23 ديسمبر، 2024 4:24 ص

القوة الصدرية الناعمة في دائرة الغياب والتغييب

القوة الصدرية الناعمة في دائرة الغياب والتغييب

قبل الخوض في هذه المحطة اود ان اعرج على نقطيتين : الاؤلى تعمد كتابة هذا المقال بشكل مختصر ، والاقتصار على الفكرة والهدف دون السرد الذي قد لايجد القارى الكريم وقتا للاطلاع عليه نظرا لظروف الحياة المتسارعة .
والثانية : ان هذا المقال هو بمثابة التذكير ولفت النظر ، ولم ينحى منحى الدراسة التخصصية المعمقة .
ان مفهوم القوة الناعمة الذي صاغه جوزيف ناي من جامعة هارفارد لوصف القدرة على الجذب والضم دون الإكراه أو استخدام القوة كوسيلة للإقناع تم استخدام المصطلح للتأثير على الرأي الاجتماعي والعام وتغييره من خلال قنوات أقل شفافية نسبياً والضغط من خلال المنظمات السياسية وغير السياسية كما جاء في الموسوعة الحرة ويكيبيديا .
مفهوم القوة الناعمة يبدو كان غائبا عن الساحة العراقية في العقود الماضية نظرا للاحداث المتسارعة والتصادمات السياسية من اجل احتلال المواقع القيادية في البلد . وفي خضم الاحداث الخطيرة التي واجهت العراق خاصة في عقد التسعينيات حيث احداث احتلال الكويت ، والحصار الامريكي الاقتصادي الذي فرض على العراق وشبه غياب الوعي الديني في المجتمع ظهرت شخصية المرجع الديني الكبير السيد الشهيد محمد الصدر ( قدس سره ) كشخصية محورية خبرت المجتمع ودرسته دراسة معمقة ، عرفت من خلالها استخدام التأثير والمؤثرات التي مارستها و استطاعت ان تكون جاذبة لشرائح واسعة من المجتمع ، هذا الجذب الضروري جعل من الامل المفقود ان يظهر من جديد ويتنقل بين الشرائح الشبابية الواعية التي كونت نوعا من الوعي المركب دينيا واجتماعيا وحتى سياسيا ، انطلاقا من صلاة الجمعة التي شكلت صدمة مجتمعية ، ومن خلال صلاة الجمعة تم ممارسة القوة الناعمة في تلك الحقبة تارة بتوجية الدعوة الى الفنانين للقيام باعمال فنية ، وتارة بتوجية دعوة الى الشعراء والادباء باطلاق ما تجود قريحتهم في نصرة القضية والوعي كما ان للصحافة ايضا لها دور كبير من خلال اصدار مجلة الهدى .
والنماذج على هذه القوة التي مارسها السيد الشهيد كثيرة .
مااريد الوصول اليه في هذه السطور هو على الرغم من ان القاعدة الصدرية التي صنعت من رحم الداخل ، وهذا يعني صعنت من رحم المعاناة وضغوطات الدكتاتورية بشتى انواعها هي قاعدة بعنوانها الاؤلي دينية الا ان ذلك لم يمنعها من ان توزع ادوارها اجتماعيا والمشاركة في اغلب المجالات والاتجاهات من باب تحمل المسؤولية والتضييق على الدكتاتورية من خلال الحركة الاصلاحية التي رفع لوائها السيد الشهيد الصدر الثاني ( قدس سره ) فتحولت هذه القاعدة الى امة حية متحركة شكلت رقما مرعبا في تركيبة المجتمع العراقي .
ولان من طبيعة الامم تحتوي على حالات ابداعية متعددة تلعب ادوارا مهمة في مجتمعاتهم ، كذلك الحال بخصوص الصدريين الذين يمتلكون الكثير والكثير من العقليات المهمة والطاقات الابداعية في مختلف الثقافات والفنون ، ومن الممكن ان تكون هذه العقليات والطاقات عامل اساس حقيقي في تأسيس مدارس مهمة لها بصمة خاصة بها ، لكن للاسف الشديد هذه القوة الناعمة غائبة عن الساحة بشكل واضح ، وان كان هناك بعض الفعاليات التي تحتوي بعض المجالات لكنها تبقى فعاليات متواضعة لاتأخذ مساحتها بشكل حقيقي ، وهذا ما ولد انطباعا سلبيا لدى المقابل : ان الصدريين يتغلب عليهم الطابعين السياسي والعسكري ، وما ان تذكرهم حتى يتلازم معهما هاتين الصفتين ، وباعتقادي المتواضع ان هذا الانطباع غير واقعي لما يضم الصدريين من شعراء وادباء وفنانين وكتاب ورياضيين ونقاد واساتذة جامعات في مجالات الفلسفة وغيرها .
ومن هذه النقطة لابد ان يصحح هذا الانطباع لدى الاخر ويتولد انطاع جديد متكامل عن الصدريين الذي غابت في كثير من الاحيان قواهم الابداعية عن المجتمع ككل او غيبت نظرا للظرف الاستثنائي الذي مر به العراق .
ولابأس بطرح بعض التساؤلات على سبيل المثال لا الحصر : ما المانع والحاجز ان يكون للصدريين مسرحا هادفا يحتضن المواهب المتشضية في كل الجغرافية العراقية ؟ وما المانع ان تكون للصدريين مؤسسات فكرية حقيقية يتلاقون من خلالها مع الجميع وتتبادل الافكار مع الجميع ؟ وما المانع من دعم المبدعين في نتاجاتهم المختلفة من خلال طبعها ونشرها ؟ وما المانع من اقامة الدورات التخصصية في مختلف المجالات ؟ وما المانع من تأسيس مراكز فعالة لها الاثر في دارسة الظواهر السلبية ومعالجتها والعمل للقضاء عليها ؟
ان استثمار الطاقات الابداعية وتوظيفها بالطرق الصحيحة هي بمثابة احياء للنفوس وشعور للمبدع باهمية وجوده في هذه الدنيا للعطاء .
ولا احسب ان اعادة احياء القوة الصدرية الناعمة بالامر الصعب والمستصعب خاصة وان راس هرام الصدريين سماحة السيد مقتدى الصدر يسعى جاهدا لاشاعة هذه المفاهيم .
فيا ترى هل سنبدأ الخطوة الاؤلى ؟