18 ديسمبر، 2024 11:07 م

القصص القرآنية …وجدلية الحق المطلق…من يتعظ..؟

القصص القرآنية …وجدلية الحق المطلق…من يتعظ..؟

القصة لغةً تعني : أسم حدث معين ، وأصطلاحاً : تعني المحتوى له . هي
حكاية مكتوبة ،أو مروية ،أو منقولة تُستمد من الواقع او الخيال ،أو منهما معاً..تحتوي على موضوع أو موضوعات واقعية حدثت فعلاً ،او خيالية تصورية ، تروى على سبيل العضة والأعتبارأنظر” المعاجم العربية “.
كل القصص المروية تأتي من مصادرها الأساس حسب ما يرويها أصحابها،سواءً كانت واقعية او خيالية مصطنعة جاءت للتسلية أوللعضة والاعتبار، كقصص الف ليلة وليلة ، وقصص الأيام الغابرة التي لا زالت تُذكرنا بأجترار الماضي البعيد ، والدور الوطني الحديث والجديد.
اما القصص القرآنية ، فقد جاءت من الجزء المُتغير من مراسيم الحياة، أي من تراكم الاحداث بعد وقوعها ، والتي حصلت فعلأ أو تصوراً ،ونقلها القرآن الكريم بأمانة التصديق، والتي وردت في النص المقدس ،لذا قال عنها القرآن الكريم انها الحق : “نحن نقص عليك نبأهم بالحق،الكهف 13″.
القصص القرآنية تعطينا خط تطور التاريخ الأنساني بالمعرفة والتشريع الواجب التطبيق لصلاح الرعية وتثبيت حقوق الناس وعدم الأعتداء على أستقامة العدل والقانون .ليست هي على سبيل التلهية والأتعاظ كما صورها لنا المنهج الديني الدراسي الفاشل ،لكنها هي الاخرى ليست كلها من واقع الحقيقة والتطبيق . لربما جاءت من واقع حركة الصراع الذي يؤدي الى
2
حدوث احداث تاريخية نتيجة للذي حدث، كالحرائق الكبرى نتيجة الرياح العاتية ،او الابادة البشرية نتيجة زلزال او غرق.لذا منها ما جاء على سبيل ذكر حوادث التاريخ التي حصلت بين آدم ونوح قبل الرسالات، في المراحل الأولى من حياة البشر،كقصص النار، وحياة الكهوف ، ودفن الموتى، ومنها تعلم البشر، وقسم منها ما جاء متناقضا مع احداث الزمن التاريخي في التثبيت ، كما في الاسراء والمعراج ،وقسم منها جاءعلى سبيل العضة والاعتبارلا غير.
اما قصص خط تطور التاريخ ،فبدأت بنوح ،ومن بعده بهود ،وصالح وشعيب ، وأبراهيم ، ويوسف واستمرت حتى موسى؟.
لقد قدم القرآن الكريم أستنتاجات من قصص الانبياء تبين بداية اتصال السماء بالأرض عن طريق النذر والأصطفاء لتعليم الانسان قصة الخلق وسريان العدل بينهم بعد ان كان البشر لا يفرق بين الحق والباطل كقول الحق : ” ان الله أصطفى آدم ونوحاً وآل أبراهيم وآل عمران على العالمين،آل عمران 33″.،ثم بدأ الاتصال المباشر من نوح الى محمد(ص) بالرسالات ،حين حُولت الآيات القرآنية الى أوامر تنفيذية لضمان الحق المطلق بين الناس ، كقوله تعالى :(انا أوحينا اليك كما أوحينا الى نوح والنبيين من بعده)،النساء أية 163.
ان القصص القرآنية ما جاءت للتسلية كما يقول بعض فقهاء الدين الذين يجهلون التأويل ،وانما جاءت لتبين مدى مراقبة الحق على الباطل الذي يفرضه الحكام على الناس ،حتى لو كانت تصورية .وقد بدأت بآيات النذر للمخالفين على عهد نوح “ان أنا الا نذير مبين،الشعراء 115”. ،والتقوى
3
للمؤمنين “أن أعبدوا الله وأتقوه وأطيعون،نوح3″.،والرحمة لعامة الناس ،فكانت النبوة هي الرحمة كقوله تعالى ” فبما رحمة من الله البقرة 26،اي الانبياء رحمة للناس”.فالنذر كانت البداية ليصبح التوحيد لله وحده كسلوك حين جمع بين الحق كوجود والحلال كسلوك..وكأن القانون البشري قد تغير الى قانون انساني منصف… ولكن مع الأسف الطغاة لا يدركون ؟
وبعد نوح كانت قصة هود،وهي قصة الدعوة الى التوحيد حين اصبحت مظاهر الشرك والظلم متعددة في قومه ،يقول الحق :” والى عادٍ أخاه هوداً قال ياقوم اعبدوا الله مالكم من آلهٍ غيره ان أنتم الا مفترون،هود50″.لذا تمثلت رسالته في التوحيد والتوبة والاستغفار.وهذا تطور مهم في حياة الانسانية التي تجهل وحدة الحق الانساني في ذلك الوقت ، ولا زالت.
ومن نبوة صالح ولوط وشعيب ويونس وابراهيم واسماعيل والياس وحتى يوسف ،تلخصت الرسالات بالدعوة للتوحيد والايمان بسلوك الحق والابتعاد عن الظلم والعدوان كأمر ملزم،لكن هل التزم الحاكم بالنص مسألة فيها نظر ؟. وفي عهد يوسف جاءت البينات التي تؤكد وحدانية الله والدعوة للحق المطلق بين الناس في قوله:” ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات…:ذلك يُضل الله من هو مسرف مرتاب،غافر 34″.
وفي عهد موسى بدأت تتجسد النبوة في آيات البصائر :” ولقد آتينا موسى تسعَ آياتٍ بينات فأسأل بني أسرائيل اذا جاءهم فقال له فرعون لأظنك يا موسى مسحورا،الاسراء 101 قال لقد علمت ما أنزل هؤلاء الا رب السموات والأرض بصائر واني لأظنك يا فرعون مثبورا،الاسراء 102.من

