23 نوفمبر، 2024 4:47 ص
Search
Close this search box.

القوات المسلحة العراقية اليوم الوليد الضال للشعب العراقي

القوات المسلحة العراقية اليوم الوليد الضال للشعب العراقي

* تاريخ تأسيس ومواقف مشرفة

* حركة الضباط الاحرار والثورة المجيدة

* نهج العقلية الانقلابية المغامرة

* عسكرة المجتمع العراقي

* اعادة تأسيس ما بعد عام 2003

* انتشار السلاح خارج المؤسسة العسكرية

* ماذا ينتج نهج”لا فصل بين السلطات”؟!

* حول موضوعة تشجيع التطوع في القوات المسلحة

* البيشمركة- قوات الحركة التحررية الوطنية الكردستانية

* الخاتمة

اسهمت سيطرة حزب البعث على الحكم طيلة ربع قرن ومنعه النشاط السياسي داخل القوات المسلحة ونشره لأجهزة الامن في اركان الدولة والمجتمع وامساك صدام حسين بدفة السلطة كليا عام 1979 وتعشيره البلاد،وتبعها قرارات الاحتلال بحل المؤسسة العسكرية بالجملة،وانتعاش الارهاب الاصولي ونمو الظاهرة الداعشية والفوضى وسيادة روح الثأر والانتقام،ومن ثم انزلاق الولايات المتحدة وايران معا الى فخ الصراعات الداخلية بالعراق … اسهم كل ذلك في مفاقمة الانقسامات الاثنية والطائفية والعشائرية في بلادنا بشكل واضح ليطمس اي دور حقيقي للوحدة الوطنية!لقد تعززت الانقسامات بالانقلابات العسكرية وعسكرة المجتمع وزج

الجيش في معارك ضد الشعب،والطبيعة الدكتاتورية والشمولية للانظمة الحاكمة،والاحتلال الاجنبي وتاريخ الاستعمار الحديث والعقوبات الاقتصادية المدمرة وآثار الحروب الكارثية!

المؤسسة العسكرية العراقية زاد عمرها على التسعين عاما وجرى حلها بالكامل عام 2003 بقرار ارتجالي عدائي من قبل الاحتلال الامريكي ليعاد تأسيسها لاحقا،وكانت غالبية افراد الجيش العراقي المتطوعين الاوائل هم من ابناء الجنوب العراقي ولهم مواقف مشهودة في حماية الوطن،وتعلم الكثير من اصحاب الحرف والمهن في مراكز التدريب المهنية العسكرية،كما كان للعسكريين من حملة الشهادات العليا شرف المساهمة في ديمومة التعليم العالي وكذلك الأطباء والمهندسين وباقي المهن.

الجيش – مؤسسة عسكرية مبنية على النظام وعريقة،يفخر المواطن بالانتماء لها،ويشيد القاصي والداني بسمعتها وعراقتها على الرغم مما فعلته السياسة بها.لكن حل الجيش العراقي ادى الى تفاقم الاوضاع ووصولها الى ما وصلت اليه،واعترفت قيادات الاحتلال بذلك.

* تاريخ تأسيس ومواقف مشرفة

تأسس الجيش العراقي في 6/1/1921 مع تشكيل اول نواة من 10 ضباط كانوا في جيش الحجاز العربي وقاتلوا ضد الدولة العثمانية بعد اعلان الثورة العربية عام 1916.وترأس الفريق جعفر العسكري المتسرح من الجيش السوري اللجنة العسكرية العراقية الخاصة،كما تأسس اول فوج بأسم موسى الكاظم في 28/7/1921.وتوالى تباعا تشكيل الافواج ووحدات الطبابة والخيالة والمدفعية والمخابرة والتموين والنقل والهندسة والالتحاق بالمدرسة العسكرية الملكية وتأسيس الكلية العسكرية وكلية الاركان،ثم صدر قانون الدفاع الوطني اي التجنيد الالزامي وتأسست القوة الجوية!جرى استلام معسكر الرشيد(الهنيدي سابقا)من الانكليز في 1/10/1938 وقاعدة الشعيبة في 2/5/1955،وخاضت القطعات العسكرية العراقية عام 1948 في حرب فلسطين معارك جنين وكوكب الهوا وكفر قاسم..!

كان الجيش العراقي اداة في التغلب على سبعة انقلابات مر بها العراق 1920 – 1958 وثلاثة انتفاضات شعبية كبيرة وما لا يقل عن 10 انتفاضات للمجاميع الاثنية والقومية!وبلغ كم الضباط المساهمين في الكابينات الملكية 28 ضابط شغلوا 45 حقيبة وزارية!ولم يكن الحكم الملكي سوى تحالف بين العسكريين(نوري السعيد وجعفر العسكري وياسين الهاشمي وغيرهم)وبين

الأقطاعيين ورؤساء العشائر.واثبت نوري السعيد في حينه انه اكثر انكليزية من الانكليز،وانه رجل الامبريالية البريطانية دون منازع،هذا ما اهله لكي يكون العمود الفقري الذي تستند عليه السياسة البريطانية في العراق،ومكنته من ان يشكل 14 وزارة،في الفترة الممتدة من منتصف حزيران 1930 وحتى سقوط النظام الملكي حين قامت ثورة 14 تموز 1958.يذكر ان ابرز قضية شغلت اذهان الموظفين الانكليز في حينها هي الكيفية التي يمكن بموجبها اعطاء الشيوخ والرؤساء حقوق معينة في الاراضي التي يتصرفون بها،ذلك لان السياسة البريطانية كانت تعتمد على هؤلاء الشيوخ”اقرارا للامن وراحة جيش الاحتلال”ومن خلال حل مسألة الملكية لمساحات كبيرة من الاراضي بتمليكها لشيوخ القبائل او العوائل الكبيرة نشأت طبقة من الاقطاعيين ومقابلها جمهرة كبيرة من الفلاحين بدون اي ملكية.

ومنذ التأسيس الاولي لمجلس النواب حتى قيام ثورة تموز 1958 تشكلت واسقطت 53 وزارة من دون ان يكون لمجلس النواب اي دور في تشكيلها او اسقاطها،لأن الوزارات كانت تتألف في البلاط الملكي،قريبا من السفارة البريطانية في بغداد،ثم تسقط بمراسيم خاصة،تكتب وتوقع في اماكن بعيدة كل البعد من مجلس النواب.وفي ليلة 23 تشرين الثاني 1952 قامت السلطات بشن حملة اعتقالات واسعة شملت اكثر من 3000 شخص،بينهم اكثر من 220 من الوزراء السابقين،والنواب والصحفيين،ورؤساء الأحزاب وشخصيات سياسية معروفة،وقد جرى تقديم الجميع الى المحاكم العرفية العسكرية”المستقلة”،حيث حكم على شخصين بالاعدام،وعلى 958 بالسجن لمدد مختلفة وعلى 582 بالكفالة.اما مجموع المدة التي سادت بها الأحكام العرفية في البلاد خلال الفترة ما بين 1932 – 1958 فبلغت 11 سنة،كما بلغ عدد المراسيم التي اصدرتها الحكومة خرقا للدستور 27 مرسوما!

