17 نوفمبر، 2024 7:14 م
Search
Close this search box.

القطيع والفظيع!!

القطيع: الطائفة من الغنم وغيرها

القطيع من الشجر : الغصن يقطع منها

الفظيع: المثير للغيظ والألم , ما جاوز الحد في القبح.

تتكرر كلمة “قطيع” في الكتابات المنشورة , وتنطلق من أقلام متعالية نرجسية , ذات دوافع  سيئة الإتجاهات.

فالقول بالقطيع أن جماعة من البشر تقطع من المجتمع , وكل مقطوع يفقد أسباب الحياة ويكون في عداد الأموات , والمندرسات والمندسات في التراب.

وهذه المجموعة المقطوعة تخندقت وتمترست وانعزلت ,  وصارت ذات رأي ومنهج واحد , وأمعنت في مغالاتها وتطرفها وعدوانيتها على غيرها.

وهذا التوصيف يعوزه الدليل والتفسير العلمي المنهجي , فالبشر لا يكون قطيعا مهما توهمتا , لأنه مخلوق عاقل , وفي رأسه دماغ , ورغما عنه يمتلك عقلا , وهذا العقل فاعل , لأن نداءات البقاء تفرض عليه إعماله بما يساهم في المحافظة على ديمومة كيانه النوعي.

إن وهم القطيع جاءت من التجمعات  الطبيعية التي تحصل للبشر عندما تنهار القوة الفاعلة في الوطن , وتغيب القوانين وتموت الدساتير , وتفقد السلطة دورها وهيبتها , فينطلق شعور الخوف وغياب الأمان , مما يدفع بالناس للنكوص والعودة للتجمع في كينونات تحميها وتمنحها الشعور بالأمان , ولهذا تجدها تنحدر إلى إنتماءات فرعية كالعشائرية والقبلية والمناطقية والفئوية بأنواعها , لكي يشعر الفرد بأنه ينتمي إلى حالة ما , لأن الإنتماء الوطني فقد قيمته وأهميته , وهذه التفاعلات الكيانية الصغيرة  لا تستمر طويلا , لأن إرادة الحياة المعاصرة لا تتوافق معها  , ولا بد من الإنتماء الأوسع والتسامي المطلق , والخروج من القواقع الصغيرة الضعيفة , التي تستعملها القوى الخارجية لتأمين مصالحها في البلد المستهدف , فتجدها قد تجردت من مفرداتها الأصيلة وتقاليدها المتعارف عليها , وذهبت بإتجاهات ضارة وذات آثام وخطايا مروعة , فتضطر لليقظة والعدول عن سلوكها الذي لا يساهم بتأمين وجودها الإنساني المعاصر.

وهكذا فأن ما يحصل في أي مجتمع لا يتوافق ومنطلقات العصر فأنه سيزول حتما , وتذوب الأجيال في وعائها الوطني الظامن لوجودها العزيز.

“لاتيأسوا أن تستردوا مجدكم…فلرب مغلوب هوى ثم ارتقى”!!

أحدث المقالات