23 ديسمبر، 2024 4:11 م

القصة الحقيقية لاحداث المول المنكوب في كركوك والمسمى ((جواهر))

القصة الحقيقية لاحداث المول المنكوب في كركوك والمسمى ((جواهر))

بدأت قصة عمارة مول الجواهر المنكوب والواقع مقابل مديرية الاستخبارات, باقتحام إرهابيان مسلحان لها, قدموا بسيارة اوبل سوداء جاءت من طريق بغداد بالاتجاه المعاكس ومرت من أمام دائرة الصحة ومن أمام أبراج حماية مديرية الاستخبارات ووقفت أمام المول بعد مضي دقيقتين من انفجار لوري مفخخ في مدخل بوابة مديرية الاستخبارات وتزامنا مع انفجار آخر من الجهة الخلفية للمديرية احدث فتحة في السياج المحيط بها وجرت محاولة اقتحام بالقنابل اليدوية والرشاشات منه. وقد نزل من السيارة الأوبل شخصان يرتديان الزي العسكري وكل واحد منهم كان يحمل بندقية كلاشنكوف وجعبة عسكرية ضخمة في ظهره كانت تحوي مخازن عتاد وقنابل يدوية , وعند دخولهم كانت هناك عدد من النساء وأصحاب المحلات وبعض العاملين , فصعد المسلحين إلى الطابق الثاني مباشرة من خلال السلم الكهربائي الذي يتوسط الطابق الأول ولم يعيروا انتباها للمتواجدين في المول حيث الواضح بأنهم لم يكن في نيتهم أصلا اتخاذ رهائن لأنهم اثنان فقط وكانوا سيفشلون بالسيطرة عليهم وإنما كانوا يطبقون مهام معدة مسبقا لهم في دعم مجموعتهم المهاجمة لمقر الاستخبارات من اعلى المول وقطع طريق الإمدادات الواصلة إلى المديرية ومنع خروج منتسبيها خارج البناية . واستطاعوا بعد دقائق من السيطرة على الطرق المؤدية الى مديرية الاستخبارات وقطع الإمدادات عنهم ليفسحوا لبقية مجموعتهم من اقتحام المديرية وتحقيق مخططهم , وعند فشل الخطة وعدم تحقق الاقتحام قرروا المطاولة في المقاومة ومحاولة انزال اكبر عدد من الخسائر في القوات الأمنية . وقبل بداية الرمي على الاستخبارات خرجت العائلة التي كانت متواجدة في المول مع بعض العاملين من الفرع الجانبي للمول .إلى أن بدأ الإرهابيين بالرمي وبدأ استهداف بناية المول من قبل القوات الأمنية , جعل هذا الأمر العمال المتبقين في العمارة يتيقنون بان العسكريين الذين صعدوا إلى فوق هم إرهابيين وليسوا من القوات الأمنية , عندها قرروا أن ينزلوا إلى السرداب ويختبئون هناك وكان عددهم (11) شخصا .وقد تم تامين الاتصال من قبلهم مع بعض أصدقائهم العاملين في القوات الأمنية  وإخبارهم بمكان تواجدهم في السرداب وإمكانية خروجهم لعدم وجود أي مسلح قربهم ومن الباب الجانبي في الفرع المجاور لمسجد بلال الحبشي , إلا أنهم يخافون من استهدافهم من قبل القوات الأمنية التي كانت تطلق النار بشكل عشوائي على جميع جوانب العمارة . وبعد مرور أربعة ساعات على بدا العملية دخل 7 عناصر من القوات الامنية السرداب وسمحوا لهم بالخروج من الباب الجانبي بعد تفتيشهم والتحقق من هوياتهم , وجيرت العملية على أنها إطلاق سراح للرهائن. والأدهى والأمر لم يكن هناك أي من الإرهابيين في الطوابق الأربعة الأولى وكان فقط هناك مسلح واحد في الطابق الخامس كان يناور من اتجاهين وأصيب بقذيفة مباشرة وقتل وبقي الثاني يناور من سطح البناية يرمي عدة أطلاقات كل حين من اتجاه مختلف ويختبئ خلف أجهزة التبريد الموزعة في سطح البناية .وعند وصول النيران والدخان إليه فجر نفسه وانتحر, ولم يتقدم أي شخص من القوات الأمنية ليدخل العمارة إلى أن تم احتراقها بالكامل .