4
هنا كانت البداية للنقلة الاولى بخلاص المصريين من ظلم الفراعنة بعد طول استعباد وفتح المجال لحرية الأنسان ..
وقصة عيسى المسيح ان أعطاه الله البينات خارج الأنجيل وهي آيات مادية قابلة للأبصار مثل قصة الطير، وشفاء الأبرص ، وأحياء الموتى ، وهي معجزات تحتاج الى دليل،كما في قوله تعالى :”أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيراً بأذن الله وأبرىء الأكمهَ والأبرص وأحي الموتى بأذن الله وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم ان في ذلك لآية لكم، آل عمران 49″.
وأختتمت رسالات الانبياء برسالة محمد(ص) بقول الحق :” ..اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا،المائدة 3″.
لكن العبرة كلها خلال هذه المراحل التاريخية الطوال هي :هل استجاب الانسان للحق والعدل؟ كلا مع ان اصحاب الديانات السماوية الثلاث كانوا أكثر أهل الأرض عدوانا على الاخرين،حين فتحوا بلدانهم ونهبوا ثرواتهم وأعتدوا على اعراضهم بحجة النص الديني الذي لم نجد له عندهم من تفسير . الفتوحات للديانات الثلاث القديمة ضد حرية الأخرين.
ان القصص القرآنية في التاريخ اثبتت ان هناك مشخصات لا يراها الناس جاءت من السماء لتنذرهم ،ويذكرهم الله بالتقوى ويحثهم على الرحمة بينهم ويحذرهم من عصيان الحق كما في القدر حين لا يُبصر،وكما في قوله تعالى :”أو عجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رَجُلٍ منكم لينذركم ولتتقوا ولعلكم تُرحمون…فكذبوه فأنجيناه والذين معه في الفلك وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا أنهم كانوا قوماُ عَمِينَ ، الآعراف63 – 64″.وهذا اثبات واضح ان

