مفاهيم العولمة تفترض مقاسات وسياقات مختلفة عن المألوف قي جميع مناحي الحياة , إذ أن استثمار المفهوم يعاكس البناء التقليدي , فلابد من إتيان أعمال خارجة عن العرف السائد ,
وهنا لااقصد الجانب الاجتماعي , لكني انظر من خلال التفاعل الأدبي على الساحة العراقية الضاجة بالنشاطات المتعددة والمنتديات المنتشرة على ساحة الوطن .
الجزء الخامس والاخير
الفراغ / المربع الرابع
أيقنت أنك ملاك فتحت لك قلبي فأبحرت وأهديتيني نظرات أشعلت أحراش جوفي فنسيت أوجاعي وكانت عيناك بؤرة من نار لسعت عظام جمجمتي فحسبتك دافئة كشمس الشتاء وأمرأة من كريستال. لكني في العيد اكتشفت ضحكاتك مع المحتفلين حينما رقصت للحب ألأجوف وعري الكلمات الوقحة لاتتوقف عن النزف الماجن وبقي جسدك متشرنق بحبال الشهوة .. فمضيت ولم يعد هناك ما يجمعنا. تحاولين رسم طلاسم لي حتى توقفين أفة الظنون .. لم تعد تنفع تعاويذك فقد فككت رموزك العصية .. يا من تجرأت ودست على ندوبي المتكورة فوق عشب لقاءنا فلا تنحري قرابين النذور لأن وليمتك الفاخرة صحت على حشرات العالم السفلي. لاشيء يوقف هدير صخبي فأن عوالمك نزق بلا أردية حياء وملمسك الناعم ما عاد يغري شباك روحي . أحجار أفكاري السوداء ترسبت في حجرات القلب. أطوي أوعية التمائم على غابات روحك المتوحشة التي وطئتها أقدام الغرباء لم يعد صوتك ينفذ إلى بقاع قبلاتنا الباردة. نضبت ينابيع الجفوة وجرحي فاغر فمه وعرفت أن لا أثم بلا خطيئة .. صار زادي حنظل ودثاري جمر يجرجرني نحو خواء مهترأ لاأيقن أن الزوج الثاني في انسحابه الأخير لايتمرد على السرير الخاوي. يتواصل الحراك الثقافي في مختبر السرد العراقي من أجل الاستمرار برفد القصة العراقية بمزيد من الإبداعات من خلال البحث الدائب في عصر العولمة عن جديد القصة التفاعلية بتوليد متنامي بحثا عن سرد يكشف ألوانا من النضوج الأدبي ضمن ساحة مفتوحة ومتاحة لجميع القصاصين.. وهنا يختم القاص ( كريم جبار ) المربع الخامس للقصة التفاعلية التوليدية (الفراغ) التي بدأها القاص ( صالح جبار محمد) بعنوان فرعي ( الخلاص)
الفراغ (المربع الخامس ) الخلاص
القاص / كريم جبار
أراد أن يخلق شرنقة في الوادي الأخضر .. تكون لهما خيمة في السراء والضراء . لكن عثة الأنوثة نخرتها لتجعلها فراغات توقد هشاشتها في سعير محتوم. تسأل: هل كان يضاجع جحيم الأنوثة لسنين مضت .. حاملا مأساتها عبر أهوال المحيطات التي يعدها لحظات من التيقن المأزوم للفحولة .. بينما هناك .. البعض يتسامى بين متاريس الخنادق يضاجعون أفواه المدافع.. ومنهم متجمهرين أمام مزاليج الأبواب الموصدة المخبئة فقاعات الجنس المحرم .. توهم كبير يخلط أوراق الصبر والانتظار حين يتبادلان الذرائع ويتقاذفان النار والطين في بوتقة ذلك الحب.. قال: كنا نتبادل القبل كبرد موحش ..أطلب الدفء للجسد المنهار المتسارعة خطاه إلى لحظاتها الأخيرة .. ليحيى في فجوات لامرئية .. ربما تسمى الفراغ.. تسأله بقولها: هل من شوق ..؟ وتومئ إلى ذلك البياض الثلجي المفجوج ذي الرغبة الجامحة في احتواء الذكورة داخل جوفه.. تأمل في صمت مطبق عتمة قادمة من الفراغ .. صمت لايضر ولاينفع كأحجار الطالع التي هي شيء من أثار الوثنية .. علي الخلاص. قال : هي كذلك .. تشبه بطيخة نتنة مجرد جوف يخرج رائحة تبعد الأنوف مسافات غير معلومة الأبعاد لارجعة لها لفتح طريق لاستذواق شيء جديد..