* حركة الضباط الاحرار والثورة المجيدة

ادركت فئات الشعب مبكرا ان النضال ضد الاستعمار بدون تنظيمات سياسية جماهيرية غير مجد وغير فعال،وانحياز الجيش او قطعات منه الى جانبها في الصراع الاجتماعي يعني قوة ودعم كبيرين.وتأسست حركة الضباط الاحرار اصلا بمبادرة الضباط الصغار قبل الكبار،وحتى ان الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم تمت مفاتحته لاحقا لقيادة التنظيم!وقامت الحركة بشحذ ابناء الجيش العراقي من ضباط وجنود بروح التمرد والتذمر على واقع ماكان يعانيه الشعب من حياة مزرية،من قبل حكامه المحميين بحراب

الانكليز،وجعله يعيش في ظلام الجهل والفاقه والمرض،ليسهل استغلاله خدمة للمستعمر والفئة الحاكمة!

كانت ثورة 14 تموز المجيدة استجابة ضرورية لمتطلبات مرحلة تاريخية،وتتويجا للانتفاضات الشعبية ومساعي تنظيمات ضباط الجيش الاحرار،ونضال الاحزاب الوطنية منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة.اما العهد الملكي فلم يعد يستجيب لمتطلبات المرحلة في التغيير،لذا استنفد دوره وجاوزه الزمن!ولم يقف نظام الحكم الملكي بزعامة نوري السعيد عائقا امام تطور البلد فحسب،بل وسد كل السبل امام القوى الوطنية والتقدمية من ان تلعب دورها في تقدمه بالطرق السلمية!من هنا اكتسب سقوط النظام بالعنف مشروعيته التاريخية.ان الثورة على النظام الملكي كانت حتمية ومسألة وقت،ولو لم تقم بها اللجنة العليا لتنظيم الضباط الأحرار بقيادة الزعيم عبدالكريم قاسم،لقامت بها جهات اخرى،اذ كانت هناك عدة تنظيمات في الجيش تهيئ لتغيير النظام السياسي في نفس الوقت.لذا ونظرا لمعاناة الشعب العراقي،وتردي سمعة النظام الملكي وعداء الشعب له وتوفر الظروف الموضوعية والعوامل الذاتية،كان العراق محكوم عليه بالثورة في جميع الأحوال.اما ما حصل فيما بعد،فثورة تموز كانت الضحية له وليست السبب.

كان 14 تموز 1958 تدشينا لثورة عظيمة،لما احتوته من جوانب سياسية واجتماعية متزامنة الثورات الكبرى في التاريخ،اذ غالبا ما تحدث الثورة السياسية ومن ثم تعقبها الاجتماعية.كما انها سرعت بوتائر سريعة من صيرورات الارتقاء وغيرت بعمق من الاتجاهات الفكرية/الاجتماعية والفلسفية/ السياسية لدرجة اصبح معها الكم المختلف،كيفا جديدا.ان الاطار الديمقراطي لثورة تموز شمل القوانين التي نظمت حقوق الناس،ورسم منهج المستقبل الذي اطفئت انواره حين تكالبت كل قوى الشر والظلام لتوقف وهج ثورة تموز مؤقتا،ليخسر العراق زمنا ليس بالقصير من مستقبله ودخوله مسيرة الحرية والديمقراطية التي تناضل من اجلها كل الأحزاب العراقية الوطنية .

* نهج العقلية الانقلابية المغامرة

ازدادت الشخصيات العسكرية المستوزرة بعد ثورة 14 تموز 1958 المجيدة لتستلم الحقائب الاساسية كمناصب رئاسة الوزراء ووزارات الدفاع والداخلية في الوقت الذي تناقصت فيه الشخصيات العشائرية والدينية المستوزرة بسبب انعدام الكفاءة والجهل!الا ان انقلاب 14 رمضان الاسود

اشر لاستحواذ الفاشية على السلطة بالتحالف العريض للقوى الطبقية المتضررة من ثورة 14 تموز – الاقطاع وكبار مالكي الاراضي والتجار الكومبرادور وبمباركة اشد القوى العشائرية والطائفية الشيعية والسنية رجعية.وفتح الانقلاب الاسود الابواب مشرعة للعقلية الانقلابية المغامرة وسيادة المنهج التجريبي الموالي لمصالح المراكز الرأسمالية الدولية.

وجاء انقلاب 17 تموز 1968 تتويجا لهذا التوجه الارعن ليتكرس النفوذ البيجاتي(من البيجات – الاصل العرقي للطاغية)والهيمنة الشمولية.واقترن هذا التوجه بصعود العقلية الانقلابية المغامرة في البلاد العربية الى المسرح السياسي.ففي ربع قرن 1949- 1970 نجح اكثر من 35 انقلابا عسكريا في البلدان العربية واصبحت غالبيتها تحكم من قبل العسكر!العقلية العسكرية الانقلابية – عقلية نجحت لا في تثبيت حكم العسكر في العراق وحده بل في البلدان العربية.وكان العراق قد اعطى الاشارة المبكرة للدور المتعاظم المقبل الذي ستقوم به المؤسسة العسكرية الناشئة في حياة المجتمعات العربية عندما فاجأ الشرق العربي كله بـأول انقلاب عسكري في تاريخ العرب الحديث وفي سنة 1936.وعكست الانقلابات والردات والمؤامرات العسكرية النفس الثوري القصير للبورجوازية الصغيرة الصاعدة فقامت بالغاء الاحزاب وتعطيل المشاركة السياسية وتهشيم المؤسساتية المدنية بأسم الاصلاحات الجزئية ومعاداة الاستعمار!وتحولت الشعوب العربية الى كائنات مغلوبة على امرها تتحرك بدافع الحياة والاستمرار ليس الا!

* عسكرة المجتمع العراقي

صدام حسين وبطانته هم من المدنيين وليس فيهم عسكري مهني واحد لكنهم مارسوا ابشع صور الدكتاتورية في سني حكمهم وكان الجيش العراقي من ضحاياهم!لقد دجن صدام المؤسسة العسكرية العراقية وارتدى لبوسها،وبات هو القائد العام للقوات المسلحة ورئيس مجلس قيادة الثورة،بعد ان اقصى واعدم مقربيه الحزبيين!واعدم في الفترة 1995 – 2001 فقط حوالي 370 ضابطا بمختلف الرتب،155 ضابطا منهم من الحرس الجمهوري بتهمة مناهضة النظام!وتعرض كبار الضباط والمراتب والجنود الى الاحتجاز والتعذيب والسجن والاعتقال،خاصة في ابو غريب والمكاسب!