5
الذين يخونون اماناتهم وأوطانهم سيلاقون المصير المحتوم على حسب ما جاء في النص المقدس الكريم.والاحداث القديمة والجارية تثبت ذلك.
كل الأحداث التاريخية تُظهر ان النبوات كانت قوانين الحقيقة الموضوعية المادية والتاريخية ،وهذا ما يجب ان تهتم به المدرسة والجامعة وتنهي مناهج مؤسسة الدين الطوبائية ليتعلم الطالب منهجا دينيا يستند على وقائع التحريك التاريخي وليس على افكار مؤسسة الدين التخريفية. كما اهتمت به اوربا وأوصلت الانسان عندها الى قناعة المنطق في تكوين دساتير العدالة وتطبيقها على كل مواطنيها دون تمييز..لا اعتقد نحن قادرون على التطبيق لتركيبة حضارية خاطئة فينا ورثناها من القِدم ، ولم يتوفر القائد الوطني للاصلاح الى اليوم.
ان الصيرورة التاريخية تنبأنا بأنتهاء عهد الظالمين وان طال او قصر، لان الله لا يقبل التهاون في خيانة الاوطان او الترهل فيها بالمطلق ، “أنظرالآية التي خاطبت الرسول والاعراب في عدم التهاون عن دفاع المقدسات في معركة مؤته ،لذا حين خاطبهم الرسول(ص) تقاعسوا ” يقول الحق : “عفا الله عنك لمَ أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين ، التوبة آية 43،”. ويوبخ الاعراب الذين تقاعسوا عن نصرة الرسول بقوله:” ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الاعراب ان يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبون بأنفسهم عن نفسه…التوبة 120″. هذه هي قيمة الاوطان في النص الديني فكيف جاز لهؤلاء الظلمة ان يوقعوا على سقوط