قد تلتف الألسنة حول الجوف لتفرغ محتواه وتستعيد مجد الرومانسية لتقتل فراغ فوران الرعشة المعهودة..
البنية التوليدية للنص القصصي
محمد يونس
افتراض نظري للفكرة
أن ميزة النص القصصي استناده الأولي على مغزى استثماري لحكاية اجتماعية ومن ثم يقوم المغزى بتأطير الحكاية فنيا عبر المنحى السردي وعكس الدلالات وبثها في كيان الحكاية التي تمثل من حهة أولى المعنى العام العاكس لحقيقة اجتماعية , ومن ثم يمر النص القصصي بمرحلة تنميط الخيال الإنساني سيوسولوجيا عبر القابلية البنيوية للغة القص , فاللغة اجتماعيا تشكل أجزاء لها فرديا وتتكامل بنا جميعا , ونحن نتفق في أنظمة النحو بها , ونختلف بالتأويل عبر ملكة اللغة الفطرية , ويرى جومسكي إن تلك المملكة تشكل عموم كمكتوب كما في النصوص الأدبية والاستجابة له في القراءة ومناحي التفكير الإنساني فيقول ( تدخل مملكة اللغة في كل جانب من جوانب حياة الإنسان وفكره وتفاعله )
ومن هنا نقف على مقصدنا في الإطار التوليدي في النص القصصي , وعلى الأخص المشترك في كتابته أكثر من كاتب ,إذ إن التفاعل هو صفة توليد ولكنها في السياق الاجتماعي لعنصر اللغة , وسأسند قناعاتي إلى أمرين مهمين :
النص التوليدي بوصفه تاريخ / 1
إن من المسلم به في النص الأدبي تكون اللغة محدودة في حدود كيان النصفي سرد المعنى الجوهري للنص من خلال المغزى الذي سياقه يؤهل السرد لذلك, ويكون مغزى الكاتب الأول مختلفا وسابقا لمغزى وتولد المعنى الجوهري لدا الكاتب الأخر فيكون السابق تاريخا والأحق بعد القراءة يتولد من تأويله معنى جوهريا أخر للنص لايخرج من مساحة المعنى العام الذي يشترك به الكتاب جميعا , وهكذا تتم صفة التوليدية النصاصية , والتي تقارب طروحات جوليا كريستيفا في التناص , كما غادمير ( إن العمل الفني يخبر المرء بشيء ما وما يكون ذلك بالطريقة التي فيها الوثيقة التاريخية شيئا ما للمؤرخ. )
لأن النص يقول معنى مجازيا لحقيقة اجتماعية دون بلوغ اللغة صفتها الاجتماعية في القوانين الرياضية وما شابه ذلك فتنطبق على النص توليديا صفة تاريخية , تأخذ فيها اللغة سياقا مختلفا تكون فيه صفة الإشارة إلى معنى ما غير محدد الإجابة لكنها في كل الأحوال لاتنفي الصفة التاريخية للمعنى , فيكون التاريخ تلك الجملة التي كتبها الكاتب الأول وكذا من يليه , وإما القارئ فهو منتج للتأويل المستند إلى الحقيقة الاجتماعية وهي ذات صفة تاريخية أيضا.
الصفة السردية في النص القصصي التوليدي /2 لابد إن تكون اللغة معيارية كي لاتقع في مطبات سردية , ونقصد إن تستند إلى منحى سردي , ومن الطبيعي إن النص التوليدي له من المواصفات ما لاينطبق على تاريخ الجنس القصصي , وكما يعتبر العنصر القصصي المتطرف عن المعيار المعهود للقص في جميع بلدان العالم. واعتقد إن السرد ها يكون محاكاة لجوهر الكتاب جميعا الذين يشتركون في كتابة قصة اسميها افتراضا نتاج توليدي , ويتجه السرد هنا في حركته باتجاه دائري ويكون وصفيا لذلك الجوهر , وتتشكل دائريا دوائر الروي وعبر المقاطع المكتوبة . وبها يمكن إن تتعدد الأصوات رغم وجود صوت أساس يتمثل في هكذا منحى قصصي بالشخصية المركزية والتي لاتفقد في مقاطع الكتابة السردية المختلفة المغازي ببعدها الاجتماعي والمعنى العام لها والبعد الدلالي , وتحدد حرية الأصوات عبر المعنى الجوهري للكتاب من خلال السرد وتتحرك الشخصية في مدياتها , والسرد الدائري في إطار وظيفته استاطيقي في الوصف والإشارة والتضمين وكذلك دلاليا يكون العنصر الجمالي أساس الدال والمدلول لتتمكن اللغة من وظيفتها في السرد الدائري وترسم ملامح غير تقليدية تتعدى بها الشخصية الصفات المألوفة بالمعنى العام والتي هي اعتقادات الكتاب في ذواتهم الاجتماعية , والقصد الأهم للسرد الدائري هو تخليص اللغة من إطارها التقليدي إلى معايير في الترميز والوصف الناتج من إحساسات الكتاب المتباينة والمختلفة حتى تقترب اللغة من اللغة الشعرية , لكنها لاتتعدى إجمالا كما في الشعر بل تحافظ على أفعال السرد بوصفها جمل حكي.
