أن توغل القوات التركية في شمال الموصل ومناطق من كوردستان العراق وفتح سفارة للكيان السعودي في بغداد لم يأت بالصدفة بل بتحرك أميركي كان يراد منه تنفيذ المشروع التآمري التقسيمي على العراق ودول المنطقة.وبين أن الصمت الأميركي رغم وجود اتفاق استراتيجي مع العراق تجاه تجاوزات الأتراك يؤكد وجود اتفاقات سابقة مبطنة بين الطرفين لوضع موطئ قدم لتركيا في شمال العراق لتأمين تجارة داعش للنفط المهرب من سوريا والعراق ولتسهيل مرور الارهابيين والأسلحة..
ومن هنا فأن المطالبين بدخول قوات برية الى العراق من السياسيين وتشكيل الحشد العربي يريدون من خلاله تقسيم البلاد لان تواجد هذه القوات يعني ان هناك مشروع يراد منه تقسيم العراق وحماية مكون دون اخر رغم ان نينوى تمثل عراقاً مصغراً تاريخياً ويعد انتهاك للسيادة الوطنية ولاغبار عليه من ان دخول القوات التركية والاصرار على بقائها يؤكد ما قلناه مراراً بان تنظيم داعش هو مبرر لدخول القوات البرية.
والواقع فأن تركيا ومهما أعلنت أنّها تحارب داعش أو الحركات الإرهابية، فإنّها أبقت باقية في التعامل مع داعش والحركات الإرهابية واليوم تحاول انقاذ هذه الشرذمة من خلال غطاء عسكري وفتح الحدود العراقية – السورية للهروب والتجمع داخل الاراضي السورية ، وساعدت انقرة تنظيم داعش ليعيش طوال هذه المدة من خلال شراء والمتاجرة بالنفط المسروق منه، وليس هذا فحسب؛ بل إن نظرة في نتائج التحقيقات والإعترافات لعناصر داعش التي وقعت في قبضة الأمن العراقي أو السوري والعديد من الاعضاء الذي تخلوا عن هذه المجاميع المجرمة تكشف عن أن تركيا كانت هي مَن سهّل عملية نقل وإنتقال أكثر هذه العناصر الإرهابية الى العراق وسوريا،
لقد ساهمت انقرة بشكل مباشر في نمو الجماعات الإسلامية المتطرفة، وصولا إلى اتهامات صريحة للقيادة التركية بدعم تيار الاسلام الراديكالي من قبل قيادات سياسية فاعلة في العالم والمنطقة، وقد كان ما نسب للملك عبدالله الثاني في أن تصدير المتطرفين إلى أوربا هي سياسة تركية منظمة ، وفي بيئة سياسية مشحونة بإمكانية صراع حقيقي بين تركيا وعدد من الدول الأوربية، ، حيث بلغ الصراع ذروته في الإقليم وانتشر شمالا إلى القوقاز، في ظل كل هذه التعقيدات نجحت الحكومة التركية في تحقيق مكسب دبلوماسي كبير في إنجاز اجتماع القمة لمنظمة التعاون الاسلامي الذي عقد في استانبول يومي (14-15/4/ 2016)، تلخصت المكاسب في تحقيق تركيا لأجنداتها الإعلامية بتبليغ رسالتها الأيديولوجية – السياسية في المقام الأول، مما زاد من مستوى التوتر السياسي وحدة الصراع في منطقة الشرق الأوسط.
لقد استغلت تركيا اجتماع قمة منظمة التعاون الاسلامي كغطاء لتبرير سياساتها وحربها على الشعب الكوردي ، من جديد اثر توقف القتال للسنوات بعد اتفاق مبرم بينهما سابقاً للوصول للحل السياسي والتعتيم على عمليات الإبادة الجماعية التي إقترفتها في مدن ذات تاريخ إسلامي أصيل كجزيرة إبن عمر وياربكر (آمد)، فمررتها كحوادث روتينية لمكافة (الارهاب)، لقد بلع المجتمعون في استانبول الطعم وكأن المدن والقرى الكوردية التي تدمر حاليا تقع ضمن بلاد الكفروليسوا بالاخرة مسلمين ويعيشون في بلاد اسلامية وحكومة تدعي الاسلام ، وأن المدنيين الذين يقتلون هم ليسوا بمسلمين! لقد روجت الحكومة التركية لحلها العسكري للمسألة الكردية، إذ اتهم في وقته الرئيس رجب أردوغان في مؤتمره الصحفي حزبي العمال الكوردستاني وحزب الإتحاد الديمقراطي بالإرهاب دون إعتراض من القادة المجتمعين..
حكومة اردوغان كسبت نتائج المؤتمر كونها دولة مضيفة وتركيزه على تقديم الدعم لكل الجماعات والمجموعات الأثنية الاسلامية في الدول غير الاسلامية، مع إهمال حقوق المسلمين المضطهدين داخل الدول ذات الغالبية الاسلامية وخاصة حقوق الشعب الكوردي، تؤكد على انحياز البيان وإغراقه بهموم السياسة التركية،حتى ان محتوى البيان كان منحازاً ومتعصباً، يغطي على الجرائم داخل الدول الاسلامية وخاصة تركيا.
وهذا ما ترجمه رئيس المؤتمر أردوغان في مؤتمره الصحفي بأن المقاومة الفلسطينة مشرفة مع (احترامنا لها ولكل الشعوب التي تدافع عن حقها في تقرير المصير ) في حين وصف تحركات حزب العمال الكوردستاني بالأعمال الإرهابية ، وقارنها بإرهاب داعش سبحان الله ، دون أن يعترض على التوصيف أحد من القيادات الاسلامية المشاركة في القمة .
ومن هنا كان التعاون الذي كشف عنه موقع ” «هافنغتون بوست» عن محادثات جرت بين الحكومتين التركية والسعودية كان يهدف في حينه لتشكيل تحالف عسكري ينهي نظام الأسد. وأشار الموقع لدور قطري في هذه المحادثات. وبموجب الخطة ستقدم تركيا القوات البرية فيما ستقدم السعودية الطائرات وتشن غارات جوية. وقال الموقع إن أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أبلغ الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن المحادثات التركية – السعودية، وذلك عندما زار البيت الأبيض في شباط/ فبراير2015″
ولاشك إن تهيأت الظروف للقيادة التركية الحالية للتفرد برسم سياسات منظمة التعاون الاسلامي في السنوات القادمة، فإنها قد تحولها إلى منظمة راعية للتطرف الاسلامي مع جل تقديرنا للبلدان التي تحارب التطرف ، تخدم أجندات الطوارنية التركية بثقافتها التاريخية الغازية لآسيا الصغرى كذلك ومن هنا فان موسكو تتابع الامر بحذر وتركية الاردوغانية هي تتطلع دوما لغزو أوربا بالعديد من الطرق والوسائل. إن مقترح أردوغان بتشكيل منظمة تمثل المسلمين في أوربا فصحت عن نواياه وطموحاته في المزيد من التدخل في الشأن الأوربي الداخلي،وخاصة في فتح حدودها للهجرة عن طريق منافذها الحدودية صوبها ولتحقيق مستوى جديد من الإستثمار السياسي والتهديد لدول الاتحاد الأوربي . القيادة التركية قد إرتبطت عضوياً مع عجلة المصالح الغربية ومشاريعها المشبوهة في المنطقة، ولا أظن أنّها سوف تقوم بتغييرات مفيدة في مواقفها بالنسبة للمنطقة في ظل قيادة اردوغان ولا تجني منها سوى الخوف والرعب والدمار ومزيد من التوتر …