22 ديسمبر، 2024 8:38 م

القضاء و الدولة العملية 

القضاء و الدولة العملية 

نستعير مفهوم العمل أو العملية من المباحث الفكرية التي تتموضع في الفلسفة و الفكر العملي ، في إشارة إلى البعد الإجرائي للنظريات ، و مفهوم العمل من المباحث المهمة في  الفكر المعاصر ، خاصة بعد طرح بؤس الفلسفة لكارل ماركس ، و في الحديث عن أزمة الدولة العراقية تتضح أزمة الجوانب العملية في التصورات التي توضع لمشروع هذه الدولة ، و لعل أبرز معالم هذه الأزمة هو مستوى غياب الأليات و الأدوات الإجرائية الدستورية و القانونية و كل ما يمثل البعد العملي  لفلسفة الدولة الوطنية .
و أما ربطنا في العنوان للقضاء بالبعد العملي، لأن السلطة القضائية الاتحادية نجحت بدرجة جيدة في هذا المشروع ، و ذلك عبر توكيد وظيفة الدولة في حياة المواطنين ، و قبل الحديث عن كيف حصل هذا ، علينا الإشارة إلى أن واحدة من أبرز أزمات مشروع الدولة العراقية هو صراع الدولة و الا دولة ، و من أبرز معالمه هو اعتماد المواطنين العراقيين على وسائل لحل النزاعات و الخلافات بعيدا عن مؤسسات الدولة ، و هي في العادة وسائل عرفية غير قانونية ، و هي و سائل فضلا عن تخلفها تشكل واحدة من أبرز أسباب الصراعات و التخلف الاجتماعي و الثقافي .
القضاء العراقي و في مساعي تطوير عمل مؤسساته ، و هو كذلك كما قلنا يحقق توكيد وظيفة الدولة في حياة الناس عمد إلى استحداث محاكم مختصة بشؤون الصحفيين و الأطباء و الأسرة و العمال و الرياضيين و محاكم أخرى للتجارة و الكمارك و المقاولات فضلا عن محاكم مختصة بالإرهاب و النزاهة ، مؤكدا أن الحديث عن هذه المحاكم يتضمن أبعاد تنظيمية يرتبط بعموم المحاكم و كذلك ما يرتبط ببعد الإختصاص في العمل القضائي ، إلا أن ما يهمنا على الاقل في هذا المقال هو بُعدْ أن لكل شأن من شؤون المواطن العراقي بإختلاف توجهاته الحياتية و العملية هنالك جهة قضائية تمثل الوجه الرسمية للعدل ، و هذا يشكل عمق الفلسفة العملية للدولة ؛ و عمل حقيقي في تطوير اليات فكرة الدولة الوطنية .