منعرج أم مفترق توليدي قصصي /3 أن مفهوم المنعرج يحدده غادميرعلى أنه تفعيل وتوليد وليس كما في المفترق فهو مفهوم وتصنيف والمنعرج سياق داخل سياق عام يستمد من نظم العام الدعم والحركة والفاعلية , والنص التوليدي في افتراضي النظري يمكن إن يكون مطابقا لمفهوم المنعرج ويبقى طابع المقارنة مقبولا إذا تقاربت الوظائف ومن الواضح إن التوليد داخل بنية غير تامة افتراضا يحتاج إلى نفس المادة الأولية ومحاكاتها جوهريا وهذا تقريبا ما يحصل في النص القصصي التوليدي , ويفيدنا بارت بكلمة مهمة يقول فيها ( إن النص جملة كبيرة )وهذا يلغي أي اعتراض على العمل القصصي التوليدي أو المسمى افتراضا تفاعلي , حيث إن إجمال المادة المكتوبة يشكل نصاً قصصيا دون النظر إلى المقاطع المكتوبة من عدة كتاب لأنهم على استناد بارت كتبوا نصا افتراضيا بمعنى إجماليا هو الجملة الكبيرة واللغة في سياق الحكاية تكررت في حياتهم مرات كثيرة.
وبذلك هم عرجوا إلى المعنى العام بإحساسهم الاجتماعي المختلف وحافظوا على روح النص المجازية باليات الكتابة والشروط العامة للنص القصصي . هذا الافتراض النظري أردت به إن تشمل فكرة المختبر السردي أفاق النقد المعادل لها مع حفاظه على الموضوعية رغم المنحى المعرفي وليس المنهجي.
التدخل ألقولي بديلا عن السرد ( الفراغ)تجريبياً
إسماعيل إبراهيم عبد
يمارس القاص( صالح جبار محمد) مناورة شبه سردية بفاعلية نوعين من الاشتراطات الاسترجاعية والاستتباعية وهما نمطان لهما أثر واضح على نهج القاص فالسؤال متى تقضم تفاحة أدم هي رجوع إلى ذاكرة يقينية لاستفهام واستعلام (خطأ) ما بدأ وأستمر في بدئيته حتى لحظة كتابة النص بما يفرعه من ماضويته. فهو .. هوة هروب نحو امتلاء (مشبع ) إن وجب العيش في صورته دون تجسيده أي في ( شرنقة الرجم , وعتبات التمني .)واهم ما يتسم به الشرط ألاسترجاعي للمظاهر الحراكية التالية : الفزع , الغضب , الشك .. وهي مؤديات لها حرية الغور في سادية تعذيب الذات … ويمكن لهذه الاسترجاعية أن تحيد الزمن وسطوة التوضيع فهي تشبه اللحظة المؤرخة ضمن ازاحية متحركة لذا فهي يمكنها أن تضخ اناها في لظى اللاشيء أو ( تزرع الخوار , وتحيل العطر رمادا يفجع العيون الوقحة). كما أن من مهمة هذا التوظيب التظليلي لشبه سردية الفجيعة أن يرمد اللحظة لتصير حالة نفسية تقدس أيقونة النشوى في التوجع المستخلص مظهره ب( فيضان قارورة الصبر , وثقل هواء , وضياع تضاريس , ثم هزال بدن , وولائم عدوان , واستجداء عتبات ثم رجاء اللاجدوى ) وهذه النشوى تستوجب ترتيبا ذاكراتيا خاصا من المفيد أعادته بالتشكيل التالي أماما لمقلوبية الانثيال القولي : وله عاصف راكم الروح عند حافة هم متكور تحت شغاف صبر حفظ في قارورة كي يستدرك توجع الأضلاع ويمنع تعري القدمين وبذا يلغي المسافات بين الذاكرة والوقيعة).) وما كان اشتراطا استرجاعيا صار