تميزت المؤسسة العسكرية العراقية في العقود المتأخرة بالنمو المطرد المفرط قياسا الى السكان.ونمت حوالي 14 مرة بين 1950 – 1980 فقط في

الوقت الذي نمى فيه حجم السكان 3 مرات!والجهاز الاداري للدولة 10 مرات فقط .وفي عهد البعث بلغ التناسب بين القوات المسلحة والسكان نسبة 32.5 لكل الف وحتى 60 لكل الف!وهي اعلى نسب في العالم لأن المعدل العالمي 7 لكل الف نسمة زمن السلم!وبلغ الانفاق العسكري العراقي عام 1994 ما يعادل 14.6% من الناتج الاجمالي الوطني اي الانفاق الاعلى بمستوياته في جميع البلدان العربية،ويبلغ هذا المعدل 3.2% عالميا و 3.6% في البلدان النامية.ومع افول العهد الصدامي هبطت القدرات العسكرية العراقية الا ان الماكنة العسكرية احتفظت بقدرتها على توجيه اللكمات لضمان بقاء صدام حسين في السلطة!وامتلك العراق قبيل 9/4/2003 : 2000 دبابة،و 200 – 300 طائرة اعتراضية وهجومية، 1000 عربة مصفحة مدرعة، 2000 ناقلة جنود، 800 دبابة خفيفة للمشاة،200 مدفع ذاتي الاطلاق و 1500 مدفع آخر متطور!، 100 طائرة هليكوبتر، 6000 مدفع مضاد للطائرات، 1000 صاروخ ارض – جو!وصواريخ سكود.كان الجيش العراقي كبيرا وفاعلا،350 – 400 الف جندي وترسانة فتاكة من الاسلحة!

* اعادة تأسيس ما بعد عام 2003

ومع اعادة تأسيس القوات المسلحة العراقية،والاعلان عن طائفة الأهداف والالتزامات التي تعهدت بتنفيذها الحكومات المتعاقبة في المستقبل الموعود،اثبتت الوقائع العملية الملموسة فشل قوات الحرس الوطني والشرطة في تحقيق الامن ومكافحة الارهاب وحماية الحدود الخارجية ومكافحة الفساد.لا،بل وحتى الفشل بالاسهام في الاعمار واعادة الاعمار وحل مشكلة الخدمات الاساسية كالكهرباء والبطالة!قوى اساسية مارست سيادتها ودورها في تأسيس قوات الحرس الوطني وهي:الطائفية السياسية،المخابرات والعصابات الدينية،بقايا البعث العراقي المنهار،العشائر التي تقترب الى الجماعات الاسلامية بسبب قربها من المرجعيات الدينية لكنها تحاول الدفاع عن ابناء عشائرها عندما يتعرضون للاضطهاد من جانب القوى السياسية والمخابراتية،القوات المتعددة الجنسية التي نسقت مع الجميع وعلى الجميع.

واعتمد قادة الجيش الامريكي في العراق منذ عام 2005 على بعض رؤساء العشائر،بدلا من وحدات الجيش العراقي في كثير من المواقع،وحققت هذه المجموعات المسلحة بعض النجاحات في المساعدة على محاربة القوى الارهابية،لكن بالنهاية بقت تشكيلات عسكرية غير نظامية خلقت الارباك

والتحديات الامنية ويصعب التفكير بان تأخذ موقعا في التشكيلات العسكرية للدولة العراقية.

حمل اساس تركيبة القوات المسلحة العراقية الجديدة(الحرس الوطني)في ذاته ومنذ الولادة خطأ سياسيا بنيويا اعتمد المحاصصة الطائفية – القومية وابتعد عن نهج البناء المؤسساتي على اساس الوحدة الوطنية،فكان الجنين مسخا عدائيا.وليس غريبا ان تستنجد العقلية العسكرية التي وقفت وراء اعادة تأسيس الجيش على هذه الاسس غير الوطنية بزعماء العشائر!كان قرار اعادة تأسيس القوات المسلحة العراقية قرار سياسي استهدف ابقاء هذه القوات محدودة الامكانيات وضعيفة القدرات ومتواضعة التسليح وغير قادرة على تنفيذ المهمات المطلوبة،يراد لها الاعتماد على الاجنبي!وكان التعمد مع سبق الاصرار في بناء القوات المسلحة العراقية على اسس لا تمت بصلة الى الوطنية والمهنية والكفاءة والحيادية واحترام القانون والدستور وحقوق الانسان ومنيعة للاستقطاب الطائفي والمحاصصة المقيتة،هو بحق جريمة كبرى ضد الشعب العراقي لا تغتفر!لا اليوم ولا غدا!

ومثلما وقف صرح الأمة العربية وباني مجدها صدام حسين وراء الهزيمة المنكرة للجيش العراقي ابان كارثياته المتتالية،يتحمل اليوم القائد العام للقوات المسلحة وحده دون غيره المسؤولية الكاملة عن الفشل الذريع للعسكر في تأدية مهامهم لأنه ترأس حكومة تتسم بالضعف والخذلان وعدم امكانية المواجهة الحقيقية والتخفي خلف الشعارات والاستعارات والعواطف الاعلامية الفارغة والاكاذيب،دون مقدرة حقيقية على حماية ارواح الناس ومممتلكاتهم ولا القدرة الفاعلة على مواجهة الارهاب الذي بات وحده يختار الطريقة والكيفية والأسلوب المتخذ في تنفيذ المجازر الجماعية.كما تزايدت الحالات التي يتم فيها الاعتماد على الجيش في مهمات الأمن الداخلي وباتت طبيعة تدريبه واختيار ثكناته وتمركز تشكيلاته مرهون بالهواجس الأمنية الداخلية والطائفية وليس لهواجس المخاطر الخارجية!حتى جاءت كارثة احتلال(فعلي على الارض)منظمة ارهابية كوسموبوليتية هي داعش لقسم غير قليل من اراضي بلادنا وباتت على اطراف العاصمة العراقية!

* انتشار السلاح خارج المؤسسة العسكرية

النخب السياسية الحاكمة تبذل الجهد للاستحواذ على عباد الله وفرض ممارساتها غير المقبولة على الآخرين وهيمنتها على مفاصل الدولة والقوات المسلحة والقضاء والمفوضيات المستقلة والاعلام الرسمي واحتكار

الفداء في العهد السابق والغاء تضحية وحق الآخرين!وهي تنشر ميليشياتها تحت العباءة الحكومية،و60% من منتسبيها هم من اجهزة الاستخبارات والمخابرات والامن الصدامي،من”صناديد صدام”و”جيشه الشعبي”،ومعروفون لاهالي النجف وكربلاء والثورة،وبمباركة وتمويل وتدريب مخابرات دولة ولي الفقيه الجارة!

