القطيع: الطائفة من الغنم وغيرها
القطيع من الشجر : الغصن يقطع منها
الفظيع: المثير للغيظ والألم , ما جاوز الحد في القبح.
تتكرر كلمة “قطيع” في الكتابات المنشورة , وتنطلق من أقلام متعالية نرجسية , ذات دوافع لا واعية سيئة الإتجاهات.
فالقول بالقطيع أن جماعة من البشر أيا كان عددها تقطع من المجتمع , وكل مقطوع يفقد أسباب الحياة ويكون في عداد الأموات , والمندرسات والمندسات في التراب.
وهذه المجموعة المقطوعة تخندقت وتمترست وانعزلت , وصارت ذات رأي ومنهج واحد , وأمعنت في مغالاتها وتطرفها وعدوانيتها على غيرها.
وهذا التوصيف يعوزه الدليل والتفسير العلمي المنهجي , فالبشر لا يكون قطيعا مهما توهمتا , لأنه مخلوق عاقل , وفي رأسه دماغ , ورغما عنه يمتلك عقلا , وهذا العقل فاعل وإن توهمنا غير ذلك , لأن نداءات البقاء تفرض عليه إعماله بما يساهم في المحافظة على وجوده وديمومة كيانه النوعي.
إن وهم القطيع جاءت من التجمعات الطبيعية التي تحصل للبشر عندما تنهار القوة الفاعلة في الوطن , وتغيب القوانين وتموت الدساتير , وتفقد السلطة دورها وهيبتها , فينطلق شعور الخوف وغياب الأمان , مما يدفع بالناس إلى النكوص والعودة للتجمع في كينونات تحميها وتمنحها الشعور بالأمان , ولهذا تجدها تنحدر إلى إنتماءات فرعية كالعشائرية والقبلية والمناطقية والفئوية بأنواعها , لكي يشعر الفرد بأنه ينتمي إلى حالة ما , لأن الإنتماء الوطني فقد قيمته وأهميته , وهذه التفاعلات الكيانية الصغيرة لا تستمر طويلا , لأن إرادة الحياة المعاصرة لا تتوافق معها , ولابد من الإنتماء الأوسع والتسامي المطلق , والخروج من القواقع الصغيرة الضعيفة , التي تستعملها القوى الخارجية لتأمين مصالحها في البلد المستهدف , فتجدها قد تجردت من مفرداتها الأصيلة وتقاليدها المتعارف عليها , وذهبت بإتجاهات ضارة وذات آثام وخطايا مروعة , فتضطر لليقظة والعدول عن سلوكها الذي لا يساهم في تأمين وجودها الإنساني المعاصر.
وهكذا فأن ما يحصل في أي مجتمع لا يتوافق ومنطلقات العصر فأنه سيزول حتما , وتذوب الأجيال في وعائها الوطني الظامن لوجودها العزيز.
د-صادق السامرائي