شرطا أوليا لشبيه السرد ليواصل تبعاته اللغوية والحديثة ويوصل منافذ الانفتاح السابق إلى عتبة جديدة تعطيه منطقية ذلك العصف المفرغ من ( محتوى زمانه ) ومن اللفظة الأولى لسؤال ( من يعيد اللحظة الماضية ) ينبه القاص إلى أنه لن يعيد اللحظة بل يستعديها إلى زمنها اللاحق بالذات التصويرية والموضوعية فهي لحظة الاستتباع المتصاعد روائيا الذي راكن قوانينه وفق سبع حالات بديمومة تدرج شبه منتظم .. وهي حالات تمتلىء بالمكنونات الاحالية السابقة : أما ما يشي بهذا الاستتباع ذي التواصل القولي فهم الشخوص ( الأنثى , الزوج , الجمع) وهم منظمو الاستتباعية وليس غير . فلا زمان ولامكان ولاوصف لهم .. أذن ظلت الاستتباعية تتخذ من قوة الانثيالية في الاسترجاع السابق إليه لاحقة لإكمال التراكن الحدثي شبه السردي : لنلاحظ الحالات السبع : ) تفز في طريق الصد ما رد )1- 2-تجرجرها فضاءات العدم تعود إلى أول المشوار 3-فكرت بلحظة التصادم , كانت ساعة اتقاد أفقدتها التوازن 4-عيناه تلسع اضطرابها المدمن في ارتجاف الفوضى العارمة 5-تفرق الجمع .. ظلت وحيدة وسط نجيع صلافتها 6-تحاول الاتصال بمن تعرفهم .. لكنهم أوصدوا أبواب التواصل 7-أختبأت في بريق زيفها ..وتنتظر الفرج المأزوم في فراغ روحها هذه الحالات السبع تتصل مع بعضها بمكمل تبعي .. فالفقرة الأولى تكتمل في مضمور اللاحقة (تحملها نتانة التودد للماضي السحيق ) والفقرة الثانية تشتبك ذيليا بالتالي من الصورة ( خالية الوفاض , ليس سوى سلة التوسلات ) والفقرة الثالثة تنتشر مؤولاتها في تشتيت اللاحقة التالية ( شعرت بهشاشة موقفها رغم قساوة الكلمات التي تطلقها ) أما الفقرة الرابعة صارت تغطية ذاتية متقدمة على دالتها اللاحقة ضمن المقطع الجملي التالي : لم يكن مثل الآخرين الذين صادفتهم ( فيما اتخذت الفقرة الخامسة من نفسها لاحقة متأخرة لمقدار تدل عليه أساءت اختيار الوقت المناسب , ظنت أنها تكسب الجميع ) وهكذا تمهد للفقرة السادسة أن تحيل ذاتها إلى خيار قولي للانفتاح الحدثي في ( الريح تصفر عند أعتاب الجرح ) وعكس أن نتوقع جملة حدث اتمامية تلحق الفقرة السابعة سنجد ثلاث جمل حوارية برقية بين طرفي الذات والانا في الفقرة أعلاه لتغدو الجمل لواصق كولاجية تتوسط بين بدء الفقرة ونهايتها هي:
( جملة : تماطل نفسها + جملة : عسى أن ترضي من تلتقي به + جملة : وتكشف تعرضها لعطب أصاب مسارها) وهذا التراكم ألذيلي يضاف إلى ذلك الترتيب السباعي . هذه التشاكلية بين قوى الاسترجاع وقوى الاستتباع والمقيمة حدودا من التدخلات تعني أن القصة تحتوي الفراغ فلسفة وجود موضوعي حدثي نفسي دون أن تهتم بقوى السرد الاعتيادية.. )
وأهم مافي تجربة القصة أنها قلبت المعادلة الهيكلية احتوت الفراغ بالبدء عنده لتنتهي بالإفراغ عنه لكن بصيغة وفاعلية الانثيال والتراكم الصوري القولي تعويضا عن السرد المتعارف عليه