ترتبط الأزمات المختلفة في العراق بعضها بالبعض الآخر بشكل عضوي ، وعضويتها تتحرك بصفتها حركية سببية و مصلحية ، وهذا ما يفسر عدم نجاح الكثير من الجهود الاصلاحية او التصحيحة ، لانها تستهدف حلقة داخل سلسلة ، و بهذا لن يكتب النجاح لاي مشروع اصلاحي إلّم يتحرك في ميدان المناطق الجوهرية و الكلية في الاصلاح ، فضلا عن هذا التوصيف الراهن هنالك الأزمة التي لا تقل عن سابقتها وهي تلك المرتبطة بالصيرورة البنائية للازمات المختلفة ، فمثلا في السلطة التنفيذية لا يمكن التأشير على كل مشاكلها و ازماتها من غير معرفة صيرورة الحكم في العراق ، مما أحدثته هذه الصيرورة ما يعرف بـ ( العرف السياسي ) الامر هذا حتى و إن لم يكن له أساس دستوري أو قانوني إلا أنه ( أي الاعراف السياسية ) لها من القوة ما يجعلها تطوع الدستور و القانون إلَّم تخالفه و تفرغه من مضمونه ، فالمحاصصة و التوافقات و عناوين متعددة في التوجه و العمل هي نتائج للموروث البعيد أو القريب ، الامر هذا قد يوضع له حد على المستوى النظري إلا أنه كسلوك يبقى عصي على التبدل مهما أراد القانون أن يبدله لان القانون في النهاية نص جامد بإمكان المصالح أن تطوعه بما تشاء ، هذه المقدمة ضرورية جدا عندما يأتي الحديث عن ( الارتباط المبدأي ) و هو عنوان يمكن استخدامه في اي حقل تخصصي تشكل فيه عملية المجايلة عملية ارتباطية ، ففي الكثير من الحقول المهمة في الحياة كما في التعليم و الفنون مثلا يلاحظ أن هنالك مجايلة ( الارتباط المبدأي ) ويتولى فيها الاساتذة الحفاظ على نقل الدور و ما يعبرعنه دائما بـ ( الامانة ) إلى النجباء من طلابهم و هكذا ، وهذا يبدو واضحا كثيرا في السلطة القضائية في العراق ؛ ففي هذه السلطة التي تتهم بإنها صندوق مغلق ؛ عمل رجال القضاء العراقي وهم النخبة منذ نصف قرن من الزمن على أن يتحرك التأريخ القضائي وفق الصيرورة التي تحميه من كل ما اصاب مرافق الحياة الاخرى ، و لذلك لا تجد في هذه السلطة إلا من يعتبر جزء من تأريخ يمتد على مستوى الذوات و الفكر و السلوك إلى هوية القضاء العراقي بصفته سلطة في دولة وطنية بعيدا عن تفاعلات المصالح و الايدولوجيات ، و يمكن للتمثيل على ذلك في ما حدث في المنعطف التأريخي الذي حصل في العراق في العام 2003 ، عندما عمل القضاة على استحصال تشكيل مجلس القضاء الاعلى و إحراز مبدأ الاستقلال ، و اعتزال تفاعلات الاعراف التي حكمت ولا زالت الواقع العراقي .