الميليشيات الحكومية تفرض ارادتها على المؤسسة العسكرية المنخورة اصلا لتنتشر الشعارات والاعلام الطائفية وتتحول معسكرات الجيش الى حسينيات وجوامع..دولة داخل دولة،لتفرض قراراتها ومراسيمها وتخلفها والمد الرجعي للقوى الدينية غير المتنورة دينيا واجتماعيا،ولتفرض نفوذها وخيمتها الفكرية على الجميع،وتدعو الى رفض الآخر وفكره واتجاهاته!

في العراق اليوم عمليات ارهابية منظمة ومبرمجة تقوم بها قوى الاسلام السياسي المتطرفة والتكفيرية كالقاعدة وداعش،والعصابات المافيوية البعثية وايتام النظام البعثي المقبور واجهزته القمعية،وقوى الجريمة المنظمة وعصابات السرقة والنهب والاختطاف لاغراض الحصول على الاموال القذرة،الميليشيات والبلطجية الحكومية التي تنفذ الاجندات السياسية المتنفذة بالقتل والخطف والتدخل السافر في الانتخابات والاستفتاءات وفعاليات المنظمات غير الحكومية بالتخويف والاغراءات!وهذه الميليشيات وبعيدا عن حجمها واسمائها وتصنيفها ومرجعيتها واجندتها السياسية،واساليب العنف التي تستخدمها،ومدى مشروعية وجودها القانوني في الساحة السياسية،او حجم التعاطف الشعبي معها في الشارع العراقي،فانها ظاهرة كارثية تشير الى ضعف الدولة ومؤسستها العسكرية والامنية!

بات الوضع السياسي الراهن معبر حقيقي عن مصالح القادسيات الجديدة وحركة الارتداد عن مسيرة ثورة 14 تموز المجيدة ومواصلة نهج خداع الشعب العراقي بالنفعية والانتهازية وموالاة احضان مراكز العولمة الرأسمالية؟!وفي مقدمتها قادسيات الفساد والقادسيات الايمانية بعد ان بات العراق البلد الوحيد من بين دول العالم الذي يمتلك الاسلحة المتنوعة وغير المرخصة خارج الثكنات العسكرية!والميليشياتية هي امتداد لميل السلاح وتجار السلاح المتنامي للتدخل في العمليات السياسية الجارية في العراق،على طريقة المخبولين!البلطجية هم ابناء العملية السياسية الراهنة الخدج!

ان تجار ومهربي الاسلحة يستغلون عدم وجود معاهدة دولية لتنظيم تجارة الاسلحة في الشرق الاوسط لانتزاع اقصى الارباح من توريد الاسلحة الى العراق وعرضها في السوق السوداء التي باتت تعج بالاسلحة الخفيفة والثقيلة وتحت مرأى ومسمع الحكومة العراقية والدول الاقليمية.وبات العراق البلد الوحيد من بين دول العالم يمتلك الكثير من الاسلحة المتنوعة وغير المرخصة خارج الثكنات العسكرية،واكثرها بيد الذين تقل اعمارهم عن 18 سنة وبعض البالغين مما هدد وتهدد هذه الاسلحة امن المواطنين بسبب عدم شرعيتها وقانونيتها معا!

ان تمكين الدولة من اداء واجباتها لا ينسجم مع استمرار عمل الجماعات المسلحة المليشياتاوية بمختلف مسمياتها،على هواها وخارج دالة الدولة،وبقاء حركة السلاح خارج السيطرة.ولا سيادة لقانون مع قرقعة السلاح والتهديد به لتحقيق هذه الغاية او تلك.ولابد من تقنين حمل السلاح،وحصره تحديدا بالدولة،وعدم السماح بان يستخدم خارج ما هو مسموح به قانونا!وبالتالي الكشف عن مقترفي جرائم السطو المسلح والقتل العمد والخطف وابتزاز المواطنين!

* ماذا ينتج نهج”لا فصل بين السلطات”؟!

السلطات السياسية هي المصدر الرئيسي للتطرف متى ما سلكت نهج”لا فصل بين السلطات”!وتتنفس الميليشيات السائبة تحت الخيمة الحكومية وينتصب البلطجية في فترات التراجع والارتداد السياسي العام والظروف المعيشية الصعبة وشيوع الفساد وبالاخص الفساد الاداري!والهدف اساسا تحويل الشعب الى عنصر سلبي وخاصة الفقراء والمهشمين!تشكيلات البلطجية انعكاس لحياة التعاسة والخيبة والاخفاق!ويسبب عدم الحزم والتردد والميل الى التسويات والتفاهم واساليب الاغراء والافساد والامتيازات الواسعة والاستحواذ على ثروات الشعب وارهاصات العولمة والرأسمال الاجنبي لا افساد الافراد فحسب بل الاحزاب والنخب السياسية المتنفذة.ويعتبر الطاغية اشاعة الفساد عامل اساسي لديمومته!والفساد هنا يعني بالتأكيد سوء توزيع الثروة وانخفاض القدرة الشرائية والركود والكساد الاقتصادي وانحسار العرض ونقص الانتاج!ويخلق خلل السياسة الضريبية المتبعة الهوة بين النفع العام والمنفعة الخاصة لصالح حفنة من الاغنياء والطفيليين وليستفيد قطاع التهريب من فوضى الاسعار وفقدان السيولة النقدية!وتتشابك ظاهرة البلطجية والرعاع مع ظاهرة الحثالات الطبقية

والجماعات الهامشية!والطائفية المقيتة تهيمن على لغة”البلطجية”والميليشيات المسلحة في العراق،وتسهم في اذكاء واشاعة المزيد من الفوضى!انهيار الأمن،انتعاش المحاصصات،تغييب الملايين!لتصحو البلاد المنكوبة،كل يوم،على جثث الأبرياء والتفجيرات الانتحارية والسيارات المفخخة وعمليات الاختطاف.

التشكيلات الطائفية اليوم هي وريث للتشكيلات الارهابية البعثية!ومن”بلطجية”في العهد الصدامي الى”بلطجية”في العهد الجديد،لكنها هذه المرة دينية طائفية مريرة اجهضت وتجهض احلامنا،وفاقت وتفوق رداءتها كل تصوراتنا!!الزمر التي كانت تمارس التعذيب في سجون الدكتاتورية لازالت حرة وتمارس وحشيتها في الشوارع وفي وضح النهار،وخلفت لنا زمرا جديدة في العهد الجديد تتلمذت في مدارس الزمر القديمة،وتهمة الجنون جاهزة لمن يروي وحشية المعتقلات وبشاعة الاعتقال والتعذيب في بلادنا!