6
الوطن العراقي وتدميره بيد الأعداء دون اثبات مبين واليوم يحكمون باسم الدين ،فبأي دين هؤلاء يعتقدون ؟.
دول كثيرة حكمت وارتقت ، لكنها تجاوزت على الحق والعدل والقانون ، فأهلكها الله بيوم وليلة من حيث لا يحتسبون …كما في عاد وثمود ، وحين حَولَ الله تعالى سَدوم مدينة عاد الى عبرة للقادمين، أنظر آثارها في البحر الميت جنوب الأردن اليوم ؟ فهل حكامنا اليوم يجهلون..أم يتجاهلون وعد الحق أم لا يؤمنون ؟ أعتقد لا يؤمنون..
حتى قيل : (ان الظلم اذا دامَ دمر..) فهل نحن بأنتظار أمرالله في جدلية التاريخ لطوفان جديد نتيجة اختراق الاجماع الآلهي من الظالمين لحقوق الناس متناسين الله والتاريخ ومنفردين بسلطة الدولة والمال العام دون حق مبين.الناس جياع وعراة اليوم بين نازح ومهاجر ، والحاكم واعوانه في الملذات يسرحون ويمرحون ومراتباتهم وامتيازاتهم ومنافعهم الاجتماعية نصف ميزانية الاعمار والمواطنين (أنظر ميزانية الرئاسات الثلاث لترى كم هي بالنسبة لحقوق المواطنين) فعن أي قانون يتحدثون ؟ فأين حقوق الناس في الدين والقانون ؟ قانونهم اليوم كيف يُنتخبون..هيهات يُعادون ؟
من النصوص القرآنية والتاريخية نفهم قصص الطوفان بأختيار الآله بعد ان طغى فكر الحاكم على الناس ولم يعد يسمع او يرى كما في حكام المنطقة الغبراء اليوم المحصنون بالمليشيات القاتلة وكُتل الكونكريت ويدعون الدين….ومن يقرأ (ملحمة جلجامش ، وأتراخيس) ،يدرك ان الله يسمع ويرى جهرهم وسرهم ،(ألم يعلم ان الله يرىَ،العلق 14). وسترون كيف تكون عاقبة المكذبين ،ولكن متى وعد الله..؟ ان وعد الله لقريب . ؟هل
7
نبقى نجتر الذكريات ؟.كما في قوم نوح وهود وعاد وثمود ،الذي قال فيهم القرآن بعد محقهم ( وثمودَا فما أبقى ، النجم 51).
لقد أورد القرآن الكريم لنا (24 نبياً ورسولاً)،من هؤلاء هم ثلاثةعشر رسولاً جاؤا للناس برسالات وكتاب برسالة وأخرهم “محمد ص”، والباقي أنبياء بكتابفقط معظمها ضاعت .كل منهم أدى دوره وأنتهى دون نفع من نصيحة او دين ..ولم يكن معهم رجال دين يفتون للناس برأيهم ابداً ،لأن القرآن لا يعترف برجال الدين ، ولا يخولهم حق الفتوى على الناس ، ولا يميزهم بلباس معين كلباس رجال العهد القديم. اذن لماذا نحن متمسكون بفتاواهم ..؟الم يكن ذلك دليل غياب العقيدة الدينية والوطنية عندنا..بيقين؟.
وهناك بعض الانبياء جاؤا في الفترة الواقعة بين موسى وعيسى ومحمد بفترة زمنية تقدر بأكثر من 600 سنة وهم : أسحاق ويعقوب وهارون وأدريس وزكريا ويحي وداود وسليمان وذو الكفل واليَسع وآيوب ..ولم يأتوا بجديد لذا ظلت معتقداتهم وأتباعهم قلة في العالمين،ما عدا الزبور وهو نبوة داوود فقط ” وآتينا داوود زبورا،النساء 163″.وهو كتاب نبوة معرفي ليس فيه من جديد “نسخة منه مع التوراة القديمة كانت موجودة في المتحف العراقي- رأيتها بنفسي – قبل الاحتلال باعها بعض خونة التغيير..،هو كتاب متجانس مع التوراة والأنجيل ولا غير.
أمور كثيرة بحاجة الى تحقيق يجهلها الناس الى اليوم..ورجال الدين يدجلون…؟
ان حرية التعبير عن الرأي ،وحرية الأختيار هما اساس الحياة الانسانية في الدين كما يقول النص ،ومن حق الانسان ان يقول رأيه في اية مسألة دينية
8
يعتقد انها بحاجة الى تأويل ،كما ورد في القرآن “لكم دينكم ولي دين “. لذا ليس من حق اي احد ان يقول هذا ملحد وذاك مؤمن ،فالألحاد من عدمه حرية شخصية لمن يرغب ويريد .ولكن من يقبل بالنص كتطبيق.بعد ان فقد القانون وبرر الباطل رجل الدين ..؟ .
من هذا المنطلق الآلهي نحن نطالب وبشدة بفصل الدين عن الدولة ،وبجعل المناهج المدرسية تتوائم واقوانين الدولة المدنية وتخلوا الدساتير من النصوص الدينية المعوقة لتطبيق الديمقراطية بين المواطنين.وان يلغى النص الثاني من الدستور العراقي الذي يحدد القانون بالتشريع الديني المقيد بنص التطبيق.
ويبقى الدين مراقبا للاستقامة في التطبيق ان كانت له صفة الألزام عند معتنقيه لا غير. لنشق الكفن ونخرج الى عالم الحقيقة والمنطق في التطبيق، بعد ان تأخرنا كثيرا عن ركب الحضارة في العالمين .
والشاعر يقول :
لا تظلمنَ اذا ما كنت مُقتدراً فالظلمُ مرتعهُ يفضي الى الندمِ
تنام عينيك والمظلوم منتبهُ يدعو عليك وعين الله لم تنمِ
مآساتنا اليوم … ان الظالمين … يموتون دون عقاب…ودون قصاص ..ودون اعتراف ،لكنهم نسوا ان الله يبقى يراقبهم ليستعجلهم في العقاب ..حتى الممات..فبعدا للقوم الظالمين …فخونة الاوطان لا يؤمنون بدين او مُثل ولابوطن او قانون .

9
ونحن نقول.. الطاغية مهمته ان يجعلك فقيرأ.. وشيخ الطاغية مهمته ان يجعل وعيك غائباً…فمتى كانت سلطة الدين مع المظلومين ؟ أصحى يا وطن قبل الغرق…وستراهم بعينك كيف يُعلقون ؟؟
ان مشكلة الحاكم العربي جاهل لا يعلم…وجائع لا يشبع..وطوائف حاقدة يحركها الغريب لا يتفقون..وثقوا ان نهايتهم الى حيث كانت نهاية عاد وثمودا فما ابقى.اللهم أنزع عنهم حياء اللآدمية ليبقوا عراة لا يستحون..