجائب السياسة في بلادنا تحولها الى سرك يتراقص بداخله انواع مختلفة من الساسة الذين يمتلكون القدرة على استبدال جلودهم في الأوقات المناسبة، للاستمرار بخداع الفقراء من “عُبَّاد الله” مستخدمين جميع الوسائل المتاحة وغيرها لايصال رسائلهم “البالية” التي اصبحت مكشوفة امام الجميع، بفضل تجربة السنوات الخمس عشرة التي غير خلالها أولئك العديد من الجلود والمواقف.

فمنذ انطلاق السباق الانتخابي وساسة القوى السنية لم يتركوا طريقا “مشبوها” لم يسلكوه بحثا عن جمهور جديد ليكون ضحيتهم في المرحلة المقبلة، خلفا لتجربة “الارهاب” التي دمرت المدن وضيعت “العباد”، وآخرها قصة قرارات هيئة المساءلة والعدالة التي طالت منتسبين ومسؤولين في النظام السابق ليخرجوا علينا منتفضين معلنين رفضهم لتلك القرارات، فبعد بيان استنكاري طويل لرئيس تحالف القرار السيد اسامة النجيفي، ابلغنا رئيس مجلس النواب سليم الجبوري وهو يعتلي منصة “الدعاية الانتخابية” في احدى مدن البلاد بان “تلك القرارات مجحفة ويجب اعادة النظر فيها”، لكنه تناسى ماحدث في مجلس النواب في شهر نيسان من العام الماضي 2017، حينما صوت على قانون مصادرة ممتلكات واموال اركان نظام صدام، وكان حينها الجبوري يصرخ بأعلى صوته بنجاح التصويت.

قد تكون ذاكرة رئيس البرلمان اصابها بعض “التلف” ولا يستطيع تذكر القوانين التي أقرت بإشرافه ومباركته، لعدة أسباب ابرزها إمكانية الحصول على جمهور يمكن “خداعه” بسهولة عبر بوابة “مظلومية السنة او قادة البعث” بغض النظر عن انتماءاتهم، لكن الجبوري لم يكن الوحيد الذي غير موقفه فالقيادي في تحالف القرار الذي اصدر بيانا عبر فيه عن أسفه لهذه القرارات، احمد المساري كان على رأس المصوتين بالموافقة واحد المشرفين على كتابة القانون، قبل ان يتحول بعد عام الى قانون “مؤلم واستهداف واضح” لشريحة واسعة من العراقيين.

نعم يا سادة لا تستغربوا فقد قيل قديما انه “من الضروراتِ السّياسية لا يَحْفل أهل السّياسَة أنْ يَصْدُقوا أو يكذبوا فيما يُعلِنون إلى النّاس، ولكن أكبر همِّهِم أن يقدّموا دائمًا الكلمة الملائمة للوقَت”، فتغير المواقف ليس جديدا على ساسة القوى السنية او من يدعون “زورا” تمثيلهم للمكون السني وحينما نعود بذاكرتنا الى الوراء لبضع سنوات، وتحديدا مع شروع تنظيم “داعش” باسقاط المدن الواحدة تلو الاخرى كيف كان خطاب هؤلاء، ومنهم خميس الخنجر الذي بشرنا في وقتها “بأن الثوار سيدخلون الى بغداد قريبا لإعادة الحق لاهله” ليعود بعد “فشل” مشروعه وهزيمة التنظيم الارهابي بخطاب “يمجد” الانتصارات ويتغنى “بحب” الجيش الذي كان يصفه “بالطائفي” في تحول عجيب، يرسم صورة واضحة عن “المصيبة” التي ابتليت بها بلادنا.

الخلاصة.. أن سياسة تغيير المواقف التي ينتهجها قادة القوى السنية، لن تجلب غير المزيد من “المآسي” التي بدأت منذ اعلان حارث الضاري “هدر” دماء من ينتسب للقوات الامنية بعد العام 2003، ولن تنتهي بالقضاء على (داعش) ومخلفاته، بسبب استمرار ذات الوجوه التي تقلبت بين احضان القاعدة ودولة البغدادي المهزومة، والتي تحاول اليوم بارتداء ثوب البعث للعودة الى الواجهة من خلال صناديق الانتخابات اخيرا، السؤال الذي لابد من وضعه امام اعين الجميع، هل سيخدع العراقيون مرة اخرى بأصحاب الازدواجية؟