23 ديسمبر، 2024 5:59 ص

القوائمُ الانتخابية المتنافسة تكشفُ عن قضايا مؤلمة

القوائمُ الانتخابية المتنافسة تكشفُ عن قضايا مؤلمة

منذ بضعة أيام وما تزالُ أغلبُ القوائم الانتخابية في العراق ( من أحزاب وأسماء ) تتحركُ عبرَ وسائل الاعلام وخصوصا القنوات الفضائية للتعريف بذاتها وكسب ودّ المواطنين لها ، ولكن يبدو أنها جميعاً اشتركت بأسلوب واحد يتضمن تسقيط القوائم الأخرى بالكشف عن تفاصيل كثيرة في عمليات الفساد الإداري والمالي والعمليات الارهابية . وبدلاً من عرض برامج انتخابية علمية مدروسة في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للمستقبل القريب ( وهي تكادُ أن تكون معدومة ) ، فان تلك القوائم ترى أن اسلوب فضح الآخرين والايقاع بهم أفضلُ طريق لمغازلة قلوب الناخبين . ووفقاً لهذا الاسلوب تم الكشف عن قضايا في غاية الخطورة والاجرام والاستهانة بثروات البلد وسيادته وكرامته . والسؤال المطروح : ان كانت تلك القوائمُ كاذبة في ادعاءاتها وما ذكرته من تفاصيل مؤلمة لا يتعدّى التأليف المفبرك من أجل تشويه صور بقية المرشحين ، فهذه مأساة حقيقية لا يمكن السكوت عنها . لأن الكذب بهذه الطريقة البشعة الرخيصة ينعكسُ سلباً على القائمة ذاتها ، وبالتالي فهي لا تصلحُ لقيادة البلد مستقبلا أو حتى المشاركة في قيادته في أي موقع من المواقع . وان كانت صادقة في كل التفاصيل التي ذكرتها ، فهذه الطامة الكبرى التي تدفعنا لإعادة النظر في أمورنا على مدى السنين الماضية والآتية . مع العلم أن بعض القضايا التي ذكرتْ تجاوزت الخطوط الحمراء وتحت الحمراء لفظاعتها وخطورتها على العراق ( وطناً وشعبا ) كما أنها تفتحُ الأبواب على مصاريعها لتقييم العملية السياسية برمتها وتقييم المسؤولين منذ عام 2003 ولحد الآن . فالعراق ليس حقل تجارب كما يتصورُ البعض ، وليس مختبراُ كيميائيا أو فيزيائيا لإجراء تجارب دول الجوار أو الدول الاقليمية فيه ، وليس ضيعة منهوبة مفتوحة لكلّ من هبّ ودبّ أن يتمتع ويستمتع بها . العراق كبيرٌ بكل شيء وهوَ لا يمكن أن يستمرَ على هذا المنوال ، وعلى الرؤوس المتحجرة العفنة أن تفهم أن الشعب العراقي ليس غبياً الى هذا الحدّ الذي سيسمحُ لها بالاستمرار على نهج ( الضحك على الذقون ) . لقد بدأ العراقيون بكل طوائفهم واتجاهاتهم يدركون أكثر من الماضي حجمَ المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقهم ، ولابدّ أن يثبتوا للتاريخ استعدادهم لتحمل هذه المسؤولية الثقيلة . ومن أجل اثبات وجودهم وتصحيح المسارات الخاطئة عليهم قبل كل شيء عدم اللجوء الى العاطفة الدينية أو المذهبية أو العرقية ، فهذه العاطفة هي التي صنعتْ الخرابَ والدمار . وعليهم أن يسألوا أنفسهم هذا السؤال المنطقي : ماذا قدّم المسؤول الشيعي للشيعة بعد أن انتخبوه ، وماذا قدّمَ المسؤول السني لأهل السنة بعد أن انتخبوه ، وماذا قدم المسؤول الكردي للكرد بعد أن انتخبوه ؟ يشهدُ الله أن المسؤولين الذين انتخبناهم لا يفكرون الاّ بأنفسهم وبمصالحهم وبأحزابهم . ومن هنا على العراقيين أن يكونوا أكثر جرأة وشجاعة لمعاقبة من خذلوهم وتركوهم يعيشون معاناة الضياع .