23 ديسمبر، 2024 6:16 ص

القروض الدولية تكريس لمفهوم التبعية الاجنبية

القروض الدولية تكريس لمفهوم التبعية الاجنبية

ما من دولة حصلت على قرض صندوق النقد الدولي وحققت عائداً تنموياً ملموسا ,ًفكل هذه الدول لا تستطيع تحقيق نهضة اقتصادية أو تنموية، فالقروض تدمر الاقتصاد، وتؤدي إلى تآكل الطبقة الوسطى لتهبط إلى طبقة الفقراء، وتتقلص طبقة الأغنياء , انها التجربة الفاشلة للاقتراض من الصندوق الدولي كتجربة فنزويلا في التسعينيات والتجربة المصرية والمغربية , والبنك الدولي هو الاخر ينتهج نفس سياسة صندوق النقد كما حصل مع (ماليزيا، تايلاند، كوريا الجنوبية والفيليبين) التي لم تخرج من الفخ الى الآن، “باستثناء ماليزيا التي حظيت برجل اقتصادي مهاتير محمد الذي حرص على معالجة الخلل الداخلي في الجهاز المصرفي , وهناك دول اخرى رفضت قروض البنك الدولي ك(البرازيل واليونان والصين)

لقد انتابتني حالة من القلق والتوتر عندما سمعت ان العراق قد تعامل مع صندوق النقد الدولي عام 2004 لكون شروط صندوق النقد الدولي يمثل أحد أشكال اختراق السيادة الوطنية للدول من باب الاقتصادكوسيلة للسيطرة على القرار السياسي، ومن هنا تكمن خطورة الانصياع لسياساته، لأنها تفقد الدول استقلالها الاقتصادي والسياسي وتكرس مفهوم التبعية؛ كون هذه القروض مربوطة بقيود وشروط تفرض على الدول المدينة اتباع تعليمات البنك تجاه التعامل مع هذه القروض وإمكانية الحصول عليها، حيث تفرض الأطراف المانحة الى اتباع سياسات وبرامج تعمق من تبعية الدول المدينة لرأس المال الدولي وذلك من خلال الشروط والمعايير المحددة مسبقًا من البنك، وتكون المنح والقروض مرهونة بتطبيقها , اضافة الى ذلك ان النتيجة تكون فساداً وتزايداً للبطالة وخسارة الكثير من المواطنين ووظائفهم ومزيداً من البطالة , فقروض صندوق النقد الدولي المشروطة لم تشفع لبلد مثل العراق معه ثروته النفطية، ولا غنى في موارده الطبيعية، ولا تميزه بموقع جغرافي يعطيه موارد سياحية أو تجارية , فالوصفة الجاهزة للصندوق والتي تتمثل بعدم دعم اسعار السلع الاساسية والغاء دعم المحروقات وخفض دعم الكهرباء وتطبيق ضريبة الرواتب وتحرير سعر العملة وهو ما يعني مزيداً من الارتفاع في سعر السلع والمنتجات, ويصاحب ذلك انخفاض الإنفاق على الخدمات العامة، ومحاولات ما يسمي بسياسات “استرداد سعر التكلفة , وتوقف الدولة عن تنفيذ برامج التشغيل، والدخول في سياسة الاستغناء عن بعض العاملين لديها, ونتيجة لتوجهات صندوق النقد الدولي تم تطبيق قانون ضريبة الدخل على موظفي الدولة العراقية وتم الاتفاق على اعفاء الموظفين من الدرجة الثالثة الى العاشرة وشمول الموظفين من الدرجة الثانية صعودا ويكون التحاسب على كامل الدخل وليس على الراتب الاسمي ، كما طلب الصندوق من العراق تقديم حسابات فصلية تثبت عدم وجود اي تلاعب بمنظومة الحماية الاجتماعية والنازحين والبطاقة التموينية وتسديد مستحقات الشركات النفطية , فما علاقة مستحقات الشركات النفطية بموضوع سياسية صندوق النقد الدولي؟! لا شك أن هذا الشرط لا صلة له بالقرض الموعود، ولكنه يخدم شركات النفط؛ لأن هذا القانون النفطي الذي بدأت تتضح معالمه الآن هو مدخل لإعادة ملكية النفط العراقي من قبل الشركات العالمية الغربية وبشروط مجحفة في حق العراق، وهو في نفس الوقت بالون اختبار لما يمكن أن يحصل للقطاعات النفطية في بقية دول المنطقة التي ما زالت في مرحلة الممانعة من عودة هيمنة الشركات الغربية على الثروة النفطية ظاهريًّا على الأقل.

كان يفترص بصندوق النقد الدولي مراقبته لزيادة الانتاج الوطني العراقي وعدم الاعتماد على الاستيراد الذي اغرق السوق فيه , وكان الاجدر تفعيل القطاع الخاص وتنفيذ القوانين الاربعة (حماية المستهلك – التعرفة الكمركية – حماية المنتج الوطني – معالجة الاحتكار) ولم نلمس عن البرامج التي طرحها صندوق النقد الدولي لمعالجة ظاهرتي البطالة والفقر في العراق ،

ولم نرى برامج للصندوق من شأنها تفعيل القطاع المصرفي الخاص في العراق بالاستفادة من القرض الدولي.

اخيرا بموجب الاتفاق مع حصل العراق على قرض دولي بمبلغ 5.4 مليار دولار وهو جزء من القرض الكلي البالغ 16 مليار دولار وسيتم منح ما تبقى منه على دفعات وبفائدة 1.5 بالمائة ولمن يتساءل نكتفي له بجواب عام مفاده أنها المرة الأولى في التاريخ التي يتم تطبيق برنامج إقراضي على دولة نفطية هي العراق التي هي اغنى دول العالم باحتياطيها والتي حققت ايرادا يصل الى 1000مليار دولار منذ عام 2003 والى اليوم !!!