والتي كان من السهل جدا تحريرها وقتل الإرهابيين خلال نصف ساعة لكون كل طابق يحوي مدخلين واحد من الأمام من خلال سلم كهربائي والآخر من الخلف من خلال سلم اعتيادي ولا يمكن لشخص مشاغلة قوة ترمي من اتجاهين مختلفين في آن واحد .. ولكن القوات كانت غير مدربة ولم يكن هناك قائد عسكري محنك ميدانيا ليوحد الجهود ويرسم الخطة المحكمة لاقتحام البناية وقتل المسلحين ويوزع المهام للقوة المهاجمة , فكل كان ينشد ليلاه ,وفضلوا اختيار الأسلوب الدعائي واستخدام المول كهدف حي لتجربة أنواع الأسلحة والعتاد عليه وكل يرمي من زاوية ويجرب طاقته في الظهور كبطل قومي يحمل سلاحا ثقيلا ويصور بعدد من الكاميرات من عدة زوايا , وعند فشل المهمة ,انسحبوا جميعا وتم اختيار الطريق السهل ,وهو إشعال المول . لان النار والدخان سيصعدان إلى الأعلى بأقصى سرعة وسيتم القضاء عليهم أوتوماتيكيا بالتضحية بالمول والمحلات المليئة بالبضاعة السريعة الاشتعال , وادعاء إن المول قد احترق بسبب تفجير احد الانتحاريين نفسه وهذا يخالف الحقيقة والمنطق ,حيث شاهدنا النيران وقد انطلقت من أول محل في الطابق السفلي قرب الباب الفرعي (الذي خرج منه المحتجزون قبل ساعات من الحريق) في الوقت الذي كان هناك مسلح واحد يشاهد على شاشات التلفاز وهو يركض جيئة وذهابا في سطح البناية على بعد ستة طوابق من موقع اندلاع الحريق . حيث عند انتهاء العملية وجد احدهم مقتولا بإصابة مباشرة بالصدر والرأس من قذيفة منفلقة وهو ملقى قرب الدرج الخاص بالطابق الخامس والآخر كان قد فجر نفسه على بعد متر من الأول وعلى درجات السلم الخاص بنفس الطابق الخامس وقد تم العثور على  عدة مخازن عتاد وعلبة رصاص كلاشنكوف مبعثرة ومئات الخراطيش الفارغة من نوع 7,62 ملم فقط والخاصة برشاشات الكلاشنكوف ولم يتم مشاهدة أي خرطوشة فارغة تخص سلاح القناص الذي ادعوا وجوده على سطح البناية وتم تفتيش العمارة بالكامل وبواسطة كلاب مدربة ولم يتم العثور على أي متفجرات أو عبوات لاصقة وكما ادعوا أيضا بوجودها في الطابق الثاني وتحججوا بها لعدم الاقتحام , وكانت جميع معدات الإرهابيين قد حملت معهم وقد استنفذوها بحرفنة وتمكنوا من مشاغلة القوات الأمنية بها هذه الساعات الطوال وقتلوا وأصابوا من أصابوا وانتهوا أخيرا باحتراق العمارة بمن فيها.
وكان تواجد مديرية الاستخبارات في هذه المنطقة المليئة بالدور السكنية والمدارس المختلفة والكليات والمحال التجارية هو السبب الرئيسي لتدمير المول سابقا في تفجير انتحاري لسيارة مفخخة بتاريخ 9 / 9 / 2012 استهدف الجانب الأيسر للمديرية, والذي تسبب بتدمير معظم طوابق العمارة , وقد أعيد أعمارها ثانية وصرف عليها الملايين وتم افتتاحها ثانية في 1 / 12 / 2012 وبحلة جديدة وعمل أصحابها جاهدين على إظهارها بأبهى وارقى صورة , ولم يمضي عام على إعادة افتتاحها إلا وكان الحظ العاثر بانتظارها حيث تعرضت مرة ثانية وبسبب وجود دائرة الاستخبارات مقابلها إلى التفجير والتدمير بالقذائف وأنواع الأسلحة المتوسطة والخفيفة والقاذفات الصاروخية والتي دمرت الجدران والواجهات وكل شيء قائم فيها بتاريخ 04/ 12 / 2013.والتي استمرت المواجهات العسكرية فيها من الساعة الواحدة ظهرا لغاية الساعة الثانية عشر ليلا , وكان مسك الختام اشتعال النيران فيها وعدم السماح بدخول أي سيارة إطفاء لإطفائها إلا بعد مرور 50 دقيقة على احتراقها وتحولها إلى ركام بكافة طوابقها الستة وذلك للتأكد من هلاك الإرهابيين ,والحدث بكل تفاصيله كان ينقل مباشرة على شاشات التلفاز .
