22 ديسمبر، 2024 6:54 ص

القرصان الأقتصادي— نموذج صندوق النقد الدولي !؟

القرصان الأقتصادي— نموذج صندوق النقد الدولي !؟

لقد رشفنا الثراء المعرفي وقيمية الكلمة الحرة الصادقة من مدرسة فهد وسلام عادلالنضالية في خمسينات القرن الماضي عن مفهوم الرأسمالية الجشعة وفلسفة الماركسية و(علمها) كارل ماركس وأستذكرت مقولته اللاذعة ( الرأسمالية ستحول الحياة إلى عملية ركض متواصل لينسحق فيها تحت الحشود من يتوقف ليلتقط أنفاسهُ ) ، وربما لقيتُ ضالتي وأنا في شارع المتنبي في بغداد الحبيبة وأقتنيتُ هذا الكتاب المثيربسيمياءعنوانهالأغتيال الأقتصادي للأمم لجون بيركينز” وألتهمتُ صفحاتهِ ال272 بشغف وترقب ، وهو ترجمة مصطفى الطياني وعاطف معتمد سنة 2019 دار الرافدين للنشر والتوزيع .

موجز وصف الكتاب : عبارة عن مذكرات قرصان أقتصادي دولي يقصد به المؤلف ديكينزصندوق النقد الدولي وهومواطن أمريكي وخبير أقتصادي ومستشار أستراتيجي ويحكي تجربته لهذه الوظيفة بأسلوب فضائحي بكشف أعترافات الأمبراطورية الأمريكية وربيبتها البنك الدولي ضمن حديثه عن الأسلوب القديم في الأستحواذ والأستعمار للدول النامية وتسمى دول العالم الثالث حيث لجأت الدول القديمة ( بريطانيا وفرنسا ) للأستحوازعلى مقدرات الأمم ومنابع الطاقة ،حينأستخفت بها وسائل الأعلام تلك القوى الناعمة والخفية بأنها أساليب مستهجنة ومفضوحة ومعيبة لذا نهجت الولايات المتحدة نهجا شيطانيا مختلفا هو ما يعرف باللبرالية الحديثة في سياسة الأحتواء الأقتصادي في أستخدام المؤسسات الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في تقديم مساعدات مالية كقروض في بناء البنى التحتية والفوقية لهذه الدول مقابل أن تقوم الشركات الأمريكية بتنفيذ المشروعات الأستثمارية الكبرى في الدول (المستدينة) مثل محطات الطاقة والمطارات وشبكات الطرق والأتصالات ومسألة وقت حين تتراكم الفوائد وتكون ثقيلة على الدول المستدينة السداد وهنا تدخل الولايات المتحدة في تقديم المساعدات المالية مقابل أنشاء قواعد عسكرية على أراضي هذه الدول أو لتمرير قرارات معينة في مجلس الأمن الدولي أو أصلاحات داخلية كمنظومة الطاقة أو خصخصة القطاع العام والنتيجة الكارثية : خسران الدول المستدينة والرابحة الولايات المتحدة الأمريكية وصندوق النهب الدولي (كتاب الأغتيال الأقتصادي للأمم لجون بيركينز ) .

صندوق النقد الدولي هو وكالة متخصصة من وكالات منظومة الأمم المتحدة ، أنشيء بموجب معاهدة دولية عام 1944 للعمل على تعزيز سلامة الأقتصاد العالمي ، ويقع مقر الصندوق في واشنطن العاصمة ، ويديرهُ أعضاؤهُ الذين يمثلون جميع بلدان العالم تقريباً بعددهم البالغ 189 بلد ، وأهداف الصندوق -( المفترض )-يشمل تشجيع التعاون الدولي في الميدان النقدي وتيسير التجارة الدولية والعمل على أستقرار سعر الصرف وتدعيم الثقة بين المصارف العالمية ، ومصادر أمواله من أشتراكات تلك الدول بشكل حصص نفعية ربحية من نسب الفوائد المضافة على القروض الدولية ( الموقع الرسمي لصندوق النقد الدولي بالعربية بتصرف )