كل مرتزقة”المقاولة العراقية”،اي التشكيلات الارهابية المتواجدة على الساحة العراقية اليوم لا تختلف في جوهرها عن “امارات” المتطرفين التي كانت قائمة في اللطيفية وابوغريب والخالدية والفلوجة والدور،والنجف وكربلاء والثورة!وعن دولة داعش المزعومة في الموصل وتكريت وديالى والانبار،لأنها كلاب امن مدللة تحول الناس البسطاء الى دروع بشرية للعابثين باسم الدين والقومية!لكن القيمة السياسية والمعنوية للطائفية السياسية وتشكيلاتها الارهابية وكلابها البوليسية تهبط دوما مع تفعيل القرار السياسي الوطني المستقل وتأكيد الهوية الوطنية المستندة على فكرة المواطنة المتساوية وعبر بناء مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية والمدنية على اسس مهنية والولاء للوطن وللدستور والنظام الديمقراطي الاتحادي،وعبر بناء دولة القانون والمؤسسات الدستورية.

ان المعلومات التي تشير الى تواطئ كبار الضباط في المؤسسة العسكرية والامنية وضباط الأمن والمتابعة الخاصة بمكتب القائد العام للقوات المسلحة بقضايا تهريب المجرمين وسجناء القاعدة كالتورط بعملية سجن استخبارات الكرادة التي سقط فيها العديد من رجال الشرطة والامن،وبهروب سجناء العصابات الارهابية في التاجي وابو غريب وجرائم القتل بالكواتم واللواصق هي معلومات خطيرة للغاية!وهذا يفسر كون الجناة على معرفة مسبقة بأوقات تحرك الضحايا والطرق التي يسلكونها،ويدل على
دور”البلطجية”التي تختطف وتحرر ضحاياها لتسجل بطولة كاذبة لها،وتشترك تارة مع الشرطة في عمليات المداهمات،وتارة ضدها،ليس لها من صفة رسمية غير انها”بلطجية”!

قبل ذلك اتحفتنا قوات سوات باعتداءاتها القذرة ضد ابناء الشعب العراقي في ساحة التحرير 2010 – 2011،وابناء الحويجة 2013 وقتلت بدم بارد مدرب كرة قدم مغترب عام 2013!وواصل الحرس الوطني والشرطة العراقية موقف المتفرج ان لم يكن الداعم للعصابات الطائفية للاسلام السياسي الحاكم وهي تعيث بالمدن العراقية وخاصة بغداد فسادا،وتردد مقولات القوادين وكل الساقطين”انا القانون.. انا محتكر الحقيقة والحل.. وانا … ” وبأسم الدين والآداب!

لقد لعب القائد العام للقوات المسلحة بقراراته الانفرادية في محاولة قمع الاحتجاجات الشعبية في الانبار مطلع عام 2014 دورا رئيسيا في زعزعة سمعة المؤسسة العسكرية التي تلقت صدمة كارثية اخرى بانسحاب قطعاتها امام داعش في الموصل وصلاح الدين وديالى اوائل حزيران 2014!كما اسهم تمسكه بمقاعد الدفاع والداخلية والامن معا في اشاعة ظاهرة انتهاك الدستور وارادة الشعب العراقي المتمثلة في البرلمان والشرف العسكري!

خلال العامين المنصرمين ارتفعت الاصوات العسكرية البعثية المخصية محاولة دق طبول الحرب في العراق وكردستان،وعادت الجزم العسكرية المعتقة بمراتبها واوسمتها ونياشينها العسكرية لتستعيد بريقها من جديد!كما ترسخت العقلية العسكرية التي كانت سائدة في عهد صدام المتسمة بالحماقات والجهل المطبق والاستعراض البهلواني العدواني لأنها نزعة نخب عصبوية رجعية!وتحولت التقاليد العسكرية في الدفاع عن الوطن وحماية مكتسبات الشعب،تقاليد الضبط والدقة والانضباط والصرامة واللغة العسكرية والادارة العسكرية،تحولت الى مهازل يجري التندر بها!وماذا عن الرشى والفساد في صفقات الاسلحة مع موسكو وبقية عواصم العالم،وضياع ملايين الدولارات العراقية في عقود وزارتي الدفاع والداخلية وفضائح الاسلحة الفاسدة،وحصر التعيينات لأغراض توسيع الحاشية،واستغلال النخب العسكرية لمناصبهم وعلاقاتهم وصلاحياتهم المالية والادارية وما موجود تحت تصرفهم من اموال الدولة لتحقيق المنافع الشخصية بحيث يتحول الضابط من شخص متواضع الامكانيات الى صاحب ثروة ومالك للعقارات والمكائن والسيارات بفضل الطرق الملتوية والحيل القانونية!ووسائل

استعباد الحرس والمرؤوسين وشراء الذمم والبطالة المقنعة…واخيرا تنفيذ عمليات الخطف والقتل والتصفيات بملابس الجيش والشرطة وباسلحتهما وسياراتهما،وعمليات الاغتيال والخطف بمرأى نقاط السيطرة!تحويل شوارع بغداد وبقية المدن العراقية حبلى بالقوات والحمايات التي لا تعرف سوى ازعاج الناس بالمخالفات المرورية والتزمير على الصفارات والسب والشتائم ورمي الاطلاقات بهدف الترهيب!وجعل الغالبية العظمى من اعضاء اللجان الأمنية في المحافظات من اصحاب السوابق والقتلة والمجرمين!وهل لهذه الاعمال صلة بالشرف العسكري الذي يتمشدق به القائد العام للقوات المسلحة؟!

سبب نهج”لا فصل بين السلطات”في ضياع اكثر من 30% من الاراضي العراقية وتوتر المزاج العام للمجتمع وسرعة الاستثارة بسبب الحالة العسكرية وثقافة العنف التي تشبع بها والحروب والتنازع واسلوب استخدام القوة واستعراضها،تزاوج التوتر والمزاج العام القلق مع المفاهيم والقيم القبلية والطائفية ذات الجذور الاجتماعية المتفاوتة الدرجات،فرص التعليم الضائعة لكثير من الشباب حيث حاجة التوترات العسكرية الى الوقود البشري،تدني الذوق العام،اتساع جيوش العاطلين عن العمل!بينما يتسبب الافتقار لضوابط دولية على تجارة الذخيرة في تصاعد وتيرة العنف وصيت اسواق الاسلحة السوداء وتوسع التخندق اللاوطني وارتفاع معدلات العسكرة!وينتزع مهربو الاسلحة اقصى الارباح من توريد الاسلحة وعرضها في الاسواق السوداء.

* حول موضوعة تشجيع التطوع في القوات المسلحة

بنى العراق قواته المسلحة وفقا لقواعد ونظم خاصة به،فاعتمد نظام التجنيد الاجباري ولم يقبل اجانب في قواته.وبلغت فترة التجنيد الاجباري في بلادنا ال 24 شهرا!وصدر قانون التجنيد الالزامي(الدفاع الوطني) في 12/6/1935،وجرى استدعاء اول وجبة تجنيد الزامي في 1/1/1936!لقد تتلمذ في الكلية العسكرية الملكية والكلية العسكرية في العهد الجمهوري خيرة ابناء الشعب العراقي،اساتذته ومثقفيه،حينما كانت للعسكرية العراقية شرف المهنة وحب الوطن.