خلاصة الأمر إن عمارة الجواهر كانت قرباننا للتصارع السياسي والتحارب الحزبي بين القوى المسيطرة على إدارة كركوك , وقد ذبحت بدم بارد ورميت أشلائها تنهش بها النار..دون وجود ناصر لها. واحترق المول بعد مضي أكثر من عشر ساعات. وعليه توجب على القوات الأمنية إعطاء حجم اكبر للمهاجمين حيث هولوا من عدد الإرهابيين  ومن حجم أسلحتهم ونوعها وحجم عتادهم وعدتهم . وحتى وصلت بهم الجرأة على رمي التهم على العمارة , مرة بأنها قصرت في منع المهاجمين من دخولها وكأنها دائرة أمنية وليس عمارة تجارية .ومرة اتهموها باستغفال الإرهابيين لها وتأجيرهم محلا فيها لتخزين العدة والعتاد مسبقا , ليتنصلوا من المسؤولية ويرمون عار الإخفاق على عمارة الجواهر , وبهذا أتموا ذبحها من الوريد إلى الوريد وبدم بارد.
ومن طرف آخر تكاثر عليها المزايدون والإخوة الأعداء من كل صوب وحد وكل يريد أن يجعل من نفسه مدافعا عنها وجالبا لحقوق المتضررين ويقدم الوعود والآمال مدعوما بعشرات الكاميرات ومراسلي القنوات الفضائية الذين ينقلون تصاريح المسئولين من موقع الحدث ومن ثم يرحلون وكل قد زين صفحته الاجتماعية بالصور والتصريحات لتصب في دعم مستقبله السياسي المقبل , وتبقى الذبيحة وحيدة تتدلى أحشائها المحترقة تتقاذفها الرياح ولم يتقدم أي منهم حتى بتوجيه بسيط للبلدية برفع أنقاضها ولو من الرصيف العام حتى.
 ومؤخرا وبدلا من تقديم الاعتذار والمساعدة على لملمة الجراح وتضميدها والخروج من هذه المنطقة المنكوبة واختيار موقع بعيد عن المناطق السكنية ,أتمت دائرة الاستخبارات حلقات السيناريو الدرامي لعمارة الجواهر بقيامها باحتلال العمارة ونصب ثكنات عسكرية فيها بحجة حماية المديرية من أي هجوم آخر مطبقة المثل القائل ( ..بعد خراب البصرة ) وقررت منع أصحاب العمارة والمحلات من التقرب منها وعدم السماح لهم بالمباشرة بإزالة الأنقاض منها وكأنها غنيمة لا صاحب لها يمكن استحلالها متى ما يشاء .ولكي تمهد بذلك لبدأ أعمال النهب الممنهج لما تبقى منها دون وجود عين رقيب .
في الوقت الذي ما يزال أصحاب المحلات يركضون ليل نهار خلف معاملات التعويض وأتموا أكثر من ثلاثون ورقة رسمية تفرقت بين الدفاع المدني والشرطة والمحاكم ولجنة تعويض قانون عشرين والمحافظة.والكل يعدهم خيرا ويستلمون الوعود والعهود من كل صوب وحد ولم يقبضوا أي شيء لغاية هذه اليوم بالرغم من مرور أكثر من ثلاثة أسابيع على الحادث . وأموالهم قد احترقت ومحلاتهم خربت وأصبحوا تحت خيمة الجليل لا يملكون قطميرا وأطفالهم وعوائلهم بدون دخل وأعينهم تذرف دما لما آلو إليه ولا ناصر أو معين . 
هذه حكاية عمارة مول الجواهر المنكوبة انقلها لكم بكل تفاصيلها المؤلمة عسى الله إن يقيض من ينصرها ويعيد البسمة لأصحابها , ونراها شامخة مجددا وترجع لتكون جوهرة كركوك المتألقة وبأبهى مما كانت عليه سابقا وقوات الاستخبارات قد انتقلت من أمامها لتساهم بفتح باب الأرزاق لشاغليها وتعود البهجة ثانية لساكني منطقة طريق بغداد والذين تجرعوا جميعا ما تجرعوا من تواجد هذه المديرية بين جنباتهم لسنيين.
والختام مسك إن شاء الله …