القطيع: الطائفة من الغنم وما شابهها
الراتع: المقيم في المكان
والمقصود بالقطيع هنا البشر المقيم في حضائر الضلال والبهتان , والذي عطّل عقله , وصار يتبع ويردد ما تتفوه به العمائم المتاجرة بدين.
ومشكلة المجتمعات عبر العصور أن النسبة العظمى منها تنخرط مع القطيع الراتع , والقلة القليلة هي التي تنطلق بصناعة الحياة بحاضرها ومستقبلها , ولهذا فأن الأفراد هم الذين يؤسسون للبنى الحضارية , والقطيع يتبع.
وفي الزمن المعاصر هناك إتجاهات لتشجيع القطيع وتحفيزه للخروج من حضائره المسجون فيها , وهي متنوعة وذات كينونات متباينة , لكنها فاعلة فيه وقابضة على مصيره , ويأتي في مقدمتها الإستعباد بالطائفة والمذهب والأضاليل من قبل موجودات يتم إضفاء سمات وخواص عليها غير موجودة عند عامة القطيع.
والتحدي الأكبر الذي يواجه هذا الإتجاه أن الذين تعوّدوا التبعية من الصعب عليهم التصرف بمسؤولية وحرية , وهذا يشابه الموقف الذي يمنع المقيمين في الأسر لزمن طويل من الإنطلاق في الحياة كما كانوا قبل الأسر , أي أنهم بحاجة لتأهيل وترويض وتنمية للثقة بالنفس.
ومن هنا فأن المجتمعات المقننة في حضائر ذات آليات قطيعية وترتيعية , لا يمكنها أن تتحرر من قبضة مستعبديها إلا بولادة أجيال خارج الحضائر , وهذا السلوك يتم محاربته من قبل المستفيدين من القطيع , ولهذا فأنهم يركزون على الأجيال الجديدة منذ الصغر لتبليدها وإعدادها لتكون مسلوبة الإرادة عاطلة العقل.
إذن كيف الخروج من معتقلات القطيع الراتع؟
تتحمل النخب في المجتمعات المسؤولية الأولى ويتوجب عليها أن تمارس جرأة إعمال العقل , وتتصدى للدجل والبهتان وتفنده بالحجج والأدلة والبراهين , التي تقنع العامة بلغة واضحة ومؤثرة.
ولا يوجد خيار أفضل من منازلة النخب لأكباش القطيع بأنواعها ومسمياتها ومظاهرها , وما تبدو عليه وتدعيه من الأفك والبهتان المبين , الذي تبثه كالأفيون بين الناس.
فهل من قدرة على المواجهة والتحدي؟!!