الشروط التعسفية لصندوق النقد الدولي في الأقراض !؟

وسوف أستعرض نموذج العراق كدولة مستدينة والعجز في الميزانية هو الذي دفع العراق لأحضان صندوق النقد الدولي والرضوخ لشروطها التعسفية والموجعة بحجة أنخفاض سعر البرميل من النفط الخام إلى أقل من 40 دولار منذ 2011 والسنوات اللاحقة وافق الصندوق على أقراض العراق 4-5 ملياردولار وعلى مدى ثلاث سنوات وبهذه الشروط :

تسديد كل المستحقات المتاخرة لشركات النفط الأجنبية العاملة في العراق منذ 2016

– مدة القرض على مدى ثلاث سنوات .

– وتشمل شروط الأصلاحات الأقتصادية في العراق ، التي تشمل زيادة في الضرائب والرسوم الكمركية ورسوم الكهرباء والرقابة المصرفية في مكافحة الفساد الأداري والمالي وغسيل الأموال .

وضعت الحكومة وهي تحت ضغط شروط الصندوق بظهور ( التداعيات ) التالية :

1 فتنحو إلى التقشف وفرض الضرائب التي تلهب الأسعار والتي تقود إلى الفوضى والأرباك المجتمعي والأقتصادي .

2- خفض دعم السلع التي كانت مدعومة بنسب كبيرة والذي كان من تداعيات هذا الشرط هو التحرش بخبز المواطن فرفع الدعم عن المخابز حيث وصل إلى 100% بدل أن كان يأخذ ثمان صمونات بالألف دينارعراقي اخذ يحصل على أربعفقط .

3تحرير أسعار الوقود بأنواعه البنزين والنفط الأبيض والأسود والغاز السائل. .

4 زيادة أسعار الخدمات المدنية في مقدمتها المياوالكهرباء والأتصالات تمهيداُ لتحريرها بالكامل ، وبيع أصول الدولة وتطبيق برنامج الخصخصة في أغلب المجالات الخدمية كخصخصة الكهرباء والماء ومجاري الصرف الصحي .

5– فرض ضريبة قيمة مضافة 15% على أسعار السلع والخدمات .\

6– الضغط على قانون الخدمة المدنية الذي يتم من خلاله الأستغناء عن مئات الآلاف من العاملين بالجهاز الأداري للدولة .

7– تعويم العملة المحلية*: بدل أن تنصح في معالجة الأسباب التي أدت إلى حدوث العجز في الميزانية فهو يلجأ إلى أخبث الطرق الذي هو تعويم العملة المحلية ، أو معالجة الأقتصاد الأحادي الريعي المعتمد على بيع النفط بنسبة 97% ودون أن يقدم دراسة مستفيضة أو يشجع على طلب تلك الدراسات التنموية في النهوض بالقطاعات الأقتصادية كالزراعة والصناعة والسياحة ، ولم نجد خطة صادقة لدى صندوق النقد الدولي لزيادة أنتاج صادرات البلاد التي تعاني من مشاكل وأزمات مالية وأقتصادية وتحسب أيرادات البلاد من النقد الأجنبي ، ولم نلمس خطة في محاربة الفساد والفقر والبطالة ، ولم نسمع من أصحاب قرار الصندوق عن خطورة عدم فصل موازنة الدولة والموازنات الشخصية المصرفية في البنوك الخارجية ، ولا تطرقت إلى كوارث وألاعيب البنك المركزي في عملية ” مزاد بيع العملة ” المفضوحة من تحت عباءة أصحاب المصارف الأهلية وبعض من الحكومة في تبييض المليارات بشكلٍ علني وأخراج العملة الصعبة ولو على حساب غطائها النقدي لموجودات البنك المركزي .