مع حل المؤسسة العسكرية بالكامل عام 2003 انتهى عهد التجنيد الاجباري،ليبدأ مجددا عهد التطوع!وقد نبهت القوى الوطنية والتقدمية مرارا ان واجب القوات المسلحة العراقية كان ولايزال هو الدفاع عن الوطن

وسلامة حدوده،وان مكان العسكر هو الثكنات العسكرية وليس الشوارع والازقة والساحات،ولابد من التصفية الفورية للميليشيات والعصابات،واحياء التقاليد الثورية والارتباط المصيري بحركة الشعب الوطنية التحررية فالجيش لا يمكن ولم يكن في يوم من الايام ولن يكون محايدا.

شجعت هذه القوى التطوع في القوات المسلحة التي تعمل دون كلل على دحر قوى الارهاب والجريمة وفي المقدمة القاعدة وداعش واستعادة الامن والاستقرار في العراق وتصفية تركة النظام المقبور ووضع حد للتسلح الميليشياتي والمضي في طريق اعادة الاعمار والبناء وبناء مؤسسات الدولة الديمقراطية،وضم العناصر الوطنية الكفوءة الى صفوفها وتخليصها من العناصر الفاسدة والمتقاعسة،وتزويدها بالمستلزمات الضرورية لاداء واجبها الوطني في حفظ الامن والاستقرار وترسيخه.

رغم ما ذكرناه آنفا عن طبيعة القيادة العامة للقوات المسلحة اليوم والسلوكيات الطائفية الخاطئة المدمجة بالرعونة والغباء للقائد العام للقوات المسلحة وارتفاع اصوات المراتب العسكرية البعثية العليا التي تحاول استعادة مجدها وهي تتبوأ اعلى المناصب العسكرية،وكذلك سقوط الموصل وصلاح الدين وقاعدة سبايكر وسجن بادوش وسد الموصل وسهل نينوى والرمادي وعشرات المدن والمعسكرات والمطارات والمواقع العسكرية وتسليمها الى داعش من دون اطلاق رصاصة واحدة…نرى الشبيبة العراقية تهرع الى التطوع في القوات المسلحة وهي تدرك وتعلم علم اليقين ان مصيرها قد لا يكون مختلفا عن محارق وكمائن الموت التي نصبت للشباب العزل ال 1700 الفارين من قاعدة سبايكر والماكثين فيها والذين قتلوا بدم بارد من قبل اعداء الانسانية!

* البيشمركة- قوات الحركة التحررية الوطنية الكردستانية

كثر الحديث وازداد الجدل عن البيشمركة ودورها العسكري اليوم مع اصرار حكومة بغداد رفض دفع مستحقات البيشمركة الابطال ورواتبهم!لقد وضحنا في دراسة سابقة ان البيشمركة- قوات الحركة التحررية الوطنية الكردستانية،هم محاربون اشداء اقوياء لا يهابون الموت،شعارهم ـ كردستان يانمان ـ اي ـ كردستان او المـوت والفناء ـ .وتكونت البيشمركة من:بيش،وتعني ـ قبـل ـ بالكردية.ومركة،وتعني ـ الموت او التضحية ـ .والبيشمركة تعني(ما قبل الموت والتضحية)،اي انهم يسبقون الموت الى الهدف!!..بمعنى آخر..فدائيون.

في تاريخ حركة التحرر الكردستاني اعطى الكرد الآلاف من الشهداء،جميعهم لهم مكانة خاصة لدى ابناء الشعب الكردي.واليوم اصبح للشهداء وعوائلهم ـ دائرة خاصةـ تهتم بعوائلهم وترعـى شؤونهم وشؤون اولادهم ولهم الافضلية في كافة مجالات الحياة.وبعـد انتفاضة آذار 1991 وتشكيل حكومة اقليم كردستان تشكلت وزارة تعني بشؤون البيشمركة،تحت اسم(وزارة شؤون البيشمركة).البيشمركة اليوم جيش منظم ومدرب وتعدادهم بحدود 200000 مقاتل.

البيشمركة – قوات تحررية وطنية ناضلت لعقود من الزمن للوصول الى يوم كهذا اليوم،لها جذورها مرتبطة بجذور الأرض وصولا الى الصخـور والمياه الجوفية واعمق على حد قول الكاتب الكردي احمد رجب.وهم متواجدون على ساحة المعركة الفعلية قبل اكثر من 45 عاما ولحد اليوم!!ياترى من هو هـذا الذي يستطيع ب (شخطة قلم)ان يمحوا التاريخ والجغرافية في آن واحـد؟.

يقول الاستاذ مسعود البرزاني ـ رئيس أقليم كردستان:”نريد الحفاظ على قوات البيشمركة لأنها رمز المقاومة وهي قضية ليست مطروحة للنقاش ولا التفاوض!”وفي مكان آخر يقــول:”لا يمكن حل البيشمركة بقرار من اي دولة او حزب او شخص،سيستمر وجودهم مع تغير واجباتهم!”.بمعنى آخر ليس لأي كان ان يتحدث عن(رمز)من اكبر رموز الشعب الكردي الا البرلمان الكردستاني المنتخب والذي يمثل الشعب الكردي كافة.ويتوزع عنوان”البيشمركة”على منتسبي مختلف الفصائل السياسية الكردستانية،والبيشمركة عالميا يلقبون بالبارتيزان اي الانصار حرفيا!

في الشهرين الاخيرين استطاع البيشمركة في كردستان العراق وبامكاناتهم العسكرية المتواضعة،وفق التكتيك الانصاري في الكر والفر،وانهيار القطعات العسكرية النظامية،صد هجمات داعش داخل محافظات اربيل وكركوك وديالى،واسترجاع سد الموصل..خاصة بعد تدخل الطيران الاميركي!لقد التزمت الادارة الاميركية اقليم كردستان امنيا منذ عام 1991 واقامة منطقة الحظر الجوي،وقد تجاوزت داعش كل الخطوط الحمراء عندما باتت تهدد عاصمة اقليم كردستان!وتشتبك البيشمركة بفصائلها الكردستانية ومنها سرايا الحزب الشيوعي الكردستاني اليوم مع داعش في اعنف معارك الشرف لترد الصاع صاعين على داعش وعلى تقولات ومحظورات الحكومة العراقية المنتهية صلاحياتها!لقد حفر

البيشمركة بحروف من نور وعز دورهم المشرف في عراق المستقبل وكردستان!

* الخاتمة

يبدو جليا دور الدولة والمؤسساتية المدنية في تحديد المفاهيم والقيم وتأطيرها قبل الشروع بالبحث واتخاذ القرارات والتوصيات،ولا يمكن تحديد دور المؤسسة العسكرية بمعزل عن الشعب العراقي،وفي خلاف ذلك يبقى دورها دور وليد ضال ينتظر عودته!

