18 ديسمبر، 2024 11:14 م

القوادة للعقال

القوادة للعقال

الكابتن حيدر – 2- القوادة للعقال
لم يضيّع ” الكابتن حيدر “وقته في ” إبو ظبي ” فسرعان ما وجدعملا في شركة طيران يملكها ” الشيخ حمد ” وهو من أبناء عمومة حكام دولة قطر ، وكان ” الشيخ حمد ” مفتوناً بالرئيس صدام حسين و محباً للعراق ويرى فيه مستقبلا اقتصادياً واعداً خاصة وأن الأمم المتحدة في ذلك الوقت منحت العراق متنفساً من خلال آلية النفط مقابل الغذاء وبدا أن الحصارعلى العراق بدأ يتآكل ، و أثناء لقاء عابر راح ” الكابتن حيدر ” يحدّث ” الشيخ حمد ” عن أجواء رئاسة الجمهورية العراقية و كأنه واحد من عظام الرقبة فيها ، و حكى له قصصاً عن نفوذ له في الدولة العراقية جعل وزراءها و مدراء الدوائر فيها طوع بنانه ، وكذلك اختمرت لدى ” الشيخ حمد ” فكرة زيارة العراق و تساءل عن إمكانية لقائه رئيس الجمهورية ، فبادر ” الكابتن حيدر ” إلى الإتصال بصديقه العقيد وحكى له القصة طالباً منه استطلاع رأي الرئيس و يبدو أن الرئيس صدام حسين رأى في زيارة فرد من عائلة حاكمة خليجية إلى بغداد تصدّعاً في الموقف الخليجي المعادي للعراق و خطوة على طريق تفتيت المقاطعة ، فأبدى استعداده لاستقبال ” الشيخ حمد ” ، و ما إن بلغه الخبر حتى طار ” الكابتن حيدر ” إلى مكتب الشيخ ليزف إليه البشرى فطلب منه هذا الأخير الإستعداد لمرافقته إلى بغداد ثم أبلغه أنه سيقدّم الطائرة التي سيسافران على متنها هدية للرئيس العراقي ، ولم يضيّع الكابتن وقتاً إذ اتصل بمرافق الرئيس و أبلغه بموعد وصولهم ثم زاد أنه تمكن من إقناع ” الشيخ حمد ” بتقديم الطائرة هدية لرئيس الجمهورية !! وفي بغداد كان استقبال الرئيس لضيفه القطري غاية في الود و قبل بامتنان هديته الثمينة و أمر بضمها إلى الخطوط الجوية العراقية ، و رغبة في ردّ الفضل لضيفه عمم الرئيس أمراً لكافة الدوائر الحكومية العراقية بتقديم كل التسهيلات التي يطلبها ” الشيخ حمد ” و أنه على المسؤولين الحكوميين اعتبار طلبات الشيخ و كأنها صادرة عن صدام حسين شخصيا !! ولم يجد ” الشيخ حمد ” استثماراً أفضل من النفط خاصة وأن الرئيس أمر بمنحه كل يقدر على تسويقه وبيعه ، ولم يكن أمام ” الشيخ حمد ” سوى بيع براميل النفط لكبار التجار عراقيين و أكراد يتولون بمعرفتهم نقله إلى تركيا و دبي وحتى إيران وبأسعار تقلّ كثيرا عن أسعار السوق العالمية ، وبالطبع كان ” الكابتن حيدر ” هو الممثل و الوكيل للشيخ القطري فتولى الإتصال بمن توقع أنهم سيتكالبون على هذه الفرصة النادرة ليفاوضهم حول عدد البراميل التي يرغبون بشرائها و أسعارها و ليساومهم على دفع عمولة جانبية له قدّرها بخمسة عشر سنتاً عن كل برميل ! و لم ينس ” الكابتن ” مواهبه القديمة في ترتيب السهرات الحمراء و كذلك شهد الجناح الكبير في فندق الرشيد ليال صاخبة أنست الشيخ القطري تعب الغربة و ضنا البعد عن الأهل و العشيرة ، وما أن انقضت سنوات ثلاث على هذا النعيم الذي غرق فيه ” الكابتن ” حتى أصبح من أصحاب الأرصدة المليونية في مصارف دبي و عمان و بيروت ، إلى جانب بيوت فارهة في أحياء بغداد الراقية ، و إلى جانب ذلك ثروة من علاقات شخصية أقامها مع كبار أثرياء العراق مثل آل الخوام و الحلبوسي و صالح المطلق و عائلة كبة و بنية و كثير غيرهم ممن تكالبوا على الإفادة من منجم الذهب الذي فتحه الرئيس العراقي لضيفه القطري و الذي كان ” الكابتن ” يقف سمساراً على بابه ، لكن تلك السعادة لم تطل إذ لاحت في الأفق نذر الغزو الأميركي و كما يقال أنه عندما تغرق السفينة فأول من يقفز منها هم الفئران و كذلك قفز ” الكابتن ” إلى خارج العراق ليبدأ فصلا ثالثاً في القوادة و لكن للعمائم هذه المرة نمير طه