8وأن هذا العجز وهدر المال العام والعشوائية في البرامج الأقتصادية لا يمكن أن نعلقها على شماعة الصندوق الدولي بقدر ما تفرضالضرورة المكاشفة الواقعية والحقيقية في السياسات الحكومية الخاطئة وسوء الأدارة هي التي دفعت الحكومة إلى لجوئها لصندوق النقد الدولي ، والحرب الداعشية الظلامية حتماً تبدو حرباً أستنزافية أحرقت اليابس والأخضر بأرقام مليارية مرعبة سوء ، وكان لسنة 2011 و2013 وأنخفاض سعر البرميل إلى أقل من 40 دولار ، وحتماً يرجع السبب إلى نكوصات الحكومة في ةالأدارة المالية وغياب التخطيط ولا ننسى أن الذي سيدفع فاتورة هذه العثرات هو المواطن ، والكارثة أن الخروج من أخطبوط

9-الأرتهان للأستيراد ، الأقتصاد الريعي ، التلاعب بمصير الأحتياط النقدي ، غياب الضوابط الضريبية والكمركية على البضائع المستوردة ، عدم خضوع المنافذ الحدودية و بعض المطارات إلى سلطة الحكومة المركزية ، قلة مساهمة القطاعين الصناعي والزراعي في عملية التنمية، ربما تكون نسبة مساهمة الصناعة 1% والزراعة 3% ، غياب العامل الأستثماري في البلاد عموماُ ، البيروقراطية والمحسوبية والمنسوبية والفساد الأداري والمالي ، أرتفاع مؤشرات التضخم النقدي بسبب الكساد الأقتصادي والبطالة والفقر ، الأرث الثقيل من النظام البائد في أقتصاد منهك غارق في حروب عبثية ومديونيات ثقيلة للجارة الكويت مما أوقع العراق تحت البند السابع ذلك الثقب الأسود الذي أبتلع المليارات من أموال الشعب العراقي الذي لا ناقة له ولا جمل ، وغياب الولاء الوطني وتجيرهُ للولاء الكتلوي والفئوي والحزبي الذي كان ضحيته الأقتصاد العراقي الذي يشكل ديمومة من الأزمات على المواطن العراقي .؟!

الحالة المتردية للأقتصاد العراقي لعقدين عجاف

وصول نسبة الأغراق في نظام السوق ل95% التي أصابت الصناعات الداخلية بالشلل التام للقطاعين الخاص والعام ، كما وأدت سياسة السوق المفتوحة إلى أغراق العراق بسلع رخيصة ومبتذلة كمالية وربما الطامة الكبرى تكون مسرطنة وملوّثة ، طالما يفتقد المستهلك ثقافة السوق وأتباعه هوساً شرائيا .

– أنخفاض النقد الأجنبي لموجودات البنك المركزي الذي يعتبر غطاءاً للعملة المحلية .

– ان البلاد دولة ريعية وتبقى رهينة الريع الطبيعي ، وتختفي فيها الأنشطة الأقتصادية المساهمة في مداخيل الميزانية ، ومن عيوب الأقتصاد الريعي أمتلاك الدولة فوائض من رأس المال تحاول البيروقراطية الأقتصادية أن تجعل أساليب الأنفاق العام تحت هذه الظروف الملتوية ، وبالتالي تؤدي إلى نتائج عكسية تعوق عملية تقدم وتطور النظام الأقتصادي والأجتماعي ، وكارثة الأقتصاد الريعي أنها تضخُ الأموال الطائلة وتستعملها الحكومة ( كمخدر ) لأمتصاص غضب الشارع ، بينما وجههُ الآخر يؤدي إلى تشجيع الأستيراد وطرد العملة الصعبة التي حصلت عليها الحكومات من النفط ، وتتعرض الدولة الريعية ألى أضطرابات أقتصادية ما دامت متصلة مشيمياً بالسوق العالمية ، وخير مثال: هبوط سعر الرميل من النفط الخام عالمياً من 110 دولار للبرميل الواحد إلى أقل من 41 دولار ، ولم يكن سلبيات الأقتصاد الأحادي سياسية وأقتصادية وأجتماعية بل شملت ( أخلاقيات ) العمل في أنتشار الأتكالية وتضخم الجهاز الأداري المؤطر بالبيروقراطية  وعلى الأغلب تولي دكتاتوريات وراثية كمتا هو الحال في دول اخليج للسيطرة الأسرية على الثروة .