* الابتعاد عن المحاصصة السياسية والطائفية والتجاذب السياسي والتنافس الانتخابي،واعتماد المهنية والكفاءة،الضمانة التي تجعل المؤسسة العسكرية حامية لدستور الدولة وقوانينها وانظمتها ومصالحها الوطنية.

* ان اعطاء دور كبير للجيش في حسم المسائل السياسية يعد خطرا على اي بلد،ولابد من حصر دور القوات المسلحة العراقية والقوات الامنية في المهام الملقاة على عاتقها في المكان المناسب،ووفق ضوابط معينة،كون العملية السياسية اشترطت ان تكون المؤسسة العسكرية تحت قيادة مدنية لكي لا يعود العراق الى الاجواء الانقلابية!

* الثقافة العسكرية تعتمد على مفاهيم الوطنية والديمقراطية وبما ينسجم مع الدستور العراقي الذي اكد على احترام الحقوق المدنية،وتأكيد العيش المشترك والوحدة الوطنية ونشر ثقافة التسامح وحقوق الانسان،ونبذ الكراهية والعنصرية والطائفية والأحقاد القومية.

* استرجاع المدن والقصبات العراقية التي احتلتها داعش وتنشيط العمل الاستخباراتي ضد قوى الظلام والارهاب من اجل خوض الاعمال العسكرية الاستباقية وتقليص الاضطرار لخوض عمليات عسكرية واسعة،والكشف عن اوكار الارهابيين والاسلحة الموزعة بكميات هائلة في سائر انحاء العراق،اضافة الى ما يصل من سلاح جديد للارهابيين.

* لا هيبة للدولة واجهزتها مع انفلات واتساع نشاط الميليشيات،بل ان قوة السلطة وتمكنها من توفير الأمن يمر عبر اجراءات فعالة لحل الميليشيات سواء بتفعيل الأمر(91)لسنة 2004 وبتطويره وفق القانون رقم 13 لسنة 2005 او بغير ذلك من الاجراءات التي

تؤدي،في النهاية،الى حصر السلاح والعمليات المسلحة بيد الدولة واجهزتها المخولة وفقا للقانون والدستور واحكامهما!

* الحكومة العراقية تعلن ليل نهار انها ضد الميليشيات،وتعتبر”الصولات”من انجازاتها،ويوجه القائد العام للقوات المسلحة قوات الجيش والشرطة بمنع التجمعات ذات الطابع العسكري وعدم السماح بإستغلال المناسبات الدينية والقيام بممارسات لا تتعلق بالزيارات في جميع انحاء البلاد،هذا من جهة!ومن جهة اخرى تبارك الحكومة الاستعراضات العسكرية للميليشيات الصديقة المحظورة وغير الرسمية واللا نظامية من جهة اخرى،وبالتالي تسهم في تصعيد التناقضات الخطيرة القاتلة وزعزعة الاستقرار والأمن في البلاد.

* الميليشياتية في العراق هي من آثار الصدامية والنظم الشمولية عموما لعسكرة المجتمع وتحويله الى ثكنات عسكرية بمعنى الكلمة!وهي تعكس النفس الثوري القصير للبورجوازية الصغيرة بهدف تعطيل المشاركة السياسية وتهشيم المؤسساتية المدنية بأسم الاصلاحات الجزئية ومعاداة الاستعمار ومقاومة الاحتلال وتصحيح المسار السياسي!ليتحول ابناء الشعب الى كائنات مغلوبة على امرها تتحرك بدافع الحياة والاستمرار ليس الا!وبعيدا عن حجمها واسمائها وتصنيفها ومرجعيتها وأجندتها السياسية،وأساليب العنف التي تستخدمها،ومدى مشروعية وجودها القانوني في الساحة السياسية،او حجم التعاطف الشعبي معها في الشارع،فانها ظاهرة غير صحية بل ظاهرة كارثية لا يمكن ان تستقيم الامور وتسير العملية السياسية وتترسخ الممارسة الديمقراطية بوجودها،اذ ان هذا الوجود يؤشر ايضا الى ضعف الدولة ومؤسساتها العسكرية والامنية!وهي تعتمد سيادة الدولة والقانون والديمقراطية في افضل الاحوال لغايات تكتيكية،ولها اسماء والقاب كثيرة!ومهما اختلفت الاسماء وتعددت يبقى مجال عملها واحد،هو مراقبة الناس والحد من حريتهم والانتقاص من اخلاقهم والاعتداء على اعراضهم.وتعاظم دورها يؤدي الى المزيد من التمترس ومفاقمة الأوضاع،فضلا عن خروج مجاميع متطرفة منها على السيطرة،تمتهن الاجرام والقتل والخطف”والعلس”..الخ.والميليشيات كذراع عسكري لمنظمات

واحزاب سياسية او كأدوات مسلحة لتنفيذ اهداف سياسية محددة،يجري توظيفها في الصراع التنافسي على السلطة،وفي التصفيات واعمال التطهير الطائفي!انها تشيع من خلال الاعمال الاستفزازية والارهابية انها تستطيع ان تتحكم في الشارع وتستطيع ان تقتل وتذبح،وانه لايمكن تجاهلها،والهدف من هذه الاعمال تعطيل الحياة وخلق الارتباك والهلع بين المواطنين.

* تسليح الاهالي والشارع بأنواع الأسلحة وبشكل مقنون ورسمي عمل خطير جدا قد يقلب الطاولة على الجميع بمن فيهم الاحزاب الحاكمة!

* الحد من تسرب اسلحة المؤسسة العسكرية الى جهات مجهولة غير نظامية،والى الميليشيات وفلول البعث وتنظيمات القاعدة،والعصابات الاجرامية.

* المعالجة الهادئة والمسؤولة لموضوع الصحوات ومجالس الاسناد وحمايات المسؤولين الجرارة باتجاه لجم محاولات عسكرة المجتمع وخلق ميليشيات دولة. ان من أهم واشد المصائب التي تهدد الأمن الداخلي هي كثرة وانتشار السلاح بيد خارجة عن سلطة الدولة!

* قانون مكافحة الارهاب رقم (13) لسنة 2005 شرع لمواجهة الارهاب،ويبدو ان البعض من متنفذي الحكومة المركزية يفسروه حسب هواهم واهواءهم ومطامعهم!

* الاستفادة من تقنيات التدريب الحديث واكتساب المهارات والمعارف العسكرية والفنية المتطورة.

* الدراسة المستفيضة لاعادة العمل بالخدمة العسكرية الالزامية واعادة التوازن الى بنية المؤسسة العسكرية.

* تنشيط الرقابة على الحدود العراقية الطويلة مع الدول المجاورة من كل الجهات،والتي من خلالها دون استثناء يمر الارهابيون وتمر المساعدات المرسلة لهم الى داخل العراق.