– ظاهرة غسيل الأموال Mony Laudering الشائعة واليومية في مزاد العملة للبنك المركزي ، أن الأصطلاح عصري بديل للأقتصاد الخفي أو الأقتصاديات السوداء أو أقتصاديات الظل ، فهذه الأموال الغير مشروعة المكتسبة من الرشوة والأختلاس والغش التجاري وتزوير النقود ومكافئات أنشطة الجاسوسية والسرقة ونهب المال العام وتسهيل الدعارة وتهريب المخدرات وتهريب النفط وتهريب الآثار وتهريب الأطفال والأتجار بالأعضاء البشرية وريعية نوادي القمار وتصنيع النباتات المخدرة وأختطاف وأحتجاز الأشخاص ، تخلط بأموال مشروعة لأخفاء مصدرها الحرام والخروج من المساءلة القانونية بعد تظليل الجهات الأمنية .

ما الحل إذاً؟؟؟

ليس هناك حل حقيقي أو عصاً سحرية في معالجة مال ششكلة هذا الأقتصاد المريض سريرياً لأنها بمجملهِا قضية أخلاقية خيوط اللعبة بيد دول الجوار أيران وتركيا والسعودية وديناميكية اأمريكا لجميغ بيد

وللأسف الشديد أن هذه المنظومة الأخلاقية قد خربها المحتل الأمريكي المتغطرس والعدواني ، ويجب عدم الأستهانة بهذه الظواهر الأقتصادية المجتمعية والمهزوزة والخاضعة اليوم إلى نظام الكتروني رقمي فائق السرعة في أتصال تلك المافيات العراقية والأقليمية بل والدولية ضمن شبكة عنكبوتية بمساعدة الديمقراطية الأمريكية أن هذه المافيات المليارية المرعبة محمية من قبل (بعض) اصحاب القرار السياسي او ما يسمون بجحوش السلطة —-!!!؟؟؟ ، وهذه العشوائية الأقتصادية والتخطيط الغير مدروس والغير مبرمج أو ممنهج حتى حسب نظريات سوق (عريبه) أشتراكية رشيدة أو حميدة مما أدى إلى فوضى الأمن الداخلي والخارجي وفقدان الثقة بين الجمهور والحكومة مما سهل أختراق أرض الوطن من قبل عصابات ظلامية عابرة للحدود والتي دفع الشعب العراقي فواتيرها دما ومالا وخبزا ومديونية والتي أفضل من قال فيها سيد البلغاءالأمام علي { — اللهم أعوذ بك من هم الدين وغلبة الرجال } ، وأن تطوير الأقتصاد العراقي بكافة قطاعاته الأنتاجية والخدمية مرهونة بتفكيك الأقتصاد الأحادي أو الريعي ، وأشاعة ثقافة الولاء للوطن لا للأنتماء الفئوي والكتلوي —-

*تعويم النقد المحلي : هو جعل سعر الصرف محرراً بالكامل عن سلطة الدولة والبنك المركزي ، ويتم أقراره تلقائياً في سوق العملات من خلال ألية العرض والطلب ، وهو ألعن شرط مأساوي حين يكون النقد تحت رحمة حيتان المضاربين الجشعين والذي سوف يؤثر سلباً على قيمة الموجودات النقدية في البنك المركزي والنتيجة الكارثية الفقر والبطالة والغلاء الفاحش .

هوامش

سمير شعبان/جريمة تبييض الأموال 2016/

صندوق النقد الدولي وفاتورة الأرتهان

كاتب وباحث عراقي مقيم في السويد