* تحسين الاداء الحكومي،والاستخدام الجيد للموارد المالية المتزايدة وتحسين ادارتها بكفاءة وفاعلية باتجاه خلق قاعدة تنموية ديناميكية،والنهوض بالاقتصاد العراقي وتشجيع وتحفيز ودعم القطاعات الوطنية المنتجة،وتحقيق تقدم في ملف الخدمات والتصدي بفاعلية للفساد والمفسدين وتنشيط دور الاجهزة الرقابية وضمان

حياديتها واتاحة الفرصة لها لاداء مهامها(لم يعد مقبولا ان يبقى العراق دون سياسة اقتصادية – اجتماعية مدروسة جيدا وموجهة للتنمية الصناعية وتحديث الزراعة!ولم يعد مقبولا تفشي مظاهر الفساد الاداري والمالي والعسكري دون معالجة تذكر!)،وتفعيل دور الجماهير والاحزاب ومنظمات المجتمع المدني،وتوفير فرص عمل للعاطلين،ولايقل اهمية عن ذلك،ترسيخ المصالحة الوطنية والوصول بها الى غاياتها واهدافها والتطبيق السليم لمساراتها وآلياتها وخلق اجواء ايجابية بين الاحزاب والكتل السياسية وتنشيط عملية الحوار واشراك الجميع في تحمل مسؤولياتهم،وضمان ادارة سليمة لملف علاقات العراق مع الدول العربية والاقليمية والعالم.

* على صخرة التنسيق العسكري بين البيشمركة والقوات المسلحة تتحطم داعش واخواتها!والعمل من اجل تنشيط العلاقات والحوارات الفكرية والسياسية بين الحكومة الاتحادية وحكومة اقليم كردستان لحل المشكلات المعلقة والعمل على تعزيز التفاهم وفق قواسم مشتركة.

* ان كل حديث عن استتباب للامن،دون اسس حقيقية راسخة،يبقى مجرد وهم يكشف عن تجاهل لارادة الناس،واستهتار بارواحهم،واستهانة بآلامهم وتضحياتهم.لان الامن الذي يتطلع اليه الملايين ويحتاجه ضمان العملية السياسية ووجهة تطور البلاد الاجتماعي،لا يمكن ان يتحقق ما لم يكف السياسيون”المقررون”عن الاحتراب على النفوذ والامتيازات في ظل منهجية المحاصصات،وما لم يكن ولاء اجهزة الامن للوطن لا للطائفة،وما لم تقم على اساس الكفاءة والنزاهة لا الكسب والاستئثار الحزبي الضيق ونزعات”التسييس”.

* من دون تصفية الجريمة،في اطار خطة متكاملة،سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وعسكرية،لا يمكن اقامة دولة عصرية تحقق للجميع الأمن،وتحمي حياة الانسان وحقوقه،وتستند الى المواطنة،وتوفر فرص العمل المتكافئة،وشروط العيش الكريم ..

* ان الحكومة العراقية رغم ما انجزته من خطوات على طريق ارساء قواعد الامن في العراق،الا انها لا تعمل بشكل منسق،وكل طرف فيها يعزف على هواه!تعدد الاجهزة الامنية يتعارض مع السياسة الفاعلة

للتصدي للعابثين بأمن البلاد ويتعارض مع قواعد الديمقراطية التي تفترض وجود مركز امني واحد يقوم بوظيفة الحفاظ على الأمن.

* يسمع المواطن العراقي اخبارا متضاربة حول المعتقلين واحكام تصل الى حد الاعدام ضدهم ومنهم من جنسيات غير عراقية،دون الكشف عن تفاصيل افعالهم سواء عن طريق عرضهم على شاشات التلفزة او اجهزة الاعلام الاخرى بما يعني تبصير المواطن ورفع وعيه بأساليب هذه الاطراف.ويسمع المواطن العراقي اخبارا متضاربة حول التعذيب وانتهاكات حقوق الانسان داخل السجون العراقية،وقيام ضباطا كبار بالاشراف على هذه الافعال المشينة،وكذلك عن فساد الوزراء وكبار المسؤولين في الحكومة العراقية،الا ان الاجهزة القضائية تتردد في متابعة المتهمين،بل يتم التغاضي عنهم بحجج قانونية غير رصينة مما يتيح لهم التهرب من وجه العدالة!من واجب السلطة القضائية ان تدرك ان العراق في حالة حرب ضروس ضد اعداء متمرسين بالقتل والتخريب والفساد مما يستدعي القيام باجراءات استثنائية مع التقيد بمعايير حقوق الانسان الذي يجب ان نلتزم بها كدولة ديمقراطية.ولابد من فتح السجون والمعتقلات امام نواب الشعب والصحافة والاعلام،والبت بوضع الموقوفين وفق المادة 4 ارهاب والموقوفين السياسيين،وتطبيق البنود الخاصة بحقوق السجين والمعتقل فورا!

* تفادي التخبط الحكومي في طمس الحقائق ومحاولة تشويه وعي المواطن بالاجراءات الهستيرية الفاضحة كتشكيل غرف العمليات ومنع التجول وتشكيل لجان تحقيق لا تكشف عن نتائج اعمالها،وتعيين المخصصات لأعالة ضحايا التفجيرات والتعتيم مع سبق الاصرار على استمرار الاغتيالات بالجملة والمفخخات والعبوات الناسفة واللاصقة وكواتم الصوت والسيطرات الوهمية والاختطاف الجماعي والفساد!

* تحديد صلاحيات القضاء العراقي والمحاكم الاتحادية وفضح التدخلات السافرة للسلطات التنفيذية والتشريعية في شؤونه لأن استقلالية القضاء تفرضها الضرورة مثلما تلزمها النصوص الدستورية،وتعني بالاساس بناء قضاء مستقل قوي بعيدا عن الانتماءات دون الوطنية واللوبية الضاغطة،ويعتمد على رموز قضائية تتمتع بالكفاءة والخبرة والنزاهة والوطنية والحيادية(لا الرموز الاجرامية وسيئة السمعة والسيرة والسلوك)،والاستفادة من تاريخ القضاء العراقي وتعميق

منهج حقوق الانسان في عمل المؤسسة القضائية واعادة بناء وتأهيل المنظومة القضائية وترميم ماهدمته السلطات البائدة من قيم واسس واعراف قضائية كانت تشكل مقومات البناء القضائي في العراق والحذر من اعادة انتاج السواني والمجالس العرفية والمحاكم الثورية والخاصة ومحاكم امن الدولة ومحاكم الميليشيات القروسطية وتهديدات ومضايقات الجهلة والاميين،الى جانب تعزيز دور قضاة التحقيق والنظام القضائي الذي يفصل بين سلطة التحقيق والاتهام…ذلك وحده من شأنه ان يكرس من عدم تواجد اي كان فوق القانون…

أحدث المقالات